يعد ترغيب الصغار في صيام شهر رمضان من الفضائل التربوية الحميدة التي يجني حصادها الوالدين بعد وصول أبنائهم سن البلوغ، حين يعود الفضل في ذلك إلى غرس قيم الأخلاق ومكارمها في نفوس الأبناء منذ صغرهم، وتعويدهم على أداء الطاعات وصونها على أكمل وجه، ما ينمي لديهم شعور السعادة بالتقرب إلى الله عز وجل ونيل رضاه لكسب الحياة المباركة المقرونة بالإيمان الخالص والتقوى.
ويتحرى المسلمون موعد شهر رمضان بفارق الصبر لكونه فرصة عظيمة تتجدد كل عام، ومناسبة استثنائية يستغلها الوالدان في تعويد أبنائهم على أداء الصيام خاصة، وعلى تعاليم الإسلام الأخرى كأداء صلاة التراويح في المساجد، والمحافظة على قراءة القرآن، وحسن الخلق، وتهذيب النفس، وصلة الرحم، وغيرها من الأخلاقيات والآداب الإسلامية الحنيفة.
ولكن كيف يتم البدء في تعليم الطفل على الصوم والتعاطي مع تحديات بداية تنفيذ الفكرة التي تواجه كلا الأبوين مع صغارهم؟
من الطبيعي أن نجد الكثير من الأطفال يواجه في أول صيام لهم تحديات كبيرة في التعود على الامتناع عن تناول الأكل والشرب وما يصاحبه من الجوع والعطش، فضلاً عن بعض الألعاب التي اعتادوا أن يلعبوها بشكل يومي، وقد يحتار الكثير من الآباء عن العمر المناسب للبدء في تربية تعويد الأطفال على الصيام، والطرق الصحيحة لتدريبهم دون الإضرار بصحتهم، من أجل منحهم فرصة ليفهموا القيم الرمضانية، وطقوس الشهر الفضيل، والإفطار الجماعي، ومساعدة المحتاجين.
فالعديد من الآباء بعد التأكد من سلامة أبنائهم البدنية يلجأ إلى أسلوب التشجيع والتعزيز بالمكافأة، فالأطفال بسجيتهم يفضلون التشجيع والتحفيز لعمل سلوك معين، وتعزيزه بمكافأة سواء مادية أو معنوية بعد القيام بالسلوك ليستمر في تأديته، ومن الضروري تهيئتهم للصيام عن طريق ذكر فضائل الشهر، ومن ثم نبدأ معهم بالصيام المتقطع تدريجياً، كأن يصوم من فترة الصباح إلى الظهر، وبعدها تمديد المدة في الأيام التالية.
ولا يغفل عن أهمية تعويد الطفل على تناول وجبة السحور لكي يكون لديه طاقة تمكنه من إتمام الصيام، ويجب أيضاً إعطاؤه فرصة اختيار نوع الطعام الصحي والملائم له الذي سيتم تجهيزه لوجبة الإفطار وإشراكه في إعداده، فذلك يشعره بحب الصوم والاستمرار فيه طيلة الشهر الفضيل.
إن التربية الفضيلة للأطفال تحتوي على تحد كبير، وتحتاج إلى بذل مجهود والكثير من السعي للوصول لأفضل النتائج في تنشئة جيل مسلم واع وقوي الإيمان، لديه القدرة على الالتزام بكل الفرائض تقرباً لله جل وعلا.
