سيد حسين القصاب
في رسالة جديدة تؤكد نهج الحزم والصرامة، كشفت مملكة البحرين في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر عن ضبط 6 قضايا اتجار بالأشخاص خلال النصف الأول من 2025، أسفرت عن القبض على المتهمين وإحالتهم إلى القضاء.
هذه الأرقام لا تعكس مجرد إجراءات قانونية، بل تجسد التزاماً وطنياً راسخاً بمواجهة واحدة من أخطر الجرائم العابرة للحدود، وترسيخ منظومة متكاملة تحمي الإنسان، وتصون كرامتهوتؤكد مملكة البحرين في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي يصادف 30 يوليو من كل عام، موقعها الريادي في هذا المجال، عبر منظومة وطنية متكاملة تحمي حقوق الإنسان وتحفظ كرامة الأفراد.
وفي حين تواصل المملكة جهودها في تعزيز البنية القانونية والمؤسسية لمكافحة هذه الجريمة، سجّلت النيابة العامة خلال العام الجاري، 6 إجراءات تتعلق بالقبض على متهمين وإحالتهم إلى المحاكم المختصة في قضايا تتعلق بالاتجار بالأشخاص، ما يعكس جدية الدولة في التصدي الصارم للممارسات غير القانونية في سوق العمل، وضمان حماية الضحايا.
2024.. نتائج بارزةوفي إطار حصاد العام الماضي، كشف تقرير رسمي أن النيابة العامة باشرت خلال عام 2024 ضبط 22 قضية اتجار بالأشخاص، وأسفرت التحقيقات عن القبض على 50 متورطاً، فيما جرى تقديم المساعدة لـ41 من المجني عليهم، ضمن سلسلة إجراءات تكاملية بين الجهات الأمنية والقضائية والرقابية.
ريادة وتقدير دوليوتوّجت مملكة البحرين إنجازاتها المستمرة بحفاظها على التصنيف الأعلى الفئة الأولى في التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول جهود مكافحة الاتجار بالبشر، وذلك للعام السابع على التوالي، لتكون في طليعة دول المنطقة في توفير بيئة عمل تحترم الحقوق الإنسانية وتكافح الاستغلال.
ويعكس هذا التصنيف المتقدم التزام البحرين بمنهجية متكاملة تشمل الوقاية، والحماية، والملاحقة القضائية، إلى جانب تعزيز التوعية المجتمعية، وتدريب الكوادر العاملة في الصفوف الأمامية، وتوسيع الشراكات الوطنية والدولية.
بنية مؤسسية وتشريعية متكاملةتعتمد البحرين على منظومة وطنية ترتكز على التنسيق المؤسسي بين مختلف الجهات الرسمية، وتضم النيابة العامة، وهيئة تنظيم سوق العمل، ووزارة الداخلية، ووزارة العدل، تحت مظلة اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، التي تم تشكيلها بموجب قرار وزاري في عام 2008.
ومنذ إطلاق هذه المنظومة، نفّذت المملكة سلسلة من المبادرات البارزة، من أبرزها:
• إنشاء أول مركز شامل لحماية ودعم العمالة الوافدة عام 2015.• تدشين تصريح العمل المرن في 2017.• تطبيق العقد الثلاثي للعمالة المنزلية عام 2018.• إطلاق صندوق دعم ضحايا الاتجار بالبشر.• افتتاح مكتب المنظمة الدولية للهجرة.• تطوير نظام حماية الأجور ونظام الإحالة الوطني الرقمي.• استحداث نيابة ومحكمة متخصصة للنظر في قضايا الاتجار بالأشخاص.
«النيابة».. عدالة رادعةأكد النائب العام د. علي بن فضل البوعينين أن مملكة البحرين كانت من الدول السباقة في إنشاء نيابة متخصصة بجرائم الاتجار بالأشخاص، ما يعكس وعي الدولة بطبيعة هذه الجريمة وتعقيداتها.
وأشار إلى أن النيابة تتخذ إجراءات قضائية صارمة، تضمن سرعة التحقيق والفصل، وحماية الضحايا والشهود من خلال نظام متكامل للإحالة، ومكاتب مخصصة لتقديم الدعم القانوني والإداري.
وأوضح النائب العام أن جميع هذه الجهود تُدار ضمن خطة عمل وطنية تشاركية تضمن استجابة متكاملة وفعالة، وتُسهم في رفع مستوى الأداء القضائي، وتحقيق العدالة الجنائية بفعالية وشفافية.مركز تدريب إقليمي
وتعزيزاً لموقعها كمركز إقليمي في هذا المجال، دشنت البحرين مركزًا إقليميًا للتدريب في مكافحة الاتجار بالبشر، يعمل بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، لتدريب الموظفين في المنافذ والمراكز الأمنية والصحية والقضائية على التعرف على الضحايا والضحايا المحتملين، ورفع قدرات المدربين والخبراء العاملين في هذا المجال.
كما تواصل هيئة تنظيم سوق العمل جهودها التوعوية عبر حملات متعددة اللغات، وتوفير كتيبات إرشادية، وتعريف العمالة بحقوقها فور وصولها إلى البحرين، بالتعاون مع السفارات والبعثات الدبلوماسية ومؤسسات المجتمع المدني.
من الوعي الوطني.. للعالميةتعد جريمة الاتجار بالأشخاص من أخطر الجرائم العابرة للحدود، وتمثل انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية، وتستوجب استجابة وطنية ودولية متكاملة.
وقد أدركت البحرين منذ وقت مبكر خطورة هذه الجريمة، فتبنت نهجاً مؤسسياً وشراكات استراتيجية، جعلت منها نموذجاً يُحتذى به في محيطها الإقليمي.
ويؤكد التصنيف الدولي المستمر في الفئة الأولى أن البحرين لا تكتفي برد الفعل، بل تتخذ خطوات استباقية لمنع الجريمة، وحماية المجتمع، ودعم الضحايا، عبر أدوات تشريعية ومؤسسية وعدلية متقدمة.
كلمة أخيرةفي اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، تسجّل مملكة البحرين موقفاً ثابتاً بأنها على قدر التحدي في محاربة هذه الجريمة الإنسانية.