سيد حسين القصاب

اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل ترسم ملامح شراكة استراتيجية جديدة

شراكة بالأمن والتجارة والتكنولوجيا والفضاء وبرامج تعليمية وثقافية لتعزيز العلاقات

«فريق البحرين» سيظل شريكاً وثيقاً ومستقبلاً واعداً للمملكة بفضل شبابها الطموح

أكد السفير الأمريكي لدى مملكة البحرين ستيفن بوندي أن العلاقات بين البحرين والولايات المتحدة اليوم أقوى وأعمق من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل أرست أسس شراكة استراتيجية جديدة تشمل الأمن والتجارة والتكنولوجيا وعلوم الفضاء، إلى جانب التعاون الاقتصادي الذي تُوّج بصفقات مهمة، أبرزها إطلاق خط طيران مباشر بين المنامة ونيويورك.

كما شدد على أهمية البرامج التعليمية والثقافية في تعزيز الروابط الإنسانية، لافتاً إلى أن البحرين ينتظرها مستقبل واعد بفضل شبابها المتعلم والطموح. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده السفير الأمريكي بمناسبة انتهاء فترة عمله في المملكة، والتي بدأت رسمياً في 9 فبراير 2022 بعد تقديم أوراق اعتماده إلى جلالة الملك المعظم، وذلك عقب تعيينه من قبل الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في ديسمبر 2021.

وأعرب بوندي خلال المؤتمر عن اعتزازه البالغ بخدمة بلاده في البحرين، مؤكداً أن فترة السنوات الثلاث والنصف الماضية شهدت نمواً ملحوظاً في الشراكة بين البلدين، لتصبح أكثر عمقاً وقوة وديناميكية في مختلف القطاعات، من الأمن والدفاع، إلى التجارة والتعليم والابتكار، وصولاً إلى الروابط الإنسانية المتينة التي تشكل أساس هذه العلاقة.

وأوضح أن هذا التقدم تجسد بوضوح في «اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل» الموقعة في سبتمبر 2023 بين صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن، والتي أرست حجر الأساس لشراكة حديثة تدعم الأمن المشترك وتفتح آفاقاً للتكامل الاقتصادي، قبل أن تنضم المملكة المتحدة إليها هذا العام لتعزيز التعاون الثلاثي في الأمن والازدهار الإقليمي.

ونوّه بالتطور اللافت في التعاون الاقتصادي، مشيراً إلى أن زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى واشنطن في يوليو الماضي أسفرت عن صفقات تجارية واستثمارات وإعلانات بارزة، أبرزها إطلاق خط الطيران المباشر بين المنامة ونيويورك عبر طيران الخليج، والذي سيسهم في تعزيز التبادل التجاري والسياحي، ويقرب شعبي البلدين أكثر من أي وقت مضى.

وأوضح بوندي أن التعاون بين الولايات المتحدة والبحرين يمتد إلى مختلف المجالات، من الأمن والدفاع، إلى التكنولوجيا والتمويل والمعدات الدفاعية، مع العمل المشترك لتهيئة الأرضية لنمو اقتصادي مستقبلي، مؤكداً أن الإعلان عن الرحلات المباشرة يعكس هذا التوجه، خاصة مع تشغيلها بطائرات «بوينغ» المزودة بمحركات «جي إي أيروسبيس».

وأشار إلى أن مجالات الشراكة الاستراتيجية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية هي الأمن العسكري، والتجارة والاستثمار، والعلوم والتكنولوجيا، وهي مجالات تمس بشكل مباشر أولويات النمو والاستقرار والازدهار.

وبيّن أن مجالات العلوم والتكنولوجيا أيضاً شهدت انطلاقة جديدة، مستشهداً بإطلاق القمر الصناعي البحريني «المنذر» على متن صاروخ أمريكي من شركة «سبيس إكس»، كرمز للتعاون في استكشاف الفضاء واستشراف آفاق الابتكار، مؤكداً أن ما يميز هذه الإنجازات هو الروابط الإنسانية العميقة التي تدعمها، لافتاً إلى لقائه مؤخراً مع الفائزين بمنحة ولي العهد الدولية، والذين سيلتحقون بجامعات أمريكية مرموقة لبناء جسور التواصل بين الأجيال المقبلة في البلدين.

وتطرّق السفير إلى ذكرياته في البحرين، مبرزاً اللحظة التي شهد فيها توقيع الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية، والتي وصفها بأنها منحت العلاقات الثنائية «دفعة قوية» نحو مزيد من النمو. كما أعرب عن إعجابه بالثقافة البحرينية، مستذكراً حضوره للمجالس الرمضانية، وزيارته لمسار طريق اللؤلؤ الذي يجسد تاريخ المملكة وتحولاتها.

وأشار إلى أن مستقبل البحرين واعد بفضل شبابها المتعلم والطموح، مبيناً أن الولايات المتحدة تدعم هذا المستقبل عبر برامج التعليم والتبادل الثقافي، مثل المنح الدراسية الدولية، وعبر التعاون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، حيث باتت شركات أمريكية كبرى تعتمد على الكفاءات البحرينية في مجالات مثل البرمجة والهندسة.

موضحاً أن البحرين رغم صغر مساحتها، تمتلك تأثيراً كبيراً بفضل جودة رأس المال البشري وسياسات القيادة الرشيدة. وخلال حديثه عن آفاق التعاون المستقبلي، لفت بوندي إلى أن المجال التكنولوجي يمثل أولوية بارزة، مؤكداً أن وتيرة التطورات العالمية تحتم العمل المشترك لاستثمار الإمكانات البحرينية في الابتكار، وأن «فريق البحرين» سيظل شريكاً وثيقاً للولايات المتحدة لضمان أن تصل فوائد هذه العلاقة إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين في البلدين.

واختتم السفير الأمريكي كلماته بالتعبير عن امتنانه العميق لجلالة الملك المعظم، والحكومة، والشعب البحريني على ما وجده من ترحيب وحفاوة، معرباً عن ثقته بأن العلاقات البحرينية الأمريكية ستواصل ازدهارها، معتبراً أن ذلك هو الإرث الأجمل الذي يتركه خلفه وهو يغادر منصبه مع نهاية سبتمبر المقبل.

ويعد بوندي من الدبلوماسيين المتمرسين، حيث سبق أن عمل في البحرين مستشاراً سياسياً واقتصادياً بين عامي 2004 و2007، قبل أن يتولى مناصب رفيعة في أبوظبي وكابل، ليعود إلى المملكة سفيراً ويقود مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية.

شاركها.