فاطمة الصديقي

حكاية سياحية تستحق أن تُروى وتُعاش

سلوفينيا.. الجوهرة الأوروبية التي تخبئ كنوزاً بين الجبال والبحيرات، تأخذك في رحلة لا تُنسى بين سحر الطبيعة وعبق التاريخ.هي تلك الجوهرة الأوروبية الصغيرة تقع في قلب أوروبا بين إيطاليا وكرواتيا والنمسا، تطوقها الجبال والبحيرات الزرقاء حيث يجتمع الجمال الطبيعي بالتقاليد والتراث الغني. تشتهر سلوفينيا بمدنها الساحرة وتاريخها العريق الذي شهد حضارات عديدة، فهي وجهة مثالية للباحثين عن تجربة مختلفة من المغامرات والهدوء، حيث تتوازن سلوفينيا بين التقدم الاقتصادي والحفاظ على البيئة من غابات شاسعة وتضاريس جبلية، وهي وجهة مثالية لعشاق المشي لمسافات طويلة والتزلج على الجليد في فصل الشتاء، حيث بحيرة بليد التي ترتدي ثوباً جديداً في فصل الشتاء، وقلعة بريدجاما تحتضنها الجبال بلهفة، وكهف بوستوينا الذي تتدلى ستائر تفوق الخيال من التكوينات الجيولوجية، والدراجات الهوائية تجوب الطرقات تستكشف بلد الجمال والتقاليد الباقية على مر العصور. تتميز أيضاً بتنوع الأسواق منها التقليدية والحديثة ومراكز التسوق، كما تهتم بالحفاظ على البيئة من خلال محميات طبيعية تهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي.لا تزال سلوفينيا من الدول غير المكتشفة للبعض، رغم أنها بلد ساحر وذو طبيعة جذابة وغنية بالتراث الثقافي، فهي بالفعل وجهة سياحية مثالية تحمل كنوزاً كثيرة، وتستحق الزيارة وتحتاج بالتأكيد لتأشيرة شنغن.العاصمة ليوبلياناتتوج مدينة ليوبليانا عاصمة سلوفينيا، حيث تمتزج فيها الروح التاريخية مع الحداثة الأوروبية، تُعرف بمظهرها الخلاب الذي يتجلى في شوارعها المرصوفة بالحصى، وجسورها الساحرة التي تعانق نهر ليوبليانا، ويعد جسر التنين أحد المعالم البارزة في العاصمة الذي بُني في القرن العشرين بتصميم معماري رائع. تتميز العاصمة بنظام نقل عام فعال للقطارات والحافلات، وتشتهر بالحرف التقليدية مثل صناعة الخزف والنسيج وصناعة الزجاج، كما تضم البلاد مجموعة من المتاحف المتنوعة للتاريخ والفنون.بحيرة بليدعندما هممت بزيارة بحيرة بليد، ظننت أنها مثل باقي البحيرات في معظم الدول مجرد بحيرة، ولكنني شعرت وكأنني أعيش داخل لوحة فنية فائقة الجمال، فهذه البحيرة الزرقاء والأشجار المحيطة بها ونسيم الهواء العليل يحمل شوقاً وحنيناً لعصور لم نعشها. تتميز بحيرة بليد بوجود فنادق مطلة على البحيرة مباشرة على ضفافها حيث الإطلالات البانورامية على البحيرة وجبال الألب، ويفضل أن يسكن السائح في الفنادق المطلة على البحيرة لجمالها عند الشروق والغروب، وفي كل وقت من سحرها. درجة حرارة البحيرة في الصيف 25 درجة مئوية وهي مناسبة للسباحة، أما في فصل الشتاء، فإن البحيرة تتجمد ويمكن التزحلق عليها. كما تضم على ضفاف البحيرة كنيسة تاريخية. هناك العديد من الأنشطة التي يمكن أن يستفيد منها الزائر حيث الموسيقى والمارشات التقليدية، كما يمكن الاستمتاع بأمسيات الأفلام في فصل الصيف.يمكن للسائح أيضاً الاستمتاع برحلة على القوارب التقليدية المعروفة باسم بليتنا Bletna Boat التي تعد رمزاً لمنطقة بليد، كما يمكن ركوب قوارب التجديف وتم منح حقوق ملكية لهذه القوارب للبعض. يمكن أن ينتهز السائح فرصة تواجده لركوب الدراجات الهوائية فهناك العديد من المحلات التي يمكن تأجير الدراجات الهوائية العادية وكذلك الكهربائية، فركوب الدراجة حول البحيرة تجربة في غاية الروعة حيث المناظر الخلابة والجبال الشاهقة والبحيرة التي تحبس الأنفاس. أيضاً يمكن التنزه بعربات مفتوحة تسمى Fijakerji Cabs وهي من العربات التقليدية التي تجرها الخيول ويلبس السائق سترة وبنطلوناً وقبعة باللون الأسود أما القميص فأبيض وسديري مزين بالزهور، وهي مهنة متوارثة تنتقل من جيل إلى جيل وذلك حفاظًا على تقليد هذه المنطقة. منطقة بليد جديرة بالاستكشاف لتعيش تجربة التخييم والتجديف والتزحلق على الجليد وركوب الدراجات بالإضافة إلى ممارسة المشي لمسافات طويلة.