أيمن شكل تصوير: سهيل وزير
من والده تعلّم أن العلاقات ليست مجرّد معرفة، بل جواز عبور في أصعب الرحلات، فمن بيت العائلة الكبير في الأحساء، حيث كان صدى الأصوات يمتدّ بين خمسين غرفة تعجّ بأبناء العمومة، بدأ وعيه الأول بالعائلة والترابط والكرم. ومن هناك أيضاً عرف البحر، ركب مع والده سفينة “البوم” التي كانت تعبر الموج بين البحرين والخبر، محمّلة بالبضائع والضحكات، قبل أن يولد جسر الملك فهد بزمنٍ طويل. وفي كل رحلة، كان يرى العالم يتّسع، ويفهم أن البحر لا يخيف من تربّى على الثقة.
وحين كبر، حمل تلك الدروس معه إلى البرّ البعيد، فحلّ ضيفاً على صديق والده في باكستان ليدرس الطب، وأنقذه صديق آخر بعد اندلاع الحرب مع الهند ليعود في طائرة حربية، ثم لبّى له صديق ثالث طلبه بشراء سيارة وشحنها إلى القاهرة، حيث أكمل دراسة الطب وتخرّج ليؤسّس قسم طب الأسرة في جامعة الخليج العربي.
هكذا روى البروفيسور فيصل الناصر لـ”الوطن” حكاية حياته، بين موج البحر وأجنحة الطائرات، وبين تجارة الآباء وطبّ الأبناء، رحلةً بدأت على سطح “البوم” وانتهت في مدرج الجامعة.
حدثنا عن النشأة؟
نشأت في عائلة كبيرة، حيث كان الوالد متزوجاً من ثلاث نساء، وبلغ عدد الإخوان والأخوات ثلاثة عشر، وأنا آتي في المرتبة الرابعة بينهم جميعاً، ويرجع أصلنا للمملكة العربية السعودية من منطقة الأحساء، وكان يعمل في التجارة مع إخوانه، وفي ثلاثينات القرن الماضي أرادوا التوسع وقرروا أن يفتحوا مقرات في ثلاث مدن، فكان العم الأكبر محمد المسؤول عن التجارة كلها، وأحد الإخوة في الدمام وآخر في الخبر، بينما الوالد فطلبوا منه أن يأتي إلى البحرين بحكم أنها كانت مفتوحة على الاستيراد والتصدير الخارجي، وتتمتع بسهولة في استيراد البضائع من الخارج.
وعندما جاء والدي إلى البحرين استقرّ في المحرق، ثم انتقل بعد فترة إلى المنامة وفتح مكتباً تجارياً في شارع التجار بوسط العاصمة، ليبدأ عمليات استيراد البضائع من جميع أنحاء العالم ليعيد تصديرها إلى إخوته في السعودية ويتاجر ببعضها في البحرين.
كانت البضائع تُشحن قبل إنشاء جسر الملك فهد في القوارب المستأجرة التي سُمّيت آنذاك بـ”البوم”، وبعد توسّع العملية التجارية قرّر الإخوة شراء “بوم” كبير لتُشحن البضائع من فرضة البحرين إلى فرضة الخبر في رحلة تستغرق ثلاث ساعات، وكنا نسافر فيها مع الوالد أحياناً لقضاء بضعة أيام مع العائلة الكبيرة في الأحساء، وبقيت هذه العلاقة مستمرة، وخصوصاً مع وجود سفينة تمتلكها العائلة ونسافر فيها مع القبطان فرحان وفريقه الذين كانوا يطبخون لنا أثناء الرحلة.
أذكر بيت العائلة في الأحساء، كان يحتوي على أكثر من خمسين غرفة ويضمّ كل أبناء وبنات الأعمام وزوجاتهم، وينتابني شعور جميل حين أتواجد في هذا البيت الكبير لألعب مع أقاربي من الأطفال من أبناء عمومتي، ولنا ذكريات جميلة في مزارع العم محمد، حيث كان من الوجهاء وله علاقة وثيقة مع حكّام السعودية والأمراء، ويمتلك مزرعة تحتوي على كل أنواع الفاكهة والخضروات والنخيل، وقد اشتهرت الأحساء بمياهها الجوفية الكثيرة التي تنساب في الأخاديد والأفلاج.
