«غرامة الألف دينار».. شبح يطارد أصحاب الأعمال والمقاولين
محرر الشؤون المحلية
«الغرفة» تقترح التدرج في عقوبات مخالفات تصاريح العمال
مطالبات بتعديل رسوم مخالفات العمال بما يتناسب مع وضع السوق
تضمن تقرير غرفة تجارة وصناعة البحرين المعنون بـ«دراسة تحديات سوق العمل» تأثير قوانين العمل والتصريح المرن على أصحاب الأعمال، اقتراحاً بالتدرج في العقوبات الخاصة بمخالفات تصاريح العمال الأجانب ودفع الغرامات، بأن يتم ذلك عبر الإنذار ومن ثم الغرامات المالية في حال المخالفات، وطالب المقترح كذلك بإيجاد آليات تشاور بين القطاع الخاص وهيئة تنظيم سوق العمل قبل إصدار الأنظمة والأحكام الإدارية، والاشتراطات التنفيذية الصادرة بقوانين وتشريعات.
ووفق الغرفة، يعتبر هذا التحدي الذي يواجه أصحاب الأعمال من أكثر أسباب خروج بعض المؤسسات من السوق، حيث تتكبد خسائر كبيرة بالمقارنة مع عوائدها، وخاصة قطاع المقاولات الذي يعاني من انخفاض في نشاط البناء وارتفاع عدد العمال الأجانب فيه، والذي يرفع نسبة حدوث مخالفات، وبالتالي يتكبد غرامات بآلاف الدنانير لا تتناسب مع العائد.
ومثل هذا الوضع يتكرر مع المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر التي تحاول جاهدة قنص شريحة بسيطة من كعكة السوق، إلا أن مجرد مخالفة واحدة قد تتسبب في إغلاق أبوابها.
خياران أحلاهما مر
وفي هذا الصدد أكد مقاولون أن العقوبات التي تطبقها هيئة تنظيم سوق العمل لا تتناسب مع حجم النشاط العقاري، حيث أشار رجل الأعمال والخبير في مجال المقاولات رياض البيرمي إلى ما سماه «التضارب في المعايير» الخاصة بقيمة الغرامة مع عوائد المؤسسات، وحجم السوق، لافتاً إلى ما تعانيه بعض شركات المقاولات التي يتراوح حجم العمالة لديها بين 50 و70 عاملاً، من خسائر أجبرتها على عدم دفع رواتب العمال لستة أشهر، وكذلك عدم القدرة على تجديد تأشيرات جزء من هذه القوى العاملة، ويواجهون شبح الغرامة الألفية التي قد تطيح بالشركة وصاحبها إلى مستنقع الإفلاس والإغلاق.
ولفت البيرمي إلى أن هيئة تنظيم سوق العمل تخير صاحب العمل بين خيارين أحلاهما مر، فإما أن يتصالح ويدفع ألف دينار، وإما أن يلجأ للمحكمة وهناك سيدفع ضعف المبلغ إن ثبتت عليه المخالفة، وقال: ماذا تتوقع من رد فعل مقاول صغير يكون متوسط دخله السنوي 30 ألف دينار، ثم يفاجأ في أسبوع واحد بأنه تم تغريمه 50 ألف دينار؟
وأضاف: يجب أن تكون هناك دراسة دورية لنتائج القرارات وتأثيرها على السوق، وأن يكون هناك تكامل بين الهيئات والقطاع الخاص في كافة شؤونهم، فهذه الغرامة لم تتغير منذ إقرارها.
الغرامة تتسبب في خروج المؤسسات
بدوره أوضح رئيس مجلس إدارة جمعية المملكة أحمد البنخليل أن الجمعية تدافع عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وترصد مثل هذه المشكلات التي تمثل تحديا واضحا يحتاج إلى إعادة هندسته من قبل الهيئة، وقال إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعيش على قوت يوم بيومه، وفي حال رصد مخالفة عليها وتم تسجيل غرامة فبالتأكيد سوف تُغلق المؤسسة ويزداد عدد العاطلين عن العمل.
وأشار إلى أن العامل الأجنبي يحصل على فترة سماح شهر لتعديل أوضاعه في حال انتهاء إقامته، بينما لا يُمنح صاحب العمل البحريني أي فترة سماح لتعديل أوضاع نفس العامل، ويتم تغريمه فوراً دون أي إنذار، واقترح أن يبدأ الأمر بتوجيه إنذار دون غرامة، وفي حال استمرار المخالفة تكون الغرامة 100 دينار، وتصل إلى ألف دينار إذا لم يقم صاحب العمل بإزالة المخالفة لفترة تتجاوز الشهر.
المقاولون الأكثر تضرراً
المقاول سيد أمين المحفوظ أكد أنه لم يتعرض لمثل هذه المخالفات، إلا أنه يسمع شكاوى زملائه من المقاولين، وخاصة مع انخفاض الدخل ومعاناة العديد من شركات المقاولات من قلة المشروعات الإنشائية وزيادة المنافسة في سوق محدود.
وقال المحفوظ: يعمل في شركتي حوالي 45 عاملاً أجنبياً ولو حصلت مخالفة فستكون مشكلة كبيرة قد لا أتحملها، لأن سوق البناء يعاني من مشكلات ولا يتحمل غرامات، ودائما ما نواجه أموراً معتادة مثل عامل مريض وآخر متغيب عن العمل وثالث في خلاف مع زملائه، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف إيجارات السكن والكهرباء والماء والعديد من الأمور والتفاصيل الة بعمل المقاولات.
