حسن الستري
استضاف مجلس تطوير آليات فض المنازعات التجارية الدولية أمس ورشة عمل حول المفاوضات والتسويات بين المستثمرين والدول، شارك فيها عدد من المسؤولين والموظفين بالقطاع الحكومي من المعنيين بمفاوضات اتفاقيات الاستثمار، والتعاون مع السلطة التشريعية، والتفاوض بشأن العقود، وتسوية المنازعات.
وتأتي هذه الورشة التي أدارها كين هايات، الشريك المدير في CMPartners والوكيل السابق لوزارة التجارية الأمريكية للتجارة الدولية، والذي كان في السابق جزءاً من مشروع هارفارد للتفاوض الذي أسسه روجر فيشر عام 1979 لتطوير نظرية التفاوض وممارساته، كإحدى نتائج مذكرة التفاهم الموقعة بين المجلس والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي في فبراير 2025، حيث تم عقد سلسة من ورش العمل أقيمت على مدار الأيام الأربعة الماضية لمجموعة من القضاة، وموظفي مجلس التنمية الاقتصادية، وأصحاب الاختصاص والممارسين من المملكة ومنطقة الشرق الأوسط.
وأعلنت الأمين العام للمجلس البروفيسورة ماريكا باتراني بولسن في كلمتها الافتتاحية عن خطة لإطلاق سلسلة من الورشات المتخصصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآسيا ومناطق أخرى في مجال الوساطة والمفاوضات في تسوية منازعات الاستثمار، بالإضافة لتشكيل فريق عمل للتعاون مع المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، والبنك الدولي، ولجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، وبنوك التنمية لصياغة نماذج تشريعية وتنظيمية لمعالجة عدد من التحديات في مجال منازعات الاستثمار، في مبادرة نوعية هي الأولى من نوعها؛ مما يدعم ترسيخ دور مملكة البحرين الفاعل في مجال تسوية المنازعات.
وأكدت أن البحرين أول دولة في العالم تطلق جولة في تسوية النزاعات. وقالت: «بدأنا بالتعاون مع جامعة هارفارد و«إكسيد» International Centre for Settlement of Investment Disputes سلسلة من الورش التدريبية شملت مجتمع الاستثمار، والسلطة القضائية، والمجتمع القانوني، والآن مع ممثلي الحكومة، حيث يشارك اليوم ممثلون عن 12 وزارة ليتعلموا كيفية التفاوض وكيفية تجاوز تحديات الوصول إلى «النعم السياسية» وضمان الحماية الرسمية».
وقالت على هامش ورشة عمل حول الوساطة والتفاوض في منازعات الاستثمار: «اليوم هو يوم مميز جداً لمملكة البحرين، فقد أبرمت المملكة شراكة مع الإكسيد ICSID، الذراع الخاص بتسوية المنازعات التابع للبنك الدولي، وكذلك مع كان هايت، أحد أبرز الأسماء في مشروع التفاوض بجامعة هارفارد».
وبينت أن «أحد أكبر التحديات في عالم المنازعات الدولية في الوقت الحالي هو أن جميع القادة حول العالم، يحاولون إيجاد سبل فعّالة لتسوية المنازعات بالطرق السلمية.
وما أكرره دائماً هو: إذا رأى التجّار أن في التجارة السلمية ربحاً، فلن يميلوا إلى تعطيلها عبر الصراع، لكن على الرغم من الجهود المبذولة منذ سنوات، لم نحقق النجاح الكافي بعد، فالمسؤولون أحياناً يترددون في الدخول بمفاوضات خشية أن يُتّهموا بالفساد، والكثير من الدول لا تصل إلى «نعم سياسية». والأهم أن العالم بحاجة إلى وسطاء مهرة قادرين على حل النزاعات بين المستثمرين والدول».
وتابعت: «لقد تلقّينا دعوات من دول الجوار: المملكة العربية السعودية، والكويت، والإمارات العربية المتحدة لاستضافة هذه الورش العام المقبل، ومن هناك سننطلق إلى آسيا وما بعدها.
وبذلك ستكون البحرين أول دولة في العالم تُطلق جولة دولية للترويج لوساطة تسوية منازعات المستثمرالدولة، كما اتفقنا بالأمس على التعاون مع البنك الدولي، وبنك التنمية الأميركي اللاتيني، والأمم المتحدة لتطوير تشريعات وأنظمة نموذجية تسهّل الوصول إلى «النعم السياسية» والحماية الرسمية. وبذلك نصنع التاريخ اليوم».
وأضافت: «إنه لمن دواعي الفخر أن تكون البحرين في موقع الريادة العالمية بمجال الحلول التفاوضية والدبلوماسية والوساطة، الأمر الذي سيجعلها مركزاً دولياً بارزاً في فضّ وتسوية المنازعات. ولن يقتصر الأمر على ذلك، بل ستصبح المملكة كذلك بيئة قانونية آمنة ومستقرة، ما يجعلها الوجهة المثالية لجذب الاستثمارات.
واليوم يمكننا أن نقول للمستثمرين: الاستثمار في البحرين آمن، فعندما ننظر إلى المنطقة والعالم نجد أن ما يميز البحرين هو بنيتها المؤسسية الفريدة: لدينا تنسيق بين الوكالات الحكومية، ومحاكم ثنائية اللغة، واعتمدنا معظم المعاهدات الدولية المهمة، والآن نتعاون مع أبرز المؤسسات العالمية لنقدّم «قائمة خيارات» متكاملة لتسوية المنازعات، وعندما تتوافر آليات فعّالة وموثوقة لفضّ النزاعات، سيزداد تدفق الاستثمارات. إنها معادلة رابحة للجميع».
من جانبه، قال مدير إدارة العلاقات الدولية بوزارة المالية والاقتصاد الوطني الشيخ عبدالله بن إبراهيم آل خليفة: «إن هذه الورشة تهدف إلى تطوير وتعزيز قدرات موظفي حكومة مملكة البحرين، لاسيما في مجال المفاوضات المتعلقة بحل المنازعات.
وأود التأكيد على الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها عملية تسوية المنازعات بالنسبة لمملكة البحرين، حيث تلعب دوراً بارزاً في تعزيز البيئة الاستثمارية والاقتصادية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية على حد سواء».
وتابع: «فيما يتعلق بوزارة المالية والاقتصاد الوطني، فإننا مسؤولون أيضاً عن اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار. هذه الاتفاقية تتضمن وضع الآليات المناسبة للتعامل مع القضايا التي قد تنشأ بين الدولة والمستثمرين، بما يضمن تحقيق مصالح جميع الأطراف. وتساهم هذه الورشة بشكل مباشر في بناء مهارات الفرق التفاوضية داخل الوزارة».
فيما أكد مدير إدارة شؤون المطورين في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني عبدالله أحمد الشرف، أن هذا النوع من الورش التدريبية له أهمية كبيرة، خاصةً لأنها تتناول كيفية حل النزاعات والتفاوض مع الأطراف المختلفة.
ومع توجه الحكومة نحو تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، تصبح هذه الورش أداة بالغة في تعزيز الثقافة وتنمية المهارات الضرورية التي تساعد الموظفين الحكوميين على التوصل إلى حلول توافق أهداف الوزارة وشركائها، وتلبّي احتياجات المواطنين في مملكة البحرين.
وأوضح أن هذه الورش تقدم مجموعة من المهارات التي تسهم في تحسين القدرات التفاوضية عبر التدريب على محاور متعددة.