أختتمت أعمال المؤتمر السنوي السادس والعشرين لجمعية البحرين لإدارة الموارد البشرية People 5.0 الأسبوع الماضي، وذلك بحضور معالي السيد علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى الموقر حيث انطلقت فعاليات مؤتمر الجيل الخامس من القوى البشرية العاملة تحت عنوان تشكيل القوى البشرية المستقبلية والذي يستمر على مدى يومي السابع عشر والثامن عشر من نوفمبر 2025 بمشاركة نخبة من المتحدثين والخبراء وبحضور يقارب مئتين وخمسين مشاركًا من داخل البحرين وخارجها.

وفي كلمة الافتتاح رحّب رئيس الجمعية السيد أحمد الزياني بالحضور مؤكدًا أن الجمعية التي تمتد مسيرتها لأكثر من سبعة وأربعين عامًا تواصل أداء رسالتها في الارتقاء بالقدرات البشرية وصناعة القيادات القادرة على إحداث أثر إيجابي في المجتمع مشيرًا إلى أن مؤتمر People 5.0 يمثل أحد أهم المنصات لنشر الفكر القيادي واستشراف مستقبل العمل كما أكد أن كل تحول يبدأ بالإنسان وأن التطور التقني المتسارع منذ الثورة الصناعية الأولى وحتى الثورة الرابعة يفرض مسؤولية مشتركة لإعداد الأفراد وتمكينهم من مواكبة التغيير والاستعداد للوظائف التي لم تُخلق بعد، مضيفًا أن People 5.0 يشكل حركة تركز على تطوير الإنسان وتعزيز التفاعل بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي بما يجعل الفرد محور التنمية كما استعرض الزياني العناصر الخمسة لبناء رأس مال بشري قادر على صناعة التحول وتشمل الشخصية والمجتمع والمهارات والاهتمامات والقدوات معتبرًا أن هذه الركائز تمثل أساس التغيير المستدام الذي تتبناه الجمعية في برامجها ورسالتها.

وتطرق الزياني في رسالته الثالثة إلى أهمية التكيّف باعتباره عاملًا حاسمًا في نجاح القوى العاملة مستقبلًا مؤكدًا أن تغيير العقلية هو المدخل الأول للابتكار والتميز مشيدًا برئيس المؤتمر الدكتور أحمد البناء بوصفه نموذجًا حيًا للقيادة المتجددة التي تتبنى التقنيات الحديثة وتواصل التعلم المستمر رغم المسيرة العملية الطويلة ليكون مثالًا يحتذى به في المرونة الفكرية والاستعداد للمستقبل. وقدّم رئيس المؤتمر الدكتور أحمد البنّاء مستشار مجلس إدارة الجمعية عرضًا موسعًا تناول فيه ملامح الجيل القادم من القوى البشرية وأبعاد فهم قوة العمل المستقبلية، موضحًا أن المستقبل لم يعد متعلقًا بالعمل فقط بل بالإنسان الذي يقف خلف العمل كما استعرض الفرق بين People 5.0 كمنظور اجتماعي يضع الإنسان في قلب التطوير وبين Industry 4.0 الذي بين فيه أن الإنسان والتقنيات المتقدمة يمثل أساس القيادة المعززة القائمة على اتخاذ قرارات أدق وتعلم أسرع وابتكار أكثر شمولية.تناول الدكتور البنّاء أن تطور مسيرة الموارد البشرية من نموذجها الإداري HR 1.0 وصولًا إلى نموذج HR 5.0 المرتكز على الإنسان والذي يجمع بين التعاطف والأخلاقيات والتعاون بين البشر والتكنولوجيا باعتباره الاتجاه الذي سيقود المنظمات في المرحلة المقبلة.

وعلى هامش الافتتاح تم توقيع مذكرة تفاهم بين جمعية البحرين لإدارة الموارد البشرية وبيت التمويل الكويتي KFH البحرين، تعزيزًا للشراكة المؤسسية في مجالات تنمية رأس المال البشري وتطوير الكفاءات الوطنية..

كما شهد حفل الافتتاح تكريم الشركات الراعية والمتحدثين تقديرًا لدورهم في دعم مسيرة المؤتمر والارتقاء بمحتواه العلمي، وأفتتاح المعرض المصاحب الذي ضم عدد من المؤسسات التي تساهم في تطوير التنمية البشرية في مملكة البحرين.

وواصل المؤتمر جلساته على مدى أربعة أيام (ورشتي عمل قبل وبعد) للمؤتمر، محملًا برسالة واضحة مفادها أن المستقبل لا ينتمي إلى الأقوى بل إلى الأكثر قدرة على التكيف وأن مسؤولية القادة اليوم لم تعد تنحصر في التنبؤ بالمستقبل بل في صناعته وقيادته بالتعاطف وتصميم نماذج عمل تعزز الإنسان وتمنحه الأولوية في عالم تتقدم فيه التكنولوجيا بوتيرة غير مسبوقة.

وقبل يوم انعقاد المؤتمر قدّم الدكتور كوري جون بلوك، رؤية حول كيفية بناء ثقافة عمل أكثر ابتكارًا وتأثيرًا، وأدارت الورشة المدربة التنفيذية الأستاذة سميرة بابا التي أضفت طابعًا تفاعليًا على ورشة العمل. واستفاد المشاركون بفهم عملي لكيفية تطبيق نموذج People 5.0 لتمكين الموارد البشرية، وتعزيز المشاركة، وتحفيز الإبداع داخل المؤسسات، عبر أساليب توجيه (Coaching) والاعتماد على التكنولوجيا، وتستثمر في الإنسان كركيزة أساسية للنجاح.

وفي اليوم اليوم الرابع للمؤتمر شهد ورشة عمل “التوظيف الأذكى بالذكاء الاصطناعي” نقاشات غنية ومفاهيم إثرائية حول مستقبل الموارد البشرية. والورشة التي أدارتها الأستاذة فاطمة التحو عضو مجلس الإدارة وقدمتها الأستاذة ديما بقاعين من شركة Elevatus الأردن.

في ختام المؤتمر أصدرت اللجنة العليا المنظمة توصيات محورية تستهدف الأفراد والمؤسسات على حد سواء، في خطوة تُترجم فهمًا عميقًا لطبيعة العمل المستقبلي الذي يرتكز على الإنسان والتكنولوجيا.توصيات الأفراد:1 تبنّي التطوير الذاتي المستمر بالتركيز على المهارات الإنسانية2 زيادة الاستثمار في المهارات الناعمة مثل التواصل الفعّال، التعاطف، التفكير النقدي، والذكاء العاطفي، لأنها أساس القوى العاملة المستقبلية في People 5.03 تعزيز الرفاه الشخصي والتوازن بين العمل والحياة

توصيات للشركات والمؤسسات4 اعتماد الإنسان (الموظف) كمركز للاستراتيجية المستقبلية (HumanCentric Approach)5 إعادة تصميم السياسات والعمليات ونماذج العمل للتركيز على رفاه الموظف، تجربته، وتطوره، وليس التكنولوجيا أو الإجراءات6 الاهتمام بشكل كبير على تطوير بيئة وثقافة عمل داعمة وشاملة (Inclusive & Supportive Workplace)

هذه التوصيات تأتي تماشيًا مع الاتجاهات العالمية الحديثة في إدارة الموارد البشرية، والتي تؤكد على أن نجاح المؤسسات المستقبلية لن يُقاس بتبني التكنولوجيا وحدها، بل بمدى قدرتها على تمكين الإنسان من حيث الابتكار والاستدامة في بيئات العمل الحديثة.

شاركها.