طلبة جامعة البحرين للتكنولوجيا (UTB) يبتكرون سيارة تعمل بالطاقة الشمسية
تلعب الجامعات دوراً حيوياً ومهماً في تحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة فلا بد من تبني رؤية واضحة تعزز مبدأ العيش في بيئة نظيفة صحية، ومن هنا كان لجامعة البحرين للتكنولوجيا (UTB) خطة استراتيجية تقوم على توفير بيئة تعليمية صحية، وآمنة للطلاب، والموظفين والزوار. فالجامعة تسعى لتحقيق التنمية للحفاظ على البيئة من خلال تطبيق الاستدامة في جميع جوانب الحياة الجامعية، بدءًا من التصميم الهندسي للمباني والمرافق وحتى النهج العام في إدارة النفايات والطاقة، بما يتوافق مع الرؤية الاستراتيجية لمملكة البحرين بتحقيق التوازن البيئي.
صمم مجموعة من طلاب كلية الهندسة (تخصص الميكاترونكس) بجامعة البحرين للتكنولوجيا (UTB) سيارة تعمل بالكامل على الطاقة الشمسية كمشروع للتخرج بمرحلته النهائية، استغرقت خطة العمل ما يقارب ال 3 أشهر بدءاً من كونها فكرة وليدة حتى تحويلها لمشروع ملموس على أرض الواقع، كان لنا وقفة استطلاعية مع الفريق والأستاذ الذي أشرف على خطة العمل.
كانت البداية مع الدكتور زياد إسماعيل، الأستاذ المُشرف على المشروع والذي تحدث عن فكرة تصميم السيارة
“كانت الفكرة تراودنا منذ وقت طويل خصوصاً مع توجه العالم لاستبدال مصادر الطاقة التقليدية بمصادر الطاقة المتجددة التي تدعم التوازن البيئي، وهو ما يتوافق مع توجه الجامعة التي تبنت نهجاً جديداً يعزز الاستدامة ويحد من التلوث، قد تم طرح مجموعة من التخصصات الجديدة مطلع العام الأكاديمي الحالي وكان أحدها البكالوريوس في الهندسة البيئية وهو تخصص تنفرد به الجامعة، يهدف إلى تخريج مهندسين بيئيين وهو ما ستتطلبه أسواق العمل في السنوات القادمة.
تعود فكرة اختراع السيارة التي تعمل بالطاقة الشمسية إلى فترة مبكرة من تاريخ الطاقة النظيفة، حيث تم تصميم العديد من المركبات الكهربائية وإجراء تجارب أولية على استخدام الطاقة الشمسية كمصدر بديل.
وفي العقود الأخيرة شهدت تكنولوجيا الخلايا الشمسية تطوراً كبيراً حيث أصبحت أكثر كفاءة وأقل تكلفة، مما ولّدَ الفكرة لاستخدامها في تصميم السيارات. فتطور العديد منها خلال العقود الأخيرة، وتم تحسين أدائها وزيادة كفاءتها، ويعتبر بعضها قادراً على السير لمسافات طويلة وتحمل الاستخدام اليومي”.
تحدث الطالب سيد محمد حميدان عن تصميم السيارة التي تعمل بالطاقة الشمسية والمواد المستخدمة في التصنيع فقال:
“تطلب تصميم السيارة مهارات وخبرات في العديد من المجالات، مثل الهندسة الميكانيكية، والهندسة الكهربائية، والهندسة المدنية، والهندسة الإلكترونية، بالإضافة إلى معرفة شاملة بالمواد والتقنيات المستخدمة في تصنيع الخلايا الشمسية والبطاريات.
بدأت عملية التصميم بوضع خطة عامة واختيار المواد المستخدمة في البناء، وتشمل هذه المواد الألومنيوم والألياف الزجاجية والبلاستيك المقوى والكربون فايبر والسيليكون وغيرها من المواد.
تم بعد ذلك بناء هيكل السيارة وتجهيزه بالمحرك الكهربائي والعجلات والفرامل والسلامة والأنظمة الإلكترونية المختلفة، ثم تم تركيب الخلايا الشمسية على سطح السيارة، وتشتمل هذه الخلايا على عدد كبير من الخلايا الفردية التي تتحول إلى طاقة كهربائية وتخزن في البطاريات الموجودة بالداخل.
بعد الانتهاء من بناء السيارة قمنا باختبار ضبط الأداء وتحسين الكفاءة في ظروف مختلفة لضمان أنها قادرة على التحمل والأداء في الظروف القاسية والمختلفة”.
