بعد زواج دام أكثر من 35 سنة، حكمت المحكمة الكبرى الشرعية بنفي نسب 5 أولاد لستيني من مطلقته بعد إجرائه تحليل DNA أثبت أنه ليس الأب البيولوجي لهم جميعاً. وقضت المحكمة بإلغاء كافة الآثار المترتبة على هذا النسب في مواجهة هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، والإدارة العامة للجنسية والجوازات، وأكدت المحكمة أن النتائج المبينة بتقرير الخبرة الفنية لها حجية شرعية وقانونية قاطعة لا تقبل العكس.
القصة العجيبة سردتها وكيلة الزوج المحامية إبتسام الصباغ، حيث قام وكيلها بتطليق زوجته في يونيو 2024، والتي أنجب منها 5 أبناء أكبرهم يبلغ من العمر 35 عاماً والأصغر 25 عاماً، وفي أحد الأيام أصابه عارض مرضي، فتوجه إلى أحد الأطباء وطلب منه إجراء تحاليل مخبرية، وأخبره الطبيب بأنه يعاني من نقص شديد بكثير من الهرمونات والأنزيمات المهمة، وبالتالي فإنه لا يستطيع الإنجاب، لكنه أبلغ الطبيب بأن لديه من الأبناء خمسة، فأشار عليه الطبيب بالذهاب للمختبر للتحقق من نسبة الأبناء له، فقام بإجراء فحص البصمة الوراثية للولد الأكبر ليتضح له عدم وجود أي صلة نسب معه، ومن ثم تقدم ببلاغ لدى مركز الشرطة والذي أحيل إلى نيابة الطفل والأسرة، وتم استدعاء جميع الأبناء الخمسة وإجراء فحص البصمة الوراثية إليهم جميعاً، وبعد ظهور النتيجة نصحوه برفع دعوى شرعية تتعلق بنفي النسب.
ونوهت المحامية إبتسام الصباغ بالمقرر في فقه المذهب الجعفري بأن نسب الولد لأبيه وإن كان يثبت بالفراش والإقرار والبينة، إلا أن ذلك مشروط بعدم تناقضه مع قواعد الشريعة الإسلامية، بمعنى أن كلّ ما أمكن أن يلحق الولد بالزوج يجب أن يلحق به في ظاهر الشرع، فمتى علم الحاكم بهذا الإمكان قضى به من غير حاجة إلى الإثبات، ومستند هذه القاعدة (الولد للفراش)، فإنه يدل على أن كل ولد للفراش حتى يثبت العكس، أما إذا ثبت عدم إمكان الإلحاق واقعياً أو علمياً فلا يصح إلحاق الولد بالزوج وإثبات النسب إليه في هذه الحال استناداً لقاعدة الفراش والقاعدة المتفرعة عليها وهي إمكان الإلحاق، كما في حالة وجود المانع الخلقي من قبيل حالة اختلاف الأنزيمات وفصائل الدم بين الأصول والفروع.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم: لما كان الثابت من تقرير الخبرة الفنية لفحص الجينات الوراثية DNA بمختبر البحث الجنائي التابع للإدارة العامة للأدلة المادية بالنيابة العامة للمدعي والمدعى عليها الأولى والأولاد الخمسة المطلوب نفي نسبهم، أنه ينفي نفياً قاطعاً أن يكون الأولاد الخمسة من صلب المدعي، وهو ما أكده تقرير الخبرة الفنية والمودع في ملف القضية والذي قطع أيضاً باستحالة أن يكون هؤلاء الأولاد من صلب المدعي، الأمر الذي لا يثبت معه نسبهم إلى المدعي بفراش الزوجية السابقة، وبما يكون معه الإقرار الصادر منه بالبنوة مما يكذبه العقل، لأنه مما لاشك فيه أن لهذه النتائج المبينة بتقرير الخبرة الفنية حجية شرعية وقانونية، وهي حجية قاطعة لا تقبل العكس، لأن فحص الجينات الوراثية يُعدُّ من القرائن العلمية القاطعة الدلالة في نفي الأبوة أو البنوة، كما يُعدّ من القرائن في إثباتهما أيضاً بحسب قواعد النظم المعملية المقررة، لأن اختلاف الأنزيمات وفصائل الدم بين الأصول والفروع يُعدُّ وعلى نحو ما ورد الأبحاث العلمية في هذا الخصوص من قبيل المانع الخلقي الذي لا يثبت به نسب الولد إلى الرجل.
وحكمت المحكمة أولاً: بنفي نسب الأولاد الخمسة عن المدعي وبإلغاء كافة الآثار المترتبة على هذا النسب، وفي مواجهة المدعى عليه السابع (هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية) والثامن الإدارة العامة للجنسية والجوزات والإقامة كل بصفته.
ثانياً: بإلزام المدعى عليهما السابع والثامن بمحو اسم المدعي، من جميع المستندات الرسمية الثبوتية للأولاد الخمسة.