إيمان عبدالعزيز

منذ أن بزغت مواقع التواصل الاجتماعي، وعم استخدامها في أرجاء العالم، لتكون إيذاناً بانتشار بعض الظواهر والسلوكيات التي أصبحت في طي الإدمان عليها من قبل مستخدمي تلك المنصات، إما لغرض سليم لا ينتهك حقوق الآخرين، وإما أن يكون خلاف ذلك، وأهم ما يشغل حيزاً كبيراً من هذا المجال، هو الشغف نحو تصوير كل ما يحدث، وكل ما يرى من مواقف حالية تحدث مباشرة للآخرين، ما ينتج عن ذلك الهوس المتجاوز الحد طبيعي للتصوير من أجل صناعة محتوى يصل إلى مرحلة «ترند» ويهدف إلى جذب أكبر عدد من المشاهدات والمتابعين إلى أن تتخطى خانة الإعجاب 10 آلاف «لايك»، ما يسبب ذلك الهوس في استمرارية حب التصوير للمواقف المنتهكة لخصوصيات الآخرين سواء في محيط العائلة، أو في المحيط الخارجي.

ومن المقاطع الأغلب تداولاً والتي تلغي بانتشارها الخصوصية تلك التي كثيرا ما نشاهدها، ففي المحيط الأسري نرى مقاطع تتكرر فيها قيام أحد الأبناء بتصوير من ينام على قنفة الصالة بهدف نشر مقطع طريف، ومقاطع أخرى تظهر فيها قهقهات الضحك متعالية لمباغتة الغافل بغرض إفزاعه ليصبح مشهداً فكاهياً يضحك المتابعين.

وكان في أحد الفيديوهات شاهدت ما يثير الاستنكار وهو لطفل لم يتجاوز 4 أعوام من العمر يكاد يتوقف قلبه من شدة البكاء خوفاً من حشرة تقف على كتفه، وإذا بأمه غارقة وسط موجات الضحك تقوم بتحريكها متعمدة لتقفز الحشرة على وجهه المعج بالصراخ ذعراً، وذلك من أجل تصوير محتوى يضحك المتابعين.

كما شاهدنا على الصعيد الاجتماعي العديد من مقاطع لمشاجرات بين أشخاص في الطرقات والأماكن العامة، وإذا بالجوالات ترتفع لالتقاط ما يدور من أحداث، تعقبها إثارة الفتن الاجتماعية بين الحسابات الأخرى، وأيضا مقاطع أخرى في بيوت الله يعجز من يحمل هاتفه للتصوير عن إزاحة قطة تتجول بين أقدام المصلين، وتسبب في إفساد خشوعهم أثناء الصلاة.

وعلى الصعيد الشخصي لم يكترث بعض الأفراد لمعايير الأمن والسلامة في حياتهم، وباتوا ضحايا مصابة بسبب الاستهتار وعدم الانتباه للطريق الناتج عن هوس تصوير الشوارع أثناء القيادة.

ما يثقل على النفس حقاً في وقتنا الحالي هو عندما ترجح كفة التصوير على كفة صون الخصوصيات واحترام بيوت الله وقداستها وسلامة النفس وأرواح الآخرين من الحوادث في الطرقات وغيرها، ليحصل التصوير على المركز الأول أمام كل الدوافع والشغل الشاغل في الحياة اليومية.

شاركها.