علي السندي.. رجل الأخلاق الرفيعة طبيب رحيم بمرضاه
أيمن شكل
بوخوة: رحل صديق الطفولة وتوأم روحي
بصوت يملؤه الحزن والشجن استرجع المدعي العام السابق عيسى بوخوة ذكرياته مع المغفور له الدكتور علي السندي الذي رحل قبل أيام عن عالمنا تاركاً علماً وعملاً ينتفع به في مجال الطب حيث كان أول طبيب غدد صماء في البحرين.
ووصف بوخوة صداقته الحميمة مع الدكتور السندي بأنها أطول صداقة يمكن أن تستمر منذ الطفولة وحتى رحيله عن عمر ناهز السبعين عاماً، لم يفترقا فيه عن بعضهما البعض، حتى أن الأصدقاء يستغربون إذا وجد أحدهما بدون رفقة الآخر، واليوم يفتقده بقوة.
وقال المدعي العام السابق: «إننا كنا روحاً واحدة تعيش في جسدين وعشت معه أكثر مما عشت مع أهلي، فمنذ الطفولة ونحن معاً، ثم انتقلنا إلى الدراسة في القاهرة حيث جمعتنا الصداقة والصدفة في أن نظل على الصداقة اللصيقة حتى في خارج الوطن».
ويصف بوخوة الدكتور السندي بأنه كان رجلاً خارق الذكاء وهو ما ظهر بوضوح منذ طفولته، حيث لم يكن يعود إلى البيت ويذاكر ما سمعه من المعلمين، بل كانت لديه ذاكرة غير عادية في حفظ ما قاله المعلم في الفصل، وكان يقول: «لا حاجة إلى المذاكرة فكل ما قاله المعلم قد التصق في ذهني»، وقد حصل على شهادتين في الطب من أيرلندا ولندن وتقدم لهما في أسبوع واحد.
كما أكد بوخوة أن الدكتور السندي كان شخصاً صاحب مبادئ لا يتنازل عنها ولا يجامل في أي حق، لكنه في الوقت ذاته صاحب ابتسامة لا تغادر وجهه أبداً، وقال إنه لم يكن يتردد في قول الحق دون حساب لتبعاته أو ردة الفعل التي قد يتسبب بها، وقد وجه اللوم الصريح لزميل في خطأ طبي ولم يجامله. وأضاف بوخوة: «كان الدكتور علي السندي صاحب ابتسامة ومحباً للنكتة رغم كل معاناة العمل ومصاعبه، إلا أنه لم يدع الهموم تتغلب على ابتسامته وحبه للمرح». وأضاف: «كما اتسم الدكتور السندي بعصاميته واعتزازه بكرامته، فرغم احتياجه لبيت إسكان، إلا أنه رفض تقديم طلب للحصول على مسكن رغم أنه حق كفلته له الدولة، وإنما فضل الاقتراض وشراء أرض وبناء البيت، كما رفض الحصول على مكافأة من تكليف بالعمل الخارجي، وأصر على أنه يتقاضى من العمل الحكومي ما يكفيه رغم حاجته للمال آنذاك. ويتذكر المدعي العام السابق كيف كان الدكتور السندي رحمه الله طبيباً رحيماً بمرضاه، حيث كان يسأل المريض القادم لعيادته الخاصة عن أحواله المادية، وإذا استشعر منه قلة ذات اليد، رد إليه قيمة الكشف، وقال: في إحدى الأمسيات التي التقينا فيها بعد انتهاء العمل بعيادته، أخبرني أنه لم يدخل ديناراً واحداً اليوم، فتعجبت وسألته عن السبب، فقال إن جميع المرضى الذين حضروا للعيادة كانوا غير قادرين على مصاريف العلاج والكشف فرفضت تحصيل أي رسوم منهم. ولفت المدعي العام السابق إلى أن الطبيب السندي، كان رساماً رفيع المستوى وله العديد من اللوحات الفنية التي تركت بصمتها في أماكن كثيرة، مشيراً إلى أن شركة نفط البحرين كانت تختار عملاً فنياً من أعمال فنانين بحرينيين لكي تكون ضمن تقويمها الذي تصدره سنوياً، لكنها اختارت 4 لوحات من نتاج الدكتور السندي، وقال: «إنه كان يرسم لمجرد الهواية ولم يتقاضَ عن أي لوحة رسمها أجراً».
ويؤكد المدعي العام السابق أن أبناء الراحل قد ورثوا عنه الذكاء الخارق والأخلاق الرفيعة، وقال: «أرى فيهم صديقي الذي قضيت معه أحلى سنوات عمري، واليوم ابنه الدكتور فهد من أفضل أطباء القلب في الخليج العربي».