أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية (KCNA) أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قام يوم الاثنين بزيارة إلى معهد تابع لأكاديمية المواد الكيميائية العامة، الخاضع لإدارة الصواريخ، حيث التقى خبراء يعملون على تطوير ألياف الكربون المركّبة المستخدمة في إنتاج محركات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. الزيارة جاءت في توقيت حساس، قبل مغادرته على متن قطار مصفّح باتجاه الصين للمشاركة في لقاء مع قادة بكين وموسكو وحضور عرض عسكري ضخم في العاصمة الصينية.
تفاصيل الزيارة ومعهد الأبحاث
بحسب الوكالة، أجرى كيم جولة ميدانية داخل المعهد حيث اطلع على نتائج أبحاث وتجارب متعلقة بمحركات الوقود الصلب عالية الدفع، والمصنّعة باستخدام ألياف الكربون المركبة. وأوضحت الوكالة أن المعهد نجح خلال العامين الماضيين في إجراء ثماني تجارب ثابتة أثبتت موثوقية تشغيل المحركات الجديدة ودقتها.
محركات جديدة لصواريخ هواسونغ19 و20
ذكرت الوكالة أن المحرك الجديد المصنوع من هذه المواد المتطورة يولد قوة دفع قصوى تصل إلى 1,960 كيلونيوتن، وسيُستخدم في صواريخ “هواسونغ19″ و”هواسونغ20” التي تصفها بيونغ يانغ كجيلها التالي من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. ويُعتبر “هواسونغ19” حتى الآن أكثر الصواريخ تطورًا من حيث الوقود الصلب في الترسانة الكورية الشمالية، فيما يُعتقد أن “هواسونغ20” قد يمثل نقلة أكبر في قدرات بيونغ يانغ الاستراتيجية.
صور محدودة ورسائل سياسية
نشرت وكالة الأنباء المركزية صورة واحدة فقط للزيارة، ظهر فيها كيم برفقة كبار مسؤولي الصواريخ، وهم يتفقدون أجزاء كبيرة من هياكل الصواريخ يُقدَّر قطرها بأكثر من مترين. المراقبون يرون أن هذا النوع من الصور يهدف إلى إيصال رسالة ردع للخارج، خصوصًا أن كوريا الشمالية سبق أن كشفت في أكتوبر الماضي عن صاروخ “هواسونغ19” خلال تجربة إطلاق أولية.
ترقب لعرض عسكري واختبارات مقبلة
يتوقع مراقبون أن تكشف بيونغ يانغ عن مزيد من التفاصيل حول صاروخ “هواسونغ20” خلال العرض العسكري المرتقب في 10 أكتوبر. كما لم يُستبعد احتمال تنفيذ تجربة إطلاق فعلية قبل نهاية العام، ضمن خطة تطوير الأسلحة التي أعلن عنها في المؤتمر الثامن لحزب العمال، والتي ستنتهي قبل انعقاد المؤتمر التاسع مطلع العام المقبل.
دلائل فنية في الصور المنشورة
أوضح خبراء آخرون أن الصورة التي نشرتها الوكالة تظهر بالفعل مقطعًا من هيكل محرك مصنوع من ألياف الكربون، مع علامات واضحة على أماكن وصل الأجزاء المعدنية بالقسم المخروطي. وتُظهر الأدلة أن بيونغ يانغ اعتمدت هذه التقنية في صواريخها “هواسونغ18” و”هواسونغ19″، ما يعزز الفرضية بأنها ماضية بسرعة في تطوير جيل جديد من المحركات الصاروخية.
تاريخ من التجارب والتطوير
كوريا الشمالية سبق أن أعلنت خلال الأعوام الماضية عن إنجازات مماثلة، منها تطوير محركات دفع قوية لصواريخ متوسطة المدى فرط صوتية في يناير 2024 و2025، فضلاً عن تجارب ثابتة في نوفمبر 2023 وديسمبر 2022. لكن القدرات المعلنة الأخيرة تبدو الأعلى حتى الآن، إذ تجاوزت قوة الدفع السابقة البالغة نحو 1,373 كيلونيوتن.
مواقع التجارب والغموض حول المعهد
كشفت تقارير عن إجراء تجارب متعددة في مجمع “سوهى” الفضائي غرب البلاد، وفي “ماجونغبو” قرب هامهونغ شرقًا. لكن هوية الموقع الذي زاره كيم مؤخرًا تبقى غامضة؛ ففي عام 2017 ظهر في معهد آخر يُعرف باسم “معهد المواد الكيميائية التابع لأكاديمية علوم الدفاع”، بينما هذه المرة أشارت وسائل الإعلام إلى اسم مختلف، ما يجعل تحديد المكان بدقة أمرًا صعبًا.
تركيز على الوقود الصلب بدل السائل
منذ نحو ثلاث سنوات، غيّرت بيونغ يانغ استراتيجيتها من تطوير صواريخ تعمل بالوقود السائل إلى التركيز على الوقود الصلب، لما يوفره من سرعة في الإعداد والإطلاق، وتقليل فرص الكشف المبكر من قبل الخصوم. وتوقفت تقريبًا عن اختبار صواريخ الوقود السائل، رغم استمرار ظهورها في بعض زيارات كيم التفقدية.
البعد الاستراتيجي والسياسي
زيارة كيم لهذا المعهد ونشر تفاصيلها قبل توجهه إلى بكين للقاء قادة الصين وروسيا تحمل رسائل سياسية واضحة. فهي تؤكد استمرار بيونغ يانغ في تطوير قدراتها النووية والصاروخية رغم العقوبات، وفي الوقت نفسه تضع ملف قوتها العسكرية ضمن أوراقها التفاوضية مع الحلفاء والخصوم على حد سواء.