قلعة بريدجاماهذه القلعة Predjamski grad ليست قلعة عادية، بل هي من روائع العمارة الفريدة التي تتربع على حافة منحدر صخري من العصور الوسطى، قلعة كأنها كهف تحتضنها الجبال، أمر لا يُصدق بأن هذه القلعة جزء تطوقها أعالي الجبال وكأنها داخل فم كهف. تتميز القلعة بجدرانها الحجرية القوية، يمكن للزائر أن يستمتع بجولة داخل القلعة والتعرف عن كثب على قصة هذه القلعة، ومن عاش فيها وكيف كانت ممارستهم الحياتية آنذاك. القلعة إطلالتها تأسر الروح من منظر الأودية والجبال والأشجار المتنوعة، كما يوجد داخل القلعة جرس الأماني وهو جرس معلق عند إحدى النوافذ، ما على صاحب الأمنية إلا أن يتمنى ثم يدق الجرس. ولأنها مزار لتحقيق الأماني فلا شك بأن الزوار يتنافسون لدق الجرس لتحقيق أمنية طال انتظارها.في إحدى زوايا القلعة تزينت بلوحة قديمة لفارس ذلك الوقت تعود إلى القرن الخامس عشر، يُقال إنه روبن هود سلوفينيا وهو الفارس إرازيم لوغير والذي أُطلق عليه الثعلب الماكر. تناقلت العديد من القصص أنه روبن هود سلوفينيا ولكلٍ رواية.القلعة مفتوحة في جميع الأوقات، وفي كل فصول السنة، ولكن يفضل زيارتها في فصلي الربيع والخريف حيث الطقس المعتدل وألوان الزهور والأشجار والمناظر الجميلة. كما يمكن للسائح استخدام المسارات المخصصة للتنزه للاستمتاع بجولة رياضية واستكشافية مشياً على الأقدام أو استئجار الدراجات الهوائية بالقرب من القلعة. أما التصوير فحدّث ولا حرج من التقاط صور خلابة للمناظر الطبيعية وقلعة بريدجاما في حضن الجبل.كهف بوستوينا Postojna Caveتشتهر سلوفينيا بالكهوف الكثيرة من بينها كهف بوستوينا الذي يقع في قلب سلوفينيا، يلتقي فيه جمال الطبيعة مع سحر التاريخ، فكهف بوستوينا واحد من أعظم الكهوف في العالم. يمتد هذا الكهف العجيب على مسافة 24.34 كيلومتر، وكلما توغل الزائر داخل الكهف وجد مجموعة من التكوينات الجيولوجية الرائعة التي تشكلت من المياه المتساقطة على المعادن لتشكل أعمدة حجرية تتدلى من سقف الكهف وكأنها ستائر معلقة بتركيبات خيالية. يتميز بساحات كبيرة كمغارات خرافية، كما يحتوي على ممرات وأنفاق ما بين الضيقة والواسعة، ويحتوي على برك وبحيرات صغيرة. ومع الإضاءة الكهربائية التي أُضيفت في القرن التاسع عشر أصبح هذا الكهف وجهة سياحية لا تُنسى، حيث يأخذك قطار الكهف في رحلة عبر عوالم تحت الأرض ليغمر حواسك بجمال الطبيعة وغموضها. وكلما خطا السائح، وتوغل داخل الكهف سيكتشف عالماً غامضاً يحكي قصة في ذلك الزمن.تاريخ الكهف غني بالأحداث، حيث يعود استخدامه إلى العصور الوسطى، وقد شهد زيارات إمبراطورية وأسراراً مذهلة، كما يعد هذا الكهف موطناً لسمكة الأولم (Proteus anguinus) وهي أكبر البرمائيات الكهفية في العالم، وهي سمكة نادرة ومتكيفة بشكل فريد مع الحياة في الظلام الدامس.اللغة والعملةاللغة الرسمية في البلاد هي السلوفينية، لغة تحمل بين طياتها قصصًا وأساطير تعود لقرون، مما يعكس التقاليد والتاريخ العميق لشعبها، بينما يُستخدم اليورو كعملة رسمية، مما يسهل التبادل التجاري والسياحي في هذه الوجهة الأوروبية الساحرة.المطبخ السلوفينييتميز المطبخ السلوفيني بالأكلات والوصفات، ومن أشهر الأطباق التي يمكن تذوقها في سلوفينيا هي كعكة بليد الكريمية بلييسكا كريمسنيتا (Blejska kremsnita) حلوى تقليدية من مدينة بليد، تتكون من طبقات من الكاسترد والكريمة المخفوقة والباستري المقرمشة ومغطاة بالسكر البودرة، وتُعتبر من أشهر الحلويات في سلوفينيا التي لا يمكن لأي زائر أن يفوت تذوقها، خصوصًا عندما تجلس بالقرب من بحيرة بليد حيث الطبيعة الخلابة.

شاركها.