مؤلفة كتاب سيرة المفكر الراحل.. صفاء العلوي الأنصاري هو ابن خلدون العصر الحديث ومؤسس الحركة الأدبية والفكرية – الوطن
أيمن شكل
في حوار سابق مع “الوطن” حول كتابها «الكلمة من أجل الإنسان.. سيرة المفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري»، تحدثت الكاتبة د.صفاء العلوي عن سيرة المفكر الراحل، مشيرة إلى أن الكتاب جاء احتفاءً بميلاد الأنصاري الثمانين، وطرح خلال حفل التكريم الذي أقامته هيئة البحرين للثقافة والآثار، تحت رعاية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، ومؤكدةً أن الأنصاري هو ابن خلدون العصر الحديث حين تأثر وعشق فكر ابن خلدون، وكان يرى أن نظرياته في علم الاجتماع يجب أن يتم الاقتداء بها وتطبيقها.
وقالت إن “مسيرة المفكر الثرية مرت بمحطات متنوعة صنعت منه المفكر العربي صاحب الفكر المستنير الذي واكب ما مرت به البحرين من مشروع وطني كبير ونهضة فكرية حديثة، وعمل على الارتقاء بالإنسان العربي، لاسيما وأن مؤلفاته وإسهاماته أغنت المكتبة العربية، كما أنه يُعدّ من أبرز الكتّاب والأدباء والمثقفين الذين أسّسوا الحركة الأدبية والفكرية والثقافية في مملكة البحرين، وأنه أول رئيس لأسرة الأدباء والكتّاب التي تم تأسيسها عام 1969”.
وأكدت الكاتبة د.صفاء إبراهيم العلوي أن البحرين تحتاج إلى وجود أنصاري جديد يخرج من أصلاب الشباب والجيل الحالي ليتحلّى بذلك الإنسان الرائد في مجال الفكر والثقافة العربية المعاصرة، وبجهده الدؤوب البارز من خلال كتاباته وإسهاماته ومؤلفاته الفكرية التي أغنت المكتبة العربية”.
وبتكليف من هيئة البحرين للثقافة والآثار تم اختيارها لتأليف الكتاب، كونها عضواً في أسرة الأدباء والكتاب، وتمثل جيل الشباب، مشيرة إلى أن الدكتور الأنصاري احتوى التجربة الشبابية في بدايتها في البحرين، وبرز دوره في لم شمل الشباب ووضع الركائز الأولى لأسرة الأدباء والكتّاب، وقالت: “لم تكن مهمة تأليف كتاب عن سيرة المفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري بالمهمة الهينة، خصوصاً، أن رغبته كانت في يوم ما كتابة سيرته الشخصية بشكل مغاير، لذلك جاءت السيرة الغنية، التي تم تدوينها في كتاب «الكلمة من أجل الإنسان»، حيث إنه أثناء بحثي في أسرة الأدباء والكتّاب مع زملائي لفت انتباهي صوت سجل للأنصاري في يناير 1970 في نادي النسور، خلال أول أمسية شعرية تلقيها مجموعة من الشعراء الشباب ومنهم الدكتور علوي الهاشمي، وكانت كلمة الأنصاري آنذاك بصفته رئيساً لأسرة الأدباء والكتاب، وأول ما سمعت من الصوت المسجل الذي تم تفريغه من «كاسيت» قديم، كانت الكلمة الافتتاحية للأنصاري في الأمسية، «باسم الكلمة من أجل الإنسان»، وقد اختير شعار «أسرة الأدباء والكتاب» ليكون «الكلمة من أجل الإنسان»”.
ولفتت د.صفاء إلى أن المطّلعين من المفكرين والباحثين في البحرين يعلمون أن الأنصاري مفكّر، ولكن القليلين، هم من يدركون أن الأنصاري كان أديباً، ويكتب شعراً، ونصوصاً مسرحية، وكان ناقداً أدبياً، ومقالاته في البدايات باسمه المستعار نصار، حيث كانت تلك المقالات أدبية وليست فكرية، ومع الوقت، شعر الأنصاري أن الأدب له وقته، وقد حان الوقت أن ينشغل بالفكر العربي، وبالمشاكل الموجودة في الوطن العربي.
ونوّهت بالمحطات التي مرت بها مسيرة الأنصاري، وصنعت منه ذلك المفكر العربي الذي اهتم بالإنسان العربي، وبهويته العربية والإسلامية وقضايا الأمة العربية وفكرها، وبفكره المستنير، واكب ما مرت به مملكة البحرين من مشروع وطني كبير، ونهضة فكرية حديثة، وساهم فيه، فقد سخّر الكلمة الصادقة في مسيرته الفكرية الحافلة بالإنجازات، من أجل نماء الوطن وسعادة الإنسان، وليحقق بمشروعه الفكري النهضوي شعار «الكلمة من أجل الإنسان».
وتناولت الكاتبة نشأة الأنصاري وأثر مدينة المحرق على تلك النشأة، ودراسته داخل البحرين، بدءاً من الكتاتيب مروراً بالهداية الخليفية ومن ثم المنامة الثانوية، حيث تخرج من المدرسة، وهو الأول على «العلمي والأدبي»، ليكون قدره في بيروت وتحديداً في الجامعة الأمريكية ليستكمل فيها الدراسة، على مدار 12 عاماً، مروراً بكامبريدج وباريس، وتأسيسه لمعهد العالم العربي في باريس.
كما رصدت في كتابها أهم الأوسمة والجوائز والشهادات التقديرية التي حصل عليها، وأيضاً علاقاته بالدكتور غازي القصيبي، الشاعر، والوزير، والدبلوماسي، والكاتب المتميز، بالإضافة إلى مؤلفاته في مجال الأدب والثقافة والسياسة والسوسيولوجيا السياسية والفكر وكذلك علاقته بالموسيقى، وبالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بين قائد أحبه، وهزيمة 1967 التي أنكرها، وعلاقته بحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المعظم، فهي علاقة صداقة فريدة من نوعها، وزيارات جلالته الملكية السامية للدكتور الأنصاري، وكيف عمل الأنصاري في منصب مستشار جلالة الملك للشؤون العلمية والثقافية.
ولم تفوت الكاتبة رصد أفكاره ودراسته وكذلك شهادات العديد من أصدقائه ورفاق دربه، من مختلف أقطار الوطن العربي، وقالت: “تميز الأنصاري بفكر متسامح ومنفتح وثقافة معرفية كبيرة، ولم أنسَ أن أتطرق إلى الأنصاري الإنسان، والزوج، والأب المثقف والحنون والهادئ، الذي يحتوي باتزانه وهدوئه أهل بيته، وبناته، بأسلوبه الناعم، وشخصيته المرحة، وحبه للضحك”.
واختتمت بالقول، إن شخصية الأنصاري الفكرية تطورت بتأثره بفكر ابن خلدون حتى إنه أضاف إليها أيضاً، وشكل شخصيته الخاصة، وقالت: “تميز الأنصاري بأنه يختار كيف يتعامل مع من يختلفون معه في الفكر والرأي، لأنه يؤمن بالتعددية فهو ينتقد بوعي وإدراك وفي الوقت ذاته يبحث عن الحقائق التي تستند إلى المعلومات الصحيحة والتحليل المنهجي الرصين”.