كانت شخصية العم محمد قوية جداً، ولاحظت ذلك في طفولتي عندما كنت أذهب إلى مكتبه في الأحساء والذي كانوا يطلقون عليه “عمارة”، فيتواجد فيه ليلتقي مع التجار وتأتيه الناس لتلقي عليه التحية وتتحدث إليه، وأذكر أول هاتف رأيته في هذا المكتب، والذي كانوا يسمونه “ترنك”، ويُستخدم فيه ذراع صغيرة للاتصال بالسنترال وطلب الاتصال بالشخص باسمه وليس برقم هاتفه.
ولم يكن والدي مختلفاً عن شقيقه الأكبر في علاقاته مع الجميع، فكان مكتبه ملتقى الجميع والمحطة التي يجب أن يمرّ عليها الأصدقاء والمعارف كل يوم، وفي خلال فترة قصيرة من تواجده في البحرين استطاع أن يكون شبكة واسعة من العلاقات سواء كانوا أصدقاء تجارة أو وجهاء المناطق في القرى، وامتدت علاقاته كذلك بالعائلة الحاكمة، فكان على علاقة مع المغفور له بإذن الله تعالى أمير البلاد الشيخ عيسى بن سلمان وشقيقه الشيخ محمد والشيخ خليفة، وكانوا حتى يتزاوروا، فيذهب إليهم ويمرّون على بيته، وتلك ظاهرة جميلة في البحرين أنه لم يكن هناك فرق بين الحاكم والمحكوم، حتى إن المرحوم الشيخ محمد بن سلمان كان يأتي إلى السوق دائماً، ويحرص على أن يمرّ بمكتب والدي فيجلس ويتحدث معه، ثم يخرج ليواصل طريقه.. كانت الدنيا بسيطة وجميلة، وكل هذه الأمور انعكست على شخصيتي يعني وتشبّعت بكل العادات الأصيلة بطريقة غير مباشرة.
وماذا عن مرحلة الشباب والمدرسة الثانوية؟
في المرحلة الثانوية استهوتني المعامل المخبرية وتشريح الحيوانات، وكيف كان قلب الفأر أو الأرنب ينبض، بينما هو نائم ودون سيطرة عليه من أحد، فكانت تأتيني تساؤلات: كيف يعمل هذا العضو؟ وكيف يضخّ الدم؟ وتلك كانت أول خطوة جعلتني أفكر في المجال العلمي، وأرغب في دراسة الطب، مع أنني كنت أتردد يومياً على الوالد في مكتبه بشارع التجار لأتابع عمليات الاستيراد والبيع والتصدير والتواصل مع التجار، حيث كانت وسيلة التواصل المتاحة حينها هي الرسائل التي تستغرق حوالي عشرين يوماً، وفي حالات الاستعجال يُستخدم نظام البرقيات، وقد كان والدي يحرص كل يوم بعد صلاة المغرب على الاتصال بإخوانه وأبناء عمه.
وتميّز والدي كذلك بعلاقاته القوية مع أصدقاء شتّى دول العالم، فقد كان يسافر شرقاً وغرباً، وكنت أرافقه في بعض الرحلات، وأرى علاقاته المتشعّبة، حيث كان له في كل دولة ومدينة صديق على الأقل، ولا يُشترط أن يكون من التجار، وهذه التجارب صبغتني بصبغة حياة المعرفة والتعارف التي تسهّل على الإنسان حياته ومعاملاته، وكان قبل السفر يجهّز الهدايا التي سيحملها معه للأصدقاء، ومن أبرزها التمر، خصوصاً بعدما اشترى مزرعة في البديع وجلب لها أفضل أنواع النخيل من السعودية.
وكان والدي يحرص على توزيع الهدايا على الناس في البحرين أيضاً، فقد جلب أبقاراً للمزرعة، وكان يقوم بتوزيع الحليب والتمر يومياً على الناس والأصدقاء.
تذكر أحداً من المعلمين الذين أثّروا في مسيرة حياتك؟
نعم، ولأن الطب هو في الأصل فن، فكان المرحوم الأستاذ إسحاق خنجي فناناً، جعلنا نهوى الفن، وعلّمنا كيفية صنع مجسمات، ولا أنسى فضل أساتذة العلوم الذين أخذونا إلى المختبرات وكشفوا لنا أسرار العلوم، وكذلك الأستاذ عزيز زباري الذي تعلمنا منه الانضباط، والأستاذ اللبابيدي الذي علّمني الأدب.
