لماذا يجب عليك أن تترفق بالحيوانات إذا أردت الجنة – الوطن
أميرة صليبيخ
تظهر لي بين حين وآخر فيديوهات «لمخلوقات ضالة» تجردوا من إنسانيتهم وهم يعذبون الحيوانات بلا رحمة. ولعل أبشع ما رأيته فيديو لشخص من إحدى الدول العربية المسلمة، وقد ربط كلباً في العراء وقام بضربه ضرباً مبرحاً بعصا ضخمة. كان حرفياً مثل فلاح يحرث بمنجله الأرض، هكذا كان ينتهك جسد الحيوان البريء. لم أستطع إكمال الفيديو، ولاتزال يد الرجل وهي ترتفع لأعلى ثم تهوي بكل قوة على جسد الكلب تصيبني بالقشعريرة والغثيان والحزن المرير كلما تذكرتها.
هذه لمحة بسيطة عما تعانيه الحيوانات المشردة على أيدي الوحوش من البشر، دون ذكر معاناتها أصلاً بسبب الجوع والخوف والبرد والتشرد وعدم الاستقرار أو الراحة. فمنذ الصباح تعاني من أجل لقمة صغيرة تسد بها جوعها المؤلم، وتعاني للبقاء حية دون أن يطالها أذى البشر والسيارات وغيرها، وتعاني حتى تجد في نهاية اليوم مكاناً مناسباً للنوم دون قلق.
عندما جاء الإسلام، جاء كاملاً شاملاً لحقوق جميع من على هذه الأرض من حجر وشجر وبشر، وكان واضحاً في وضع الحدود ومنع الاعتداء على الآخرين بغير وجه حق أو بحق أيضاً، وجعل أساس التعامل هو حسن الخلق، ولا يتحقق هذا المعنى إلا بالرحمة. ومن أعظم مظاهر الرحمة التي شرعها الإسلام لحفظ حقوق الحيوان أنه حرّم لعنها، بالرغم من أنها لا تفهم ولا تعي ما يقال لها. فالقسوة في الكلام الموجه إليها حرام ومنهي عنه، فما بالك بمن يتعمد أذيتها، وتعذيبها، وتجويعها، وتخويفها!
إن رحمة الحيوانات ورحمة الناس بشكل عام هي من موجبات رحمة الله. وقد قال الرسول في حديثه: قال الله عز وجل «إن كنتم تُريدون رحمتي فارحَموا خَلقي». والحيوانات الضعيفة هي أولى بالرحمة لأنها مستضعفة ولا تستطيع الدفاع عن نفسها أو التعبير عما بداخلها. فهي ليست مخلوقات منزوعة الشعور والفهم كما يتصور بعض الجهلاء، بل هي مثل الإنسان تماماً في مشاعرها واحتياجاتها، إنما لا تملك الوعي الذي نملكه. الوعي وهو الأمانة التي رفضت السماوات والأرض أن يحملنها وحملها الإنسان.
ولذلك، يجب أن يراجع الإنسان نفسه بين الحين والآخر ويتفحص نسبة الرحمة في قلبه من خلال تعامله مع البشر والحيوانات على حد سواء، فالرحمة لا تتنزل إلا على من بقلبه رحمة. قال الرسول الأكرم «من يُحرَمِ الرِّفقَ، يُحرَمِ الخيرَ». فلا تحرم نفسك خير الدنيا، وتذكر أن ما تفعله اليوم إنما هو حرث ستجني ثماره في الآخرة.