إدمان الأم ليس معركتها وحدها، بل هو معركة أسرة بأكملها، وأي شرخ في دورها يترك أثراً مضاعفاً على الأجيال القادمة، هذا ما أكده مدير عام مركز «آرام» للعلاج والتأهيل، شريف كميل الذي شدد على أن إدمان الأم يترك أثراً أعمق وأخطر من إدمان الأب، نظراً لما تمثله الأم من محور أساسي في التربية والرعاية والتنمية العاطفية للأبناء، مشيراً إلى أن «إدمان الأم لا يقتصر على معاناتها الشخصية، بل ينعكس بشكل مباشر على الأسرة كلها، ويجعل الأبناء أكثر عرضة لانتقال السلوك الإدماني إليهم مستقبلاً، فضلاً عن دفع الأسرة نحو التفكك والانهيار، لأن غياب الدور التربوي والمعنوي للأم لا يمكن أن يُسد أو يُعوض بسهولة».

وبيّن كميل أن الإدمان في جوهره مرض سلوكي يبدأ من اضطرابات وصدمات قديمة قبل أن يتجسّد في صورة تعاطٍ لمادة مخدرة، مشيراً إلى وجود أكثر من 70 نوعاً من الإدمان، تختلف تبعاً لما تعرض له الفرد منذ الطفولة من ضغوط أو انتهاكات جسدية أو نفسية.وأضاف أن النساء يواجهن تحديات مضاعفة في هذا السياق، إذ غالباً ما يقابل إدمانهن بإنكار من الأسرة أو الزوج، وأحياناً بالرفض القاطع لفكرة تلقي العلاج، وهو ما يعكس قيوداً اجتماعية لاتزال قائمة وتشكّل حاجزاً أمام حصول المرأة على الرعاية الصحية والنفسية اللازمة.وحول أكثر المواد المخدرة شيوعاً في السنوات الأخيرة، أوضح كميل أن مادة الكريستال ميث (الشبو) ومادة السي بي دي (CBD) تعدّان من أكثر الأنواع انتشاراً، بالإضافة إلى إساءة استخدام العقاقير الطبية مثل المهدئات والمنومات، التي تبدأ بترشيح من شخص عادي غير مختص ثم تتحول تدريجياً إلى إدمان، وشدّد في هذا السياق على أهمية عدم تناول أي أدوية دون استشارة الأطباء، لتفادي الانزلاق نحو الاعتماد غير الصحي عليها.

وفيما يخص مراحل العلاج، أكد كميل أن إعادة التأهيل تشكل 80% من العملية العلاجية بينما يشكل علاج أعراض الانسحاب 20%، مشيراً إلى أنه من الأخطاء الشائعة في علاج الإدمان هي الوقوف عند المرحلة الأولى وهي علاج أعراض الانسحاب، مؤكداً أن إهمال هذه المرحلة أو عدم استكمالها يرفع بشكل كبير نسب الانتكاس، مهما كانت الاستجابة للعلاج الأولي جيدة.

ولفت مدير مركز «آرام» إلى أن البحرين تُعد من الدول الرائدة في تقديم برامج دعم مبتكرة للمدمنين، من بينها السجون المفتوحة والعقوبات البديلة، معتبراً إياها نموذجاً ناجحاً يستحق التوسع والتطوير، بالإضافة إلى وجود دعم اجتماعي من قِبل الجمعيات الأهلية، مشيداً بتعاون جمعية كاف الإنسانية التي كانت تدعم أكثر من 4 حالات من حالات المركز.

كما دعا إلى تكثيف الحملات التوعوية والتثقيفية لمواجهة ظاهرة الإدمان بجرأة وواقعية، والتعامل معها باعتبارها مرضاً يحتاج إلى علاج ودعم مجتمعي وأسري شامل.

شاركها.