أكد خبير واستشاري التربية الخاصة أسامة مدبولي أن شهر أكتوبر من كل عام يمثل منبراً عالمياً لنشر الوعي حول ذوي متلازمة داون، مشيراً إلى أن الرسالة الحقيقية لهذا الشهر تتجاوز كونها حملة إعلامية أو احتفالية رمزية، لتتحول إلى دعوة مجتمعية صريحة لتغيير النظرة السائدة تجاه هذه الفئة الغالية والاحتفاء بإنسانيتهم وقدراتهم.
وأوضح مدبولي أن متلازمة داون، أو ما يُعرف بالتثلث الصبغي 21، هي حالة جينية تنتج عن وجود نسخة إضافية من الكروموسوم رقم 21، مؤكداً أنها لا تحدد قيمة الفرد أو إمكاناته، بل تشكل جزءاً بسيطاً من هويته. وقال: “بفضل الله ثم بفضل الوعي الأسري والتطور الطبي، ارتفع متوسط العمر المتوقع للأشخاص ذوي متلازمة داون ليتجاوز الستين عاماً، مما يجعلنا أمام مسؤولية حقيقية في التفكير في مستقبلهم كبالغين منتجين ومندمجين في المجتمع.”
وأشار إلى أن الرسالة الجوهرية لشهر أكتوبر تركز على إبراز القدرات والإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها الأفراد ذوو متلازمة داون، مبيناً أن كثيراً منهم يمتلكون مهارات مميزة في الذاكرة البصرية، ومواهب فنية ورياضية وإبداعية، إلى جانب حسّ عالٍ بالتعاطف واللطف، وهي سمات تُثري البيئة الاجتماعية وتعمق التواصل الإنساني.
ولفت مدبولي إلى أن قصص النجاح الملهمة التي نراها سنوياً لأشخاص من ذوي متلازمة داون سواء في الرياضة والإعلام والفنون أو في العمل المهني تؤكد أن الإعاقة لا تعني العجز، بل قد تكون بوابة لاكتشاف طاقات مدهشة. وقال: “لدينا نماذج مشرّفة مثل البطلة رحمة خالد في مصر، والمبدعتين هاجر الجود وزين العامر في البحرين، اللواتي أثبتن كفاءتهن في العمل والتميز في مواقعهن.” وشدد مدبولي على أن الدمج الشمولي حق أصيل وليس رفاهية، مؤكداً أن المدرسة والصف الدراسي يمثلان ساحة التحول الحقيقي نحو التقبل والتكامل، إذا ما توفرت البيئة التعليمية المناسبة والمعلمون المؤهلون، الذين يستخدمون أساليب تدريس تراعي الاحتياجات الفردية مثل التعلم باللعب والوسائل البصرية.
كما بيّن أن الأسرة هي الركيزة الأولى للنجاح، فهي التي تمنح طفلها الأمان والدعم اللازمين للاندماج، وتفتح له آفاق النمو من خلال التدخل المبكر والمتابعة المستمرة في مجالات التربية الخاصة والتخاطب. وأضاف: «إن التوعية بمتلازمة داون مسؤولية مجتمع بأكمله، تتطلب تكاتف المؤسسات الحكومية والخاصة لتوفير فرص تدريب وتوظيف عادلة، وكسر الصور النمطية التي ما زالت تحد من إمكانات هؤلاء الأفراد».
