أكدت المكلفة بالإشراف على أعمال مركز حماية الطفل فخرية السيد شبر أن مؤسسات الرعاية الاجتماعية تُعد أحد المكونات الجوهرية لنظام الحماية الاجتماعية، خاصة فيما يتعلق برعاية الأطفال المعرضين للخطر، الذين تهدد ظروفهم الأسرية أو البيئية أو القانونية سلامتهم الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية، حيث تشكل هذه المؤسسات الملاذ الآمن للأطفال. ووفقاً لتعريف اللائحة التنظيمية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، فإن المؤسسة تُعنى بـ«إيواء الأطفال المعرضين للخطر، والذين صدرت بشأنهم قرارات الإيداع أو التحفظ وفقاً لأحكام القانون واللائحة التنفيذية»، كما تلتزم بحمايتهم وتأهيلهم ودمجهم، ويتوقف تحقيق هذه الأهداف على مدى كفاءة التنظيم المؤسسي والإداري، الذي يمثل العمود الفقري في ضمان جودة الرعاية.
وأوضحت أن اللائحة التنظيمية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية تمثل أداة تنفيذية لتطبيق أحكام قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، وتهدف إلى وضع معايير واضحة لإدارة المؤسسات، وتحديد مسؤوليات العاملين بها، وضمان تحقيق مبادئ الحماية والكرامة والعدالة للأطفال المودعين وتحقيق المصلحة الفضلى لهم. وقد نصّت اللائحة على اختصاصات المؤسسة في رعاية وتأهيل الأطفال الذين تقرر إيداعهم، وتقديم خدمات متكاملة تشمل الحماية، الدعم النفسي، التأهيل التعليمي والمهني، وإعادة الدمج المجتمعي. كما حدّدت مسؤولية الوزارة في الإشراف والتقييم، ما يعكس أهمية البنية التنظيمية في تحقيق الأهداف الإنسانية والاجتماعية للقانون.
وانطلاقاً من مسؤولية مملكة البحرين في مواصلة توفير الحماية لهؤلاء الأطفال، نصّت اللائحة التنظيمية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، والصادرة استناداً إلى قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة ولائحته التنفيذية (القانون رقم 4 لسنة 2021)، على مجموعة من الأحكام والإجراءات المنظمة لعمل هذه المؤسسات.
وأشارت إلى أن وزارة التنمية الاجتماعية، بصفتها الجهة المختصة، تضطلع بدور محوري في تنفيذ هذه اللائحة، من خلال الإشراف المباشر على المؤسسات، وتحديد اختصاصاتها، وضمان تطبيق المعايير المهنية والإجرائية في رعاية الأطفال المودعين بها، حيث تلعب دوراً مركزياً في تنظيم وإدارة مؤسسات الرعاية. وتشمل مهام الوزارة وضع السياسات العامة، اعتماد الهياكل التنظيمية، متابعة الأداء، وتوفير الموارد البشرية والفنية اللازمة لضمان جودة الرعاية. كما تتولى الوزارة مسؤولية التنسيق بين الجهات المعنية، ومراقبة مدى التزام المؤسسة بحقوق الطفل ومعايير الحماية، حيث تُسهم هذه الأدوار في خلق بيئة تنظيمية داعمة، تعزز من جودة الخدمات المقدمة للأطفال المعرضين للخطر. وبالتالي، فإن فاعلية مؤسسات الرعاية الاجتماعية في حماية الأطفال المعرضين للخطر وتأهيلهم ودمجهم، تتوقف إلى حد كبير على مدى كفاءة الأطر المؤسسية والتنظيمية التي ترعاها الوزارة، وتعمل على تطويرها، وهو ما يجعل من تحليل «الأثر المؤسسي والتنظيمي» أمراً حيوياً لفهم جودة الرعاية المقدمة ومجالات تطويرها في ضوء التشريعات والسياسات الوطنية.
وأفادت بأن الثقافة المؤسسية والبيئة الداخلية للمؤسسة ليست مجرد مكان للإقامة، بل تمثل العالم البديل الذي يعيش فيه الطفل في فترة حساسة من حياته. لذلك، لا بد أن تسود ثقافة مؤسسية قائمة على الاحترام، الحماية، والتمكين، بدلاً من التسلط أو العقاب، كما يجب تعزيز قيم المشاركة، ويُشجَّع الطفل على التعبير عن احتياجاته ومشاعره، مما يسهم في بناء ثقة بينه وبين المؤسسة.
وأوضحت أن اللائحة التنظيمية لمؤسسات الرعاية الاجتماعية في مملكة البحرين تعكس فهماً عميقاً للدور المؤسسي في مواصلة تعزيز حماية وتأهيل الأطفال المعرضين للخطر، من خلال تأكيدها على الجوانب التنظيمية، الفنية، والإنسانية للرعاية، حيث تؤكد التجربة أن المؤسسات التي تمتلك تنظيماً إدارياً واضحاً، وسياسات عادلة، وكوادر مؤهلة، وبرامج تأهيلية قائمة على التقييم المستمر، هي الأكثر قدرة على تحقيق الأثر الإيجابي والمستدام في حياة هؤلاء الأطفال. وعليه، فإن تعزيز البنية المؤسسية لمؤسسات الرعاية يجب أن يكون في صميم أي سياسة أو إصلاح اجتماعي لحماية الطفولة.
منوّهة إلى أن جودة الرعاية المقدمة للأطفال المعرضين للخطر في مؤسسات الرعاية الاجتماعية تعتمد بصورة أساسية على فاعلية البناء المؤسسي والتنظيمي الذي ترعاه الوزارة. ويُعد تنفيذ اللائحة التنظيمية وتفعيل بنودها من خلال أطر إدارية ومهنية محكمة عاملاً رئيسياً في حماية هؤلاء الأطفال وضمان تأهيلهم ودمجهم في المجتمع. لذا، فإن تطوير الأداء المؤسسي ليس فقط ضرورة قانونية، بل التزام وطني وأخلاقي تجاه فئة من الأطفال هم في أمسّ الحاجة إلى رعاية حقيقية وشاملة.