لوحة “حديقة القسيس في نوينين” تعود إلى المتحف بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف في حقيبة إيكيا
استطاع آرثر براند، المحقِّق الهولندي المتخصِّص بالشؤون الفنية، والمعروف بلقب “إنديانا جونز في عالم الفن” بالتعاون مع وحدة الجرائم الفنية التابعة للشرطة الهولندية من استعادة لوحة فان جوخ المسروقة “حديقة القسيس في نوينين” والتي تُقدر بأكثر من 6.4 مليون دولار.
اللوحة الزيتية المستعادة تعود إلى فترة ما بعد الانطباعية الهولندية، وقد رسمها الفنان العالمي فنسنت فان جوخ في 1884، وتعدُّ “حديقة القسّيس في نوينين” عملاً فنيًا قيّمًا في مسيرة فان جوخ الفنية.
كانت اللوحة جزءًا من معرض مؤقت يُنظمه متحف «سينغر لارين» القريب من أمستردام، على سبيل الاستعارة من متحف الفن الهولندي «غرونينغر». ويُذكر إن اللوحة سُرقت في منتصف الليل من المتحف في مارس عام 2020، خلال فترة إغلاقه بسبب جائحة كوفيد خلال عملية سطو تصدرت عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم.
أدار عملية التفاوض لإعادة اللوحة، المحقّق الهولندي المتخصّص بالشؤون الفنية آرثر براند، الذي إجتمع بأحد الوسطاء «لم تُكشف هويته للعلن»، إذ إن الشخص الذي أعاد اللوحة لم يكن متورطًا في سرقتها، وذلك في صباح الثاني عشر من سبتمبر بعد عدة مفاوضات، وتسلّم منه اللوحة حيثُ كانت ملفوفة في غطاء وسادة قديم في كيس “إيكيا” الأزرق.
وقال مدير المتحف الذي يمتلك اللوحة إنها تعرضت لخدوش ولكن يمكن إصلاحها. واللوحة موجودة حاليًا في متحف فان جوخ في أمستردام للترميم، وينتظر الجمهور بفارغ الصبر رؤية اللوحة مجددًا في أروقة المتحف إلا إن عملية ترميم اللوحة قد تستغرق بعض الوقت حتى يتم عرضها للعلن مرة مرة أخرى.
وقد يتساءل البعض من خارج المجتمع الفني عن سبب سرقة لوحات فنية عالمية ومشهورة جدًا مع العلم بصعوبة بيعها علنًا، ولكن لطالما كانت السرقات الفنية تجارة هائلة في السوق السوداء، ومثل هذه العمليات والسرقات لا تتم من قبل لصوص عاديين وبمثل هذه البساطة، إذ يتطلبُ الأمر تخطيطًا دقيقًا ومعرفة واسعة ومُفصلة عن طريقة وآلية عمل أجهزة الإنذارات وكاميرات المراقبة داخل المتاحف وقاعات العرض وشبكة واسعة من المختصين في بيع اللوحات الفنية المسروقة في العالم السفلي للمافيا في السوق السوداء والتي غالبًا ما يتمُ استخدامها للحصول على فدية من المتاحف المسروقة أو شركات التأمين المسؤولة عن مثل تلك الأعمال الفنية بمبالغ ضخمة جدًا تُقدرُ بالملايين أو للمقايضة لأطلاق سراح أعضاء المافيا من السجون.
وعلى الرغم من تطور التكنولوجيا وآلات المراقبة الحديثة إلا إن مثل هذه السرقات ما زالت تحدث حتى في هذه السنوات نظرًا لثغرات الأمن في المتاحف وقاعات العرض ولأخطاء بشرية ولعدم تحديث أنظمة الأمان فيها بشكل دوري. وعلى الرغم من صعوبة إرجاع مثل هذه اللوحات إلا إن الحظ كان حليف المحقق الهولندي آرثر براند الذي استطاع ببراعته وكفائته المذهلة من إستعادة اللوحة المفقودة بعد عدة سنوات من التحقيقات في مُلابسات الحادث وتتبع خطوط الجريمة وتحليلات عميقة وعقد علاقات مزيفة للدخول للعالم السفلي للمافيا وعقد مفاوضات عديدة لاسترجاع اللوحة المسروقة.
لذا يتوجب على المتاحف وقاعات العرض من تشديد الحراسة على اللوحات العالمية نظرًا لأهميتها القومية فهي جُزءًا مهمًا يوثق التراث الإنساني العالمي ويعدُ خسارتها أمرًا فادحًا ليس للوسط الفني فحسب بل للمجتمع الإنساني ككل.