وعن سؤالنا عن المزايا الرئيسية للسيارة الاستخدامات المستقبلية لهذا النوع من السيارات، أجاب الطالب أحمد حسين كاظم:
الاعتماد على مصدر طاقة نظيف ومتجدد: حيث تستخدم السيارة الطاقة الشمسية مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما أن التصميم الخاص بها يضمن استخدام نوع آخر من الطاقة وهي الطاقة الكهربائية حيث يتم توصيل شاحن السيارة بأي مصدر كهربائي وهنا يمكننا القول إن المركبة تعمل بنوعين من الطاقة النظيفة هي الطاقة الشمسية والطاقة الكهربائية وهو ما يعزز كفاءتها، حيث يمكن اللجوء للشحن الكهربائي في حال تعذر الحصول على مصدر ضوئي يوفر الشحن للبطارية خصوصا في الظروف الجوية الغائمة والممطرة.
تكلفة التشغيل المنخفضة: حيث لا يتطلب تشغيل السيارة الوقود التقليدي، مما يؤدي إلى تقليل تكاليف التشغيل والصيانة المعقدة.
الكفاءة العالية: تعمل بثلاث سرعات مختلفة (20، 30 و45 كيلو متر في الساعة) حيث يمكن التحكم بالسرعة بحسب طبيعة الطريق مما يثبت جاهزيتها للعمل تحت مختلف التضاريس.
انبعاثات الكربون: لا يوجد هناك أي انبعاثات كربونية، مما يساعد على الحفاظ على البيئة وتقليل التلوث.
الاستدامة: يساهم هذا النوع من السيارات في تحسين استدامة النقل وتوفير الطاقة.
يمكن القول إن السيارات التي تعتمد على هذا النوع من الطاقة إذا ما تم تطويرها والاتجاه لها كبديل لمركبات النقل التقليدية سيكون لها العديد من الاستخدامات المختلفة، من بينها:
استخدامها كسيارة عائلية للتنقل اليومي.
استخدامها في المدن لتوصيل الركاب بين المناطق المختلفة.
استخدامها في الأماكن التي توجد فيها مصادر قوية للطاقة الشمسية، مثل المناطق الصحراوية والمناطق ذات الاستهلاك العالي للطاقة.
استخدامها في الرحلات الطويلة والأنشطة في الهواء الطلق، حيث يتم تخزين الطاقة الشمسية في البطاريات لاستخدامها لاحقًا.
استخدامها في الأماكن التي تعاني من نقص في مصادر الوقود، مثل الجزر والمناطق النائية.
استخدامها كسيارة شحن في المناطق المحدودة التي يتعذر دخول وسائط النقل الكبيرة الحجم لنقل البضائع في المدن الداخلية.
ما هي التحديات التي واجهتكم خلال عملية صنع السيارة؟
أجاب الطالب سيد محمد زهير بقوله:
تحسين أداء السيارة في الظروف الجوية المختلفة: يجب أن تكون السيارة قادرة على الأداء بشكل جيد في الظروف الجوية المختلفة، بما في ذلك الأيام الغائمة والممطرة.
التكلفة: يتطلب تصميم السيارة التي تعمل بالطاقة الشمسية استخدام تقنيات ومواد جديدة، وهذا يزيد من تكلفة السيارة، ويجب العمل على تقليل التكلفة وجعل السيارة ميسورة التكلفة لتشجيع استخدامها.
عدم تواجد بعض المواد المستخدمة في السوق المحلي والحاجة إلى طلبها بشكل خاص من السوق العالمي، وهو ما نتج عنه بعض التأخير في الكثير من الأحيان، حيث كان هناك اختلاف بين بعض القطع المتوفرة ومدى ملاءمتها للقطع الأخرى وهو ما يخضع لنظام التشغيل الشامل للسيارة.
توعية المستهلكين: عن طريق زيادة الوعي بفوائد السيارات التي تعمل بالطاقة الشمسية وتحسين الوعي بشأن الأضرار التي تلحق بالبيئة من استخدام الوقود العادي.
دقة الاختبارات التي خضعت لها السيارة للتأكد من جاهزيتها للعمل فعلى سبيل المثال كانت مرحلة اختبار توازن الإطارات مع هيكل السيارة التي تضمن استقامة مسار المركبة تحتاج الكثير من الدقة والتكرار لضمان تخطيها لجميع اختبارات السلامة.
هل ممكن للسيارة أن تكون بديلاً مستداماً للسيارات التقليدية التي تعمل بالوقود؟
أجاب سيد محمد حميدان مؤكداً: ” نعم، ممكن أن تكون بديلاً مستدامًا للسيارات التقليدية حيث إن التطور التقني المتسارع سيساهم في تحسين تكنولوجيا السيارات التي تعمل بالطاقة الشمسية باستمرار، مما يزيد من كفاءتها ويجعلها بديلاً أكثر جاذبية من السيارات التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، تتطور تقنيات الشحن الشمسي باستمرار، مما يزيد من قدرة السيارة على توليد الطاقة الشمسية وتخزينها، مما يجعلها بديلاً جيدا في المستقبل. ومع توسع استخدام الطاقة الشمسية وتحسن كفاءتها، فبالإمكان أن تصبح الخيار الأفضل والمستدام للنقل في المستقبل”.