تخرجت من المرحلة الثانوية، وكنت من الطلبة الثلاثين الأوائل في البحرين، وحصلت على بعثة وقررت دراسة الطب، فأخبرت الوالد، وكان ردّه: “اللي أنت تبيه سوه.. شوف وين تبي تروح أبعثك”، وفي البداية علمت من أصدقاء يدرسون الطب في باكستان أن الدراسة هناك جيدة، فأبلغت والدي الذي نصحني بالتوجّه إلى بلد آخر، إلا أنه رضخ لاختياري، واتصل بصديق من التجار السعوديين الذي كان يعيش في باكستان، ويعمل في التجارة، وأخبره بأنني قادم إلى باكستان، ليردّ عليه قائلاً: “ابنك ابني.. ولكن لا تكلّمني عنه وانتهى الموضوع”.
وبالفعل وصلت المطار لأجده في استقبالي وذهب بي إلى بيته وقال لي: “هذا بيتك وعيالي إخوانك”، فمكثت معهم خمسة أشهر، ثم قررت أن أسكن في سكن الجامعة مع الفارق الكبير في الراحة والرفاهية، ولم أتحمّل أكثر من شهر وحدي، بعدها قررت استئجار شقة في وسط البلد.
وهل أكملت دراستك في باكستان؟
أثناء الدراسة كانت المناوشات بين باكستان والهند متواصلة، لكن في أحد الأيام تطورت إلى حرب، حيث كنا نسمع أصوات القنابل بقوة لوجود قاعدة عسكرية على أطراف العاصمة، وفرض حظر التجوّل في كراتشي، وانقطعت كثير من الخدمات، فكان لابد من العودة إلى البحرين، إلا أن الطيران توقّف أيضاً، وحاول والدي بكل وسيلة أن يعيدني مستخدماً معارفه في المملكة العربية السعودية، حيث علم أن الطائرات الحربية السعودية تقوم بتزويد باكستان بالأسلحة، فطلب منهم ترتيب عودتي على إحدى هذه الطائرات الحربية التي استُخدمت في إجلاء المدنيين من الجالية السعودية والخليجية.
أذكر هذا اليوم عندما ذهبنا إلى المطار عند السادسة صباحاً لننتظر قدوم الطائرة، إلا أن المناوشات منعتها من الهبوط، فانتظرنا فترة حتى هدأت الأوضاع، وتفاجأت بأن الطائرة بدون مقاعد أو حمّامات، وكان من المقرر أن تتوجه الطائرة إلى منطقة “كوتا” شمال باكستان لتحميل أغراض، وأثناء ذلك حدث اشتباك بين الطائرات التابعة للهند وطائرات باكستان ونحن في الجو، لكن اتصالات جرت بين الحكومة السعودية والهندية والباكستانية أنقذتنا من هذه الكارثة. واستمرت الرحلة التي بدأت عند السادسة صباحاً لتصل الظهران عند الواحدة من صباح اليوم التالي.
وأين أكملت دراسة الطب؟
عندها قررت الانتقال إلى دولة أخرى وراسلت الجامعات في مصر، وحصلت على قبول بجامعة عين شمس رغم بعدها عن سكني القريب من جامعة القاهرة بمنطقة الدقي، فطلبت من والدي شراء سيارة، وعندها استخدم علاقاته وتواصل مع تاجر في السعودية وقال له: “ابني سيأتي إليك ويريد سيارة”، وبالفعل ذهبت إليه دون أن أحمل معي الثمن أو حتى أوراقاً، فعرض عليّ صديق والدي سيارات معرضه لأختار من بينها السيارة التي أريد، وفي اليوم التالي كانت جاهزة للشحن عن طريق ميناء العقبة إلى مدينة السويس ومنها إلى القاهرة.
ورغم أنني أتحدث عن فترة سبعينيات القرن الماضي، إلا أن أعداد الطلبة في الجامعة كانت كبيرة، حيث كان زملائي في السنة الدراسية بكلية الطب يتجاوزون ألف طالب، وهذا العدد في جامعة عين شمس فقط، ولك أن تتخيل أعداد الأطباء الخريجين كل عام من كل الجامعات المصرية، كما أن الدراسة اشتملت على تدريب في مستشفى مجاني يأتي إليه مرضى بأعداد كبيرة، وهو ما يمنح الطالب فرصة للتدريب العملي المكثف.
