سلوتسكي لـ «الوطن»: روسيا تدعم عقد مؤتمر السلام الدولي في البحرين
موسكو عبدالله إلهامي
موسكو تقدر بشكل كبير مبادرات الملك لوقف حرب أوكرانيا
مؤتمر السلام الدولي قد يجد طرقاً لحل النزاع بالشرق الأوسط
البحرين بثقلها التاريخي قادرة على المساهمة بدور كبير في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
مقررات قمة البحرين جاءت مدروسة وواضحة وتجسيداً لموقف «الشارع العربي»
أولوية البحرين الالتزام بالسلام والدبلوماسية والسياسة بالعلاقات الدولية
أكد رئيس لجنة الدوما للشؤون الدولية في روسيا ليونيد سلوتسكي دعم روسيا عقد مؤتمر السلام الدولي في مملكة البحرين المؤهلة للعب دور كبير وجعل هذا المؤتمر الطريق لحل النزاع بالشرق الأوسط، وخاصة أن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين المعظم سياسي ذو ثقل كبير في الشرق الأوسط.
وقال سلوتسكي في حوار مع «الوطن»: إنه شرف كبير لروسيا أن يكون ملك البحرين أول قائد يزورها بعد تنصيب بوتين، قبل أن يتوقع تطورات كبيرة مرتقبة بعلاقات البحرين وروسيا اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، عبر تعزيز التعاون الاقتصادي ضمن مشاريع «شنغهاي للتعاون» و«بريكس»، مشيراً إلى أن هناك فرصاً كبيرة جداً لدى روسيا والبحرين لبناء شراكات ثنائية ناجحة، وخاصة أن الاتفاقيات الموقعة ترفع علاقات روسيا والبحرين إلى مستوى استراتيجي.
وعن القمة العربية التي ترأستها البحرين واستضافتها، قال رئيس لجنة الدوما للشؤون الدولية إن مقررات قمة البحرين جاءت مدروسة وواضحة وتجسيداً لموقف «الشارع العربي»، مشيراً إلى أن أولوية البحرين الالتزام بالسلام والدبلوماسية والسياسة بالعلاقات الدولية، حيث يدعو عاهل البحرين المعظم إلى حل المشاكل على أساس القانون الدولي بما في ذلك مع إيران، ما جعل شعار السياسة الخارجية للبحرين التوازن والحلول الوسط في الشؤون العالمية، مع انتهاج تطوير التعاون الاقتصادي بدلاً من الحروب والصراعات.
وحول الحرب الروسية الأوكرانية، قال سلوتسكي إن روسيا تسعى لتحقيق السلام بكل العالم عبر احترام وتوازن مصالح جميع الأطراف، كما أن روسيا منفتحة على الحوار والمبادرات السلمية العقلانية، موكداً أن موسكو تقدر بشكل كبير مبادرات الملك لوقف حرب أوكرانيا.
وفيما يأتي نص الحوار الكامل مع رئيس لجنة الدوما للشؤون الدولية ليونيد سلوتسكي:
يزور جلالة الملك جمهورية روسيا الاتحادية، كأول زيارة رسمية له بصفته رئيساً للدورة الحالية للقمة العربية، فكيف ترون مخرجات قمّة البحرين ”القمة العربية الثالثة والثلاثين“، التي ترأسها ملك مملكة البحرين؟
القمة التي عُقدت في البحرين جاءت في ظل تفاقم الصراع العربي الإسرائيلي والكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وانتهت بإصدار إعلان يدعو إلى نشر قوات حفظ السلام الدولية في القطاع الفلسطيني حتى تحقيق حل الدولتين (دولة فلسطين أولاً كما نص على ذلك قرار الأمم المتحدة لعام 1947). هذا القرار كان مدروساً وواضحاً، وخاصة في سياق موقف «الشارع العربي». تبقى الأولوية بالنسبة للبحرين في الالتزام بالسلام واتباع الطرق الدبلوماسية والسياسية في العلاقات الدولية. جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة هو سياسي ذو ثقل كبير في الشرق الأوسط، ودائماً ما دعا إلى حل المشاكل على أساس القانون الدولي والمفاوضات، بما في ذلك أثناء الخلافات مع إيران. إن شعار السياسة الخارجية لمملكة البحرين هو التوازن والحلول الوسط في الشؤون العالمية، وتطوير التعاون الاقتصادي بدلاً من الحروب والصراعات.
تقدّمت مملكة البحرين بطلب انعقاد مؤتمر دولي للسلام، للوصول إلى رؤية حول شرق أوسط خال من الصراعات، فكيف ترون أبعاد ذلك، وإلى أي مدى يمكن للبحرين أن تحقق هذه الرؤية؟
لدى مملكة البحرين خبرة كبيرة في تنفيذ مشاريع واسعة النطاق واستضافة فعاليات دولية وإقليمية. ويمثل منتدى الحوار بين الأديان الذي عقد في عام 2022 تحت عنوان «الشرق والغرب من أجل التعايش السلمي» مثالاً جيداً على ذلك. شارك فيه رؤساء وممثلون عن جميع الطوائف. في تقديري يمكن أن يسهم عقد مثل هذا المؤتمر في إيجاد طرق لحل النزاع في الشرق الأوسط. تاريخياً تشكلت بين البحرين وفلسطين علاقات ودية، وأيضاً تشكلت علاقات دبلوماسية متقدمة مع إسرائيل، ما يمنحها فرصة واعدة لتحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، يجب أخذ الوضع «على الأرض» بعين الاعتبار.
