حسن الستري

شهدت الجلسة الختامية من «حوار المنامة» مناقشات معمّقة حول ملامح «العصر النووي الجديد» والتحديات التي تفرضها التحولات الاستراتيجية والتكنولوجية على الأمن العالمي.

وأكد رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الأدميرال جوزيبي كافو دراغون أن الحوار والأمن لا ينفصلان، مشدداً على أن السلام لا يُبنى على الأمل، بل على الفهم والمسؤولية.

وأوضح أن الردع النووي ليس أداة استفزاز، بل وسيلة لحفظ الاستقرار، داعياً إلى الجمع بين القوة والتكنولوجيا لضمان أمنٍ قائم على الشفافية والانضباط.

من جانبها، شددت نائبة رئيس الوزراء ووزيرة العدل السابقة في رومانيا آنا بيرشال على أن الطاقة النووية ليست تهديداً، بل فرصة للبقاء والتقدم إذا استُخدمت بمسؤولية، مؤكدة أن العالم يدخل عصراً تتقاطع فيه فرص التنمية مع التحديات الأخلاقية والأمنية. و

دعت إلى تحويل الذرة من رمزٍ للتهديد إلى رمزٍ للأمل عبر الاستثمار في الطاقة النووية السلمية وتعزيز التعاون الدولي لبناء مستقبل آمن ومستدام.

وأكد رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي «الناتو» الأدميرال جوزيبي كافو دراغون أن الحوار والأمن لا ينفصلان، والسلام لا يُبنى على الأمل، بل على الفهم والمسؤولية.

وقال، خلال الجلسة العامة الختامية من «حوار المنامة» والتي حملت عنوان: «عصر نووي جديد؟ مخاطر وفرص استراتيجية»: «إن عالمنا اليوم يزداد تعقيداً وعدم يقين، وهذا الانعدام في اليقين هو ما يُبقي حلف شمال الأطلسي يقظاً ومستعداً»، موضحاً أنه طالما وُجد السلاح النووي في العالم، سيبقى الردع جزءاً أساسياً من عمل الحلف، لأن الردع النووي ليس من «مخاوف الغرب»، بل مسؤولية عالمية تهدف إلى الحفاظ على السلام والاستقرار.

وأشار الأدميرال كافو دراغون إلى أن الحروب السابقة كانت ثنائية الأطراف، وأن القوى النووية خفّضت من ترساناتها خلال العقود الماضية، لكن في المقابل برزت اليوم تهديدات جديدة أكثر تعقيداً، موضحاً أن الردع النووي لحلف الناتو لا يقوم على الاستفزاز، بل على الشفافية والانضباط والمسؤولية، مؤكداً أن التدريبات المنتظمة التي يجريها الحلف تهدف إلى ضمان سلامة الإجراءات وفعالية التنسيق من أعلى المستويات القيادية إلى أدناها. وقال: «نعمل في بيئة استراتيجية جديدة تماماً، ترتفع فيها المخاطر، وتتراجع فيها قنوات التواصل، ويزداد خطر سوء التقدير».

وأضاف أن الردع في القرن الحادي والعشرين لم يعد يعتمد فقط على حجم الترسانات النووية، بل أيضاً على التكنولوجيا والقدرات السيبرانية والمنظومات الذكية التي تتيح التنبؤ بالتهديدات واتخاذ قرارات دقيقة وسريعة.

وأشار إلى أن «الآلة لا تتحمل المسؤولية المعنوية، بل الإنسان»، مؤكداً أن القرار الأخلاقي والإنساني يظل في يد القادة وصانعي القرار، وأن مسؤولية العسكريين هي تزويد صناع السياسة بالحقائق الصريحة والموضوعية.

كما تحدث عن التجربة الأخيرة للحلف في شمال أوروبا، مؤكداً أنها لم تشمل استخدام أسلحة نووية حية، لكنها عززت الجاهزية المشتركة، وشكلت رسالة واضحة مفادها أن الردع الموحد هو حجر الأساس للأمن الجماعي.

وأضاف أن الناتو سيواصل العمل مع الشركاء في المنطقة لبناء الثقة وتعزيز القدرات المشتركة، مشدداً على أهمية استخدام هذه القدرات لأغراض سلمية وبطريقة مسؤولة.

وتابع: «لسنا نخشى العصر النووي الجديد، بل نسعى إلى فهمه وتوجيهه نحو السلام. نحن في الناتو نؤمن أن الردع الناجح هو الذي يمنع الحرب، لا الذي يشعلها. ومسؤوليتنا الجماعية هي أن نحافظ على السلام من خلال القوة، والشفافية، والفهم المشترك».

من جانبها، قالت نائبة رئيس الوزراء ووزيرة العدل السابقة في رومانيا آنا بيرشال أن الطاقة النووية من أنظف مصادر والطاقة، وهي ليست تهديداً، بل فرصة للبقاء والتقدم إذا استخدمت بمسؤولية.

وأكدت بيرشال أن العالم يدخل عصراً نووياً جديداً، تتقاطع فيه الفرص الاقتصادية والعلمية مع التحديات الأمنية والأخلاقية، مشيرةً إلى أن عام 2025 شهد تحولاً في الخطاب العالمي حول الطاقة النووية، حيث بدأ القادة التنفيذيون يتحدثون عن الاندماج النووي كمصدر مستقبلي للطاقة النظيفة.

وقالت إن رومانيا كانت من أوائل الدول التي رفضت التكنولوجيا الروسية منذ البداية، ووسعت برنامجها النووي المدني بالتوافق مع المعايير الدولية واتفاقيات عدم الانتشار، مؤكدة أن الطاقة النووية المدنية لم تعد خياراً ثانوياً، بل ضرورة استراتيجية للبقاء وضمان الاستقلال في مجال الطاقة.

وتابعت: «الطاقة النووية تنير المدن، وتعالج السرطان، وتساعد في مكافحة التغير المناخي. إنها وجهٌ للتقدم العلمي إذا استُخدمت بذكاء، لكنها قد تكون مأساة إن أسيء استخدامها».

وأشارت إلى أن الطاقة النووية يجب أن تُدار ضمن إطار من الشفافية والمسؤولية المشتركة، بحيث تكون رمزًا للثقة لا للخوف، مؤكدة أن بناء الثقة في المجتمعات عنصر أساسي لتقبل الطاقة النووية كطاقة آمنة ونظيفة.

كما شددت على أهمية تعزيز التعليم والتوعية العامة، وتكثيف الاستثمار في الأبحاث النووية السلمية، لاسيما المفاعلات الصغيرة المعيارية التي تُعد «فرصة تكنولوجية ميسورة التكلفة وآمنة».

وأضافت: يجب أن نحول الذرة من رمزٍ للتهديد إلى رمزٍ للأمل. أولادنا سينظرون يوماً إلى هذه المرحلة كلحظةٍ تاريخيةٍ اختار فيها البشر استخدام التكنولوجيا لخدمة الإنسانية، لا لتدميرها.

وختمت بيرشال كلمتها بالتأكيد على أن الطاقة النووية يمكن أن تكون أساسًا لبناء السلام والازدهار إذا ارتكزت على التعاون الدولي، والمسؤولية الأخلاقية، واحترام معايير الأمان العالمية، قائلة: التكنولوجيا تنقذ الأرواح، لكنها لا تحمل الضمير. مسؤوليتنا أن نوجهها نحو الخير، وأن نجعل من العصر النووي الجديد عصراً للسلام لا للمواجهة.

شاركها.