تشير البيانات الصادرة عن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية إلى أن الاقتصاد البحريني يواصل مساره الإيجابي نحو التعافي والنمو المستدام، إذ حقق نمواً حقيقياً بنسبة 2.5% في الربع الثاني من عام 2025، مدعوماً بارتفاع الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.5%.

هذا الأداء يعكس نجاح السياسات الاقتصادية التي انتهجتها مملكة البحرين خلال السنوات الماضية، والرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات.

التراجع الذي شهده الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 2.6% بالأسعار الثابتة و14.2% بالأسعار الجارية لم يكن مفاجئاً في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً وتقلبات الإنتاج، وهي عوامل خارجة عن الإرادة المحلية. غير أن ما يبعث على التفاؤل أن القطاعات غير النفطية استطاعت تعويض هذا التراجع وتحقيق معدلات نمو قوية، الأمر الذي يعزز متانة الاقتصاد البحريني وقدرته على الصمود في وجه المتغيرات العالمية.

الأنشطة المهنية والعلمية والتقنية، التي سجلت نمواً لافتاً بنسبة 12%، إلى جانب قطاعات التجارة والعقار والاتصالات، تشكل دلالة واضحة على أن الاقتصاد البحريني يتجه بخطى ثابتة نحو بناء قاعدة إنتاجية متنوعة. فهذه القطاعات تمثل المحرك الحقيقي لاقتصاد المستقبل، إذ تقوم على المعرفة والابتكار والخدمات ذات القيمة المضافة العالية، بما يتماشى مع توجهات رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي تضع الاستدامة والتنافسية والعدالة في صلب أهدافها.

الجهود الحكومية المستمرة لتحقيق التوازن المالي لا تقل أهمية عن جهود التنويع، إذ تسعى البحرين من خلالها إلى ضبط الإنفاق العام ورفع كفاءة الإيرادات وتحسين إدارة الدين العام. ومما لا شك فيه أن استمرار تحقيق معدلات نمو مستقرة للقطاعات غير النفطية يسهم بشكل مباشر في زيادة الإيرادات غير النفطية، وبالتالي دعم خطط الدولة الرامية إلى خفض الدين العام وتعزيز الملاءة المالية على المدى المتوسط والبعيد.

كما أظهرت البحرين قدرة ملحوظة على التكيف مع التحديات الاقتصادية العالمية، من تقلبات أسعار الطاقة إلى تذبذب الاستثمارات الدولية. فبفضل السياسات المرنة والتحفيزات الاستثمارية التي تقدمها الدولة، استطاعت المملكة جