سماهر سيف اليزل

تشهد المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030 سلسلة من التحولات الاستراتيجية التي انعكست على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. فقد سجلت الصادرات قفزة نوعية بتحقيق 96.3% من المستهدف، فيما واصل صندوق الاستثمارات العامة نموه المتسارع بتضاعف أصوله بنسبة تفوق 390% بين 2016 و2024، ليبلغ معدل النمو السنوي المركب 22% مع رفع المستهدف إلى 10 تريليونات ريال بحلول 2030.

وعلى صعيد سوق العمل، أسهمت الإصلاحات في تمكين المرأة بشكل غير مسبوق، حيث تراجعت بطالتها من 34.5% إلى 11.9% خلال تسع سنوات، كما انخفضت بطالة الشباب إلى مستويات تاريخية، وارتفع عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص إلى أكثر من 2.4 مليون موظف.

وتتوازى هذه الإنجازات مع جهود المملكة في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصاد غير النفطي، إلى جانب نشر ثقافة التطوع، وتعزيز الشفافية من خلال كيانات رقابية جديدة ومنصات للبيانات المفتوحة. كما رسخت مبادرتا “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” التزام المملكة بالاستدامة وحماية البيئة، لتؤكد هذه المؤشرات مجتمعة نجاح مسيرة التحول التاريخي نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وريادة.

ويأتي اليوم الوطني السعودي هذا العام ليعكس صورة وطن يعيش نهضة شاملة في مختلف المجالات، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبدور فاعل ومحوري لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي أطلق رؤية السعودية 2030 كخطة تحول تاريخية جعلت المملكة تقف اليوم على مشارف إنجازات نوعية غير مسبوقة.

منذ إطلاق الرؤية عام 2016، وضعت المملكة لنفسها أهدافاً استراتيجية كبرى تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية: العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية العالمية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعل السعودية محوراً للربط بين القارات. وبعد تسع سنوات، يتضح أن المملكة تجاوزت العديد من مستهدفاتها واقتربت من طموحاتها الكبرى.

وما تحقق خلال تسع سنوات فقط يبرهن على الرؤية الطموحة لولي العهد، الذي استطاع أن يقود المملكة نحو تحول استراتيجي شامل جعلها مركزًا للفرص والازدهار. ويجدد السعوديون العزم على مواصلة المسيرة نحو مستقبل يليق بمكانة المملكة وريادتها الإقليمية والدولية.

إنجازات صندوق الاستثمارات العامة

كان من أبرز مؤشرات النجاح ما حققه صندوق الاستثمارات العامة، حيث تضاعفت أصوله بنسبة تفوق 390% منذ 2016 وحتى 2024، بمعدل نمو سنوي مركب وصل إلى 22%. وكان الهدف عند إطلاق الرؤية رفع أصول الصندوق إلى 7 تريليونات ريال بحلول 2030، لكن الأداء المتميز رفع المستهدف إلى 10 تريليونات ريال. ويُعزى هذا الإنجاز إلى استراتيجية استباقية ركزت على الشركات السعودية (40% من المحفظة)، والقطاعات الواعدة (27%)، إضافة إلى استثمارات استراتيجية كبرى مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية.

قفزات في الصادرات والتجارة العالمية

سجلت المملكة تقدماً متواصلاً في قطاع الصادرات، حيث ارتفعت صادرات النفط والغاز والمنتجات الكيميائية لأربع سنوات متتالية منذ 2019، محققة 96.3% من مستهدف المرحلة، مع معدل نمو سنوي مركب بلغ 41%. وقد جاء ذلك نتيجة لجهود دعم وتمويل المصدرين، وتعزيز سلسلة التوريد المحلية، ودخول الشركات السعودية إلى أسواق عالمية جديدة.

انخفاض معدلات البطالة وتمكين المرأة

في سوق العمل، حققت المملكة نتائج بارزة في خفض البطالة بين السعوديين. فقد تراجع معدل بطالة النساء السعوديات من 34.5% في 2016 إلى 11.9% في 2024، أي بانخفاض يفوق الثلثين، وهو إنجاز تاريخي يعكس نجاح مبادرات تمكين المرأة وإصلاحات سوق العمل. كما انخفضت بطالة الشباب إلى 11.9% مقارنة بنسبة 24.6% عند خط الأساس، فيما بلغ عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص أكثر من 2.4 مليون موظف.

اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي

بفضل هذه الإصلاحات، ازدهر الاقتصاد السعودي ليصبح أكثر تنافسية على المستوى العالمي، ونجح في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. كما واصلت المملكة الاستثمار في الرقمنة وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية، مما رفع جودة الحياة وسهّل الإجراءات على المواطنين والمستثمرين.

وفي الجانب الاجتماعي، دعمت الرؤية استقرار الأسر، ورعت الهوية الوطنية، واهتمت بالموروث الثقافي، بالإضافة إلى تعزيز دور الشباب والمرأة. كما ارتفعت معدلات المشاركة المجتمعية، وانتشرت ثقافة التطوع بشكل غير مسبوق، لترسخ قيم التضامن والتكافل في المجتمع السعودي.

الشفافية والحوكمة الرشيدة

منذ البداية، جعلت الرؤية تعزيز الشفافية هدفاً رئيسياً، باعتباره أساساً للمساءلة وتحقيق الأهداف. وقد أُنشئت كيانات رقابية جديدة، وصيغت أنظمة ولوائح متقدمة، مع إطلاق منصات للبيانات المفتوحة، مما عزز ثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء، ورفع مستوى الحوكمة المالية والإدارية.

الاستدامة وحماية البيئة

بالتوازي مع ذلك، أطلق ولي العهد مبادرات نوعية مثل “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، لتأكيد التزام المملكة بحماية البيئة ومكافحة التغير المناخي، ودعم جهود التنمية المستدامة عالمياً.

شاركها.