ما هي الخطط المستقبلية لفريق التصميم؟ هل تخططون لتحسين السيارة التي أو تطوير سيارات أخرى؟
وضح د. زياد ذلك قائلاً: “من بين الخطط المستقبلية المحتملة لصناعة السيارات التي تعمل بالطاقة الشمسية هي تحسين كفاءة استخدام الطاقة وزيادة قدرة التخزين وتحسين تصميم السيارة الخارجي والداخلي لتحسين الراحة والأداء، كما يمكن تحسين تقنيات الشحن الشمسي.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تطوير سيارات جديدة تعمل بمصادر طاقة بديلة، وفي الوقت نفسه، يمكن تحسين البنية التحتية للشحن الكهربائي وتوسيعها لتشمل المزيد من المناطق.
بشكل عام، لا بد من العمل على تطوير وتحسين تصميم السيارات وتقنياتها لتلبية احتياجات المستهلكين والبيئة، وتحسين كفاءة الأداء وخفض التكاليف وتطوير تقنيات جديدة ومتطورة لتحسين السيارات المستقبلية”.
ما هي النصائح التي توجهونها لأقرانكم الطلاب المهتمين بإنتاج وتطوير هذا النوع من السيارات؟
أكد الطلاب أنه يجب تعلم المزيد عن تقنية الطاقة الشمسية وتحويلها إلى طاقة كهربائية لتشغيل السيارات، يمكن للطلاب التعرف على ذلك من قرب عن طريق زيارة موقع الجامعة حيث يوجد بالجامعة مخزن للشرائح الشمسية المعنية بتحويل طاقة الشمس إلى طاقة كهربائية.
دراسة تصاميم السيارات: يجب عليك دراسة تصاميم السيارات الحالية ومعرفة كيفية تصميم السيارات وتحسين كفاءتها وتقليل استهلاك الطاقة، يمكن للطلاب الاطلاع على النموذج الذي قمنا بتصميمه واعتباره نموذج يمكن تطويره أو إضافة بعض التحسينات عليه.
العمل كفريق: لا بد من العمل بروح الفريق الواحد والتركيز على أن نجاح هذه المهمة لا يمكن أن يكتمل إلا بالتعاون فلكل طالب وجهة نظر وإمكانيات تُكمِل هذا المشروع.
الاستشارة: يمكنك الاستشارة مع خبراء في مجال تصميم السيارات وتقنية الطاقة الشمسية للحصول على المشورة والإرشادات فقد حرص الكادر التعليمي بالجامعة على إعطائنا أدق المعلومات ومساعدتنا طوال فترة تنفيذ المشروع عبر تقديم الاقتراحات وتقويم العمل مما جعلنا نتفادى بعض الأخطاء.
التجارب التجريبية: يمكنك القيام بتجارب تجريبية على نماذج صغيرة من السيارات لتحديد كفاءة الأداء وتحسين التصميم.
التحديث المستمر: يجب عليك البقاء على اطلاع دائم بأحدث التقنيات والابتكارات لتحسين تصميم السيارات.
باختصار، يجب عليك الاستمرار في العمل الجاد والتعلم المستمر والتعاون مع الآخرين والاستشارة مع الخبراء لتحقيق تصميم مبتكر وفعال.
ما هو مستقبل صناعة السيارة التي تعمل بالطاقة الشمسية؟ هل من الممكن عرض الفكرة على إحدى وكالات السيارات بالمملكة لتبني المشروع وتنفيذ الفكرة
ذكر أحمد حسين كاظم أن صناعة السيارات التي تعمل بالطاقة الشمسية تعتبر مجالا متطورا ومبتكرا في ومن المتوقع أن تستمر هذه الصناعة في النمو والتطور في المستقبل، حيث يزداد الاهتمام بالحفاظ على البيئة واستخدام مصادر طاقة بديلة ونظيفة.
سيتم عرض فكرة تصميم السيارة على إحدى وكالات السيارات بالمملكة ونأمل أن يكون ذلك مشروعا وطنياً يتبناه الجميع حيث إن الحفاظ على بيئة نظيفة هو مستقبل الأجيال القادمة.
هذا وختم الطلاب اللقاء بتقديم الشكر والثناء لجميع من سهل لهم تنفيذ الفكرة التي كانت مجرد حلم وساهم في تحويله إلى واقع على الأرض، وخصوا بالشكر إدارة الجامعة والدكتور زياد إسماعيل والدكتور نعمان محمد نعمان على تفانيهم وجهودهم التي لم تتوقف خلال فترة العمل.