تبقى مملكة البحرين ثابتة في دعمها المستمر للمبادرة العربية للسلام التي تم تبنيها في قمة بيروت، وفي هذا الإطار، يمكن للعلاقات المتوازنة التي تحظى بها القيادة البحرينية مع جميع اللاعبين الإقليميين أن تلعب دوراً مهماً في تأسيس الدولة الفلسطينية، نحن في روسيا ندعم مقترحات البحرين لعقد واستضافة مؤتمر للسلام، وأعتقد أن الشرق الأوسط جاهز الآن ليشهد مثل هذه الاتفاقية. في وقت سابق، دفع الأمريكيون باتجاه اتفاقيات أبراهام بهدف تحقيق الاستقرار مع الدول العربية، ولكن الفلسطينيين لم ينالوا شيئاً بالمقابل.
في ظل الأزمات المتعددة التي تعصف بالشرق الأوسط والعالم، تحمل هذه الزيارة تطلعات مشتركة لإحلال السلام، فكيف يمكن أن يتحقق ذلك؟
يمكن تحقيق السلام في أي جزء من العالم عند احترام وتوازن مصالح جميع الأطراف بشكل عادل ومتساوٍ. وهذا ما تسعى له روسيا بثبات في تنفيذ أهداف سياستها الخارجية، ينطبق هذا أيضاً على الوضع في الشرق الأوسط والصراع الأوكراني. قامت روسيا الاتحادية بتحديد مواقفها بشكل واضح في ديسمبر 2021 من خلال اقتراحاتها للدول الأعضاء في الناتو لضمان الأمن غير القابل للتجزئة. لاحقاً، أكدت روسيا مراراً استعدادها لإجراء مفاوضات سلمية بشأن أوكرانيا مع الأخذ بالاعتبار الحقائق القائمة. نتوقع فهماً كاملاً من البحرين للأسباب التي دفعت روسيا للدفاع عن أمنها.
إن الغرب هو من أثار الصراع الأوكراني عن طريق إنشاء نظام يتبع أيديولوجية النازية الجديدة من أتباع بانديرا في أوكرانيا، وهو نفسه الذي يواصل تزويد نظام زيلينسكي بالأسلحة الفتاكة. كما يعمل هو والولايات المتحدة، بصفة خاصة، على تأجيج نيران الصراعات في أوكرانيا وفي منطقة الصراع الفلسطينيالإسرائيلي بهدف خلق فوضى مُسيطَر عليها وزعزعة الاستقرار للحفاظ على هيمنتها. ويجب أن تُدان هذه السياسات التدميرية من قبل الأغلبية العظمى في المجتمع الدولي.
إن روسيا دائماً منفتحة على الحوار والمبادرات السلمية العقلانية التي تضمن استعادة هيكل الأمن في أوراسيا، ولا سيما إذا كانت تلك المبادرات تأتي من شركاء موثوقين في الدول الصديقة. وتقدر موسكو بشكل كبير جهود وموقف جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في هذا السياق.
تمتد العلاقات البحرينية الروسية لقرابة 35 عاماً، فما هي أبرز ملامح هذه العلاقات؟
بالنسبة للجانب الروسي، تُعتبر زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الرسمية لروسيا بعد تنصيب الرئيس فلاديمير بوتين شرفاً كبيراً، حيث كان أول قائد دولة أجنبية يقوم بزيارة رسمية لروسيا بعد التنصيب. تولي روسيا أهمية كبيرة لهذه الزيارة فيما يتعلق بتطوير التعاون بين بلدينا في مجالات متعددة تشمل الاقتصاد والسياسة والثقافة والمسائل الإنسانية.
في العام المقبل سنحتفل بالذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا والبحرين. وقد قطعنا شوطاً طويلاً خلال هذه السنوات فيما يخص التقارب بين بلدينا. هناك تواصل ممتاز بيننا على مستوى وزارات الخارجية في العديد من القضايا الدولية وتتبنى موسكو والمنامة مواقف متقاربة ومتشابهة. تبقى الأولويات في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، وحل النزاعات والخلافات بالطرق الدبلوماسية، واحترام مبادئ القانون الدولي والمساواة السيادية بين الأمم التي يكفلها ميثاق الأمم المتحدة، وبناء عالم متعدد الأقطاب.
نأمل تعزيز التعاون الاقتصادي، واستعادة حجم التجارة المتبادلة ونموها، وتعزيز التعاون ضمن مشاريع منظمة شنغهاي للتعاون والبريكس. الفرص والإمكانات هنا كبيرة جداً، ولدى روسيا والبحرين علاقات ودية وشراكات ثنائية ناجحة.
تشهد هذه الزيارة الاستثنائية، توقيع عدد من الاتفاقيات في المجالات التجارية والاقتصادية والإنسانية والطاقة، فكيف ستنعكس على المنطقة العربية والعالم؟
وقعت روسيا والبحرين سبع اتفاقيات بعد مفاوضات بين الرئيس فلاديمير بوتين وجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وتشمل هذه الاتفاقيات التعاون في مجالات النقل والثقافة والصحة والتعليم والبيئة.
على وجه الخصوص، تم توقيع وثيقة لتنظيم مواسم روسية في البحرين عام 2025. كما وقعت وزارة الثقافة الروسية وإدارة الشؤون الثقافية والآثار في البحرين برنامج تعاون ضمن الفترة الممتدة من عام 2024 إلى عام 2027.
لا شك أن هذه الوثائق ستساهم في تطوير الحوار المتبادل بين بلدينا، وتعزيز التعاون المشترك، ما سيمكن من رفع مستوى العلاقات بين روسيا والبحرين إلى مستوى استراتيجي.