وعلى الجانب المؤسسي والتشريعي، أوضح رئيس جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة النائب أحمد السلوم أن جميع الغرامات والرسوم الحكومية تتسم بالتدرج في عقوبتها، إلا مخالفات هيئة تنظيم سوق العمل، مشيراً إلى أن مجلس النواب كان قد رفع الملاحظة إلى الحكومة وتمت مناقشتها، حيث أكد المجلس النيابي أن الظروف قد تغيرت عن سنة 2006 يوم أن وضعت هذه التشريعات والعقوبات الة بها.
وقال السلوم: وضعنا أمام المسؤولين تجارب حية عن شركات كبرى لديها أكثر من محل بأسماء مختلفة، وبسبب خفض التكلفة يقوم صاحب الشركة بتخفيض عدد الموظفين ونقل بعضهم إلى إحدى مؤسساته، ثم يأتي مفتش هيئة تنظيم سوق العمل ويخالفه بذريعة أنه يعمل في مؤسسة لا ينتمي إليها، وكذلك ما كان يحدث لأصحاب الصيدليات حين كان لا يسمح للصيدلية بفتح فروع بنفس الاسم، فيقوم صاحب المؤسسة باستخدام سجلات وأسماء أخرى كلها مسجلة باسمه، وعندما يطلب من موظف العمل في إحداها يتم تغريمه وعدم تجديد إقامته مرة أخرى، لكن تم حل هذه المشكلة بالسماح للصيدليات بفتح عدة فروع.
وأشار إلى أهمية التدرج في الغرامات لتبدأ بإنذار ثم غرامة ألف دينار، وفي حال تم دفعها فوراً أو في نفس الأسبوع يتم منح تخفيض بنسبة 50%، وفي حال تكرار المخالفة لا يحصل المخالف على هذا التخفيض.
وحول ما إذا كان لمجلس النواب سلطة تعديل الغرامات، أكد السلوم أن الرسوم والغرامات لا تحتاج تعديلاً تشريعياً؛ لأن قرارات اللائحة التنفيذية لا تمر على المجلس النيابي ويعتمدها الوزير المختص، حيث يتم وضع جدول بقيمة الغرامات وأنواعها، ويختص المجلس فقط بتعديل القوانين.
ويتم احتساب الغرامة على أساس نص المادة 23 من القانون رقم 19 لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل، ضمن الفصل الأول والخاص بتصريح العمل وما يتعلق به والتي تنص على:
أ) يحظر على العامل الأجنبي مزاولة أي عمل في المملكة دون صدور تصريح عمل بشأنه طبقاً لأحكام هذا القانون.
ب) يحظر على صاحب العمل استخدام عامل أجنبي دون صدور تصريح عمل بشأنه طبقاً لأحكام هذا القانون، كما يحظر عليه استخدام هذا العامل بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو شروط التصريح. ويجب على صاحب العمل التحقق من جنسية العامل قبل إلحاقه بالعمل.
ج) يحظر على صاحب العمل تقديم بيانات أو معلومات أو مستندات مخالفة للحقيقة من أجل الحصول على تصريح عمل دون وجود حاجة فعلية إليه، كما يحظر عليه الاحتفاظ بتصريح العمل متى انتفت الحاجة إليه.
د) يحظر على أي شخص تقاضى أي مبالغ أو الحصول على أي منفعة أو مزية من العامل مقابل استصدار تصريح عمل بشأنه أو مقابل استخدام هذا العامل أو استبقائه في عمله.
وبناءً على هذه المادة يقوم الوزير بوضع اللائحة التنفيذية وتحديد الغرامة الخاصة بمخالفة هذا النص.
من جانب آخر أظهر تقرير ديوان الرقابة المالية 2022223 أن إدارة التوظيف بوزارة العمل قامت في مايو 2019 بالتنسيق مع هيئة تنظيم سوق العمل بوضع آلية تقضي بتأخير إصدار تصاريح العمل المطلوبة للأجانب لمزاولة بعض المهن لمدة أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب، بحيث تقوم الإدارة خلالها بالتواصل مع المؤسسات وحثها على توظيف البحرينيين الباحثين عن عمل بدلاً من الأجانب، لكن هذه الآلية تستقطع من الفترة الزمنية المحددة من الهيئة وهي شهر واحد أمام صاحب العمل والعامل إلى حين تصحيح أوضاعه.
وتوضح هيئة تنظيم سوق العمل على موقعها خطوات التصالح في المخالفات والتي تتحصل في الخطوات الآتية:
1 الدخول إلى نظام الدعم الإلكتروني باستخدام المفتاح الإلكتروني.
2 اختيار خدمة التصالح الإلكتروني وتقديم الطلب.
3 سيرسل لك مأمور الضبط القضائي محضر إجراء التصالح المبين فيه بيانات العمال المخالفين والغرامة المقررة.
4 سيطلب منك التوقيع على محضر إجراء التصالح وإعادة إرساله.
5 سيصلك إشعار باعتماد إجراء التصالح ومنحك مهلة 7 أيام عمل لسداد الغرامة المقررة، وذلك من تاريخ الاعتماد.