هل تذكر موقفاً حدث أثناء الدراسة في مصر؟
كان أحد الأساتذة طبيباً قادماً من الولايات المتحدة، ويطبق معايير التعقيم والنظافة المشددة، بينما كنا نحن ندخل غرفة العمليات بملابسنا وأحذيتنا، وكنت يوماً متوجهاً إلى غرفة العمليات، وتصادف وجوده هناك، فسألني: “إنت مين؟ ورايح فين؟”، فأبلغته بأنني طالب، وهنا صاح قائلاً: “إنت جاي من الشارع وجزمتك متسخة وعاوز تدخل غرفة العمليات؟ أنت اسمك إيه؟”، ومن خوفي قلت له اسمي “محمد” حتى لا يبحث عني فيما بعد، واختفيت لمدة شهرين لم أذهب فيهما إلى غرفة العمليات.
وبعدما تخرجت، عملت متدرباً في مستشفى يُدعى “بولاق أبو العلا”، والذي يقع في منطقة شعبية يحدث فيها جرائم كثيرة، فكان من الطبيعي أن نسمع في المستشفى أصوات طلقات نارية أو أشخاصاً يعتدون على آخرين، لكني تفاجأت في أحد الأيام باستدعائي للنيابة العامة، وراجعت سفارة البحرين التي نصحتني بالاستجابة لأنه لا يمكن تجاهل هذا الاستدعاء.
أنا أجنبي وملتزم، وليس لدي أي مخالفة، فلماذا النائب العام يستدعيني؟ وتوجهت إلى النيابة بثقل وخوف ودخلت إلى مكتب أحد وكلاء النيابة الذي أعطاني تقريراً طبياً وسألني: هل أنت الذي كتبت هذا التقرير؟ فقلت: نعم، فقد جاءني شخص مصاب وكتبت هذا التقرير، فقال لي: اقرأه للنهاية، حيث كان التوصيف أنه توجد كدمات على وجه المريض تحدث نتيجة اصطدام بسطح معدني، لكن المصاب كتب في نهاية التقرير “أن هذا الاعتداء حدث من قبل الشرطة” بخط يده.
بعد التخرج والعودة إلى البحرين.. ماذا حدث؟
بعد الانتهاء من الامتياز عدت إلى البحرين وتواصلت مع مستشفى أرامكو في السعودية حيث حصلت على فرصة عمل، وكان ذلك في منطقة الظهران وقبل بناء جسر الملك فهد، ومكثت فيها سنة تعلمت خلالها الكثير عن النظام الأمريكي في العلاج والتدريب، ورغم إتاحة المجال للابتعاث والتخصص من أرامكو في مجالات أخرى كثيرة إلى أمريكا، إلا أنني فضّلت العودة إلى البحرين بسبب صعوبة السفر بالطائرة.
قررت العودة إلى البحرين للبحث عن عمل، وفي تلك الفترة كان د. علي فخرو قد أطلق برنامج طب العائلة، فدرست الموضوع واكتشفت أن هذا البرنامج يعدّ تخصصاً جديداً، فالتحقت به وكنت في الدفعة الثانية من هذا البرنامج، وإلى هذا اليوم أحمد الله على دخولي هذا التخصص، لأنه كان تخصصاً عرفت فيه معنى الطب وعلاقة الطبيب بالمريض.
وعندما انتهيت من البرنامج التدريبي في طب العائلة أكملت التخصص للشهادة من جامعة بيروت الأمريكية، وفي تلك الفترة كانت كلية الطب بجامعة الخليج العربي تزرع نواة أساتذة المستقبل، وقررت التقديم واقتراح تدريس طب العائلة، رغم أنه لم يكن معروفاً في تلك الفترة (ثمانينيات القرن الماضي)، إلا أنه بعد فترة تلقيت رسالة للمقابلة الشخصية وتم قبولي على أساس أن يكون هناك ابتعاث للدراسة في الخارج، وحاولوا إقناعي بتخصص طب المجتمع، وأنا أحاول إقناعهم بطب العائلة، وأخيراً وافقوا على طب العائلة، وحصلت على بعثة للدراسة في جامعة جلاسكو باسكتلندا، وهناك قاموا بتعديل الزمالة إلى ماجستير، ودرست الدكتوراه.
أثناء تلك الفترة قدمت على امتحانات الكلية الملكية البريطانية وحصلت على العضوية ونجحت فيها، كما حصلت على زمالة الكلية الملكية الإيرلندية، وبهذا ذهبت لجلب شهادة واحدة وعدت بثلاث شهادات عام 1984.
استلمت العمل في كلية الطب كأستاذ مساعد في مجال طب العائلة، وترقيت في المناصب إلى نائب العميد لأكثر من ست سنوات، ومن ثم عميد بالوكالة ورئيس لقسم طب العائلة لفترة طويلة جداً، وتسلمت كذلك عدة لجان في كلية الطب، منها لجنة قبول الطلبة، واستحدثت برامج عديدة في مجال طب العائلة لنغرس مفهوم طب العائلة، إلى أن أصبحت نائباً لرئيس الجامعة لمدة أربع سنوات.
وتنقلت ما بين أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك إلى بروفيسور، وكل ذلك حدث في فترة وجيزة جداً، وكان ذلك إنجازاً بالنسبة لي لأن لقب بروفيسور يتطلب أبحاثاً علمية قيّمة ومنشورة، وأنا قدمت تسعين بحثاً علمياً منشوراً في دوريات علمية دولية ومحلية، وكتبت أجزاء في كتب علمية أجنبية، ومؤخراً حصلت على زمالة المنظمة العالمية لطب الأسرة (WONCA) خلال اجتماع المجلس الأعلى للمنظمة الذي عُقد في مدينة لشبونة.
وكانت لي هواية كتابة الشعر البسيط، فكتبت شعراً يشرح أعضاء جسم الإنسان بصيغة أدبية، وكان عندي هوايتان إضافيتان، وهما جمع الطوابع وجمع أقلام الفنادق، وكان طموحي أن أدخل موسوعة “جينيس” بأكبر مجموعة من أقلام الفنادق من جميع أنحاء العالم، حيث تمكنت من جمع أكثر من ألف ومائتي قلم تم تصنيفها في ألبومات يُكتب فيها القلم واسم الفندق والمكان.
لماذا اخترت طب العائلة؟
طب الأسرة هو تخصص جميل جداً، توجد فيه علاقات إنسانية بين الطبيب والمريض على مدى طويل جداً، يستطيع من خلاله الطبيب أن يتابع تطورات الأمراض وإيجاد آلية لمنع حدوثها، فضلاً عن أنه يحسّن من صحة المجتمع ككل، ويخفض التكلفة المادية للصحة العامة على الدولة، أضف إلى ذلك التكلفة النفسية التي تؤثر على المريض عندما يجري جراحة ويحتاج لفترة طويلة من التأهيل والعودة لطبيعته، والتي كان يمكن تداركها بطب العائلة، حيث نكتشف المرض من بداية تكوينه.
ماذا عن العائلة؟
عندي ثلاثة أولاد وبنت، لم يختر أحد منهم دراسة الطب، ولم أجبر أيّاً منهم على تلك الدراسة، لأني أعرف أن دراسة الطب متعبة، وتحتاج إلى شخص يحبها، ولذلك فكل واحد من أبنائي اختار مجاله ونجح فيه. فالابن الأكبر “خالد” اختار أن يكون معمارياً، ودرس في كندا، وحصل على الماجستير في العمارة، ولا يزال يواصل تعليمه هناك، أما سليمان فقد أخذه الحنين إلى إرث جدّه في مجال التجارة، ودرس المحاسبة في جامعة بوسطن بأمريكا، ولديه اليوم شركة لتنسيق الحدائق والأرضيات، وكذلك الابن الثالث “محمود” الذي درس المالية في أمريكا والآن يعمل مديراً في أحد البنوك، أما ابنتي فقد درست التسويق، وقررت أن تأتي وتعمل معي في مركز الرعاية الصحية المنزلية الذي افتتحته عام 2005 مع أخي فوزان الناصر الذي تولّى إدارته لانشغالي في التدريس بالجامعة، وكان المركز الأول من نوعه، والذي يسعى ضمن أهدافه إلى تقديم خدمات رعاية صحية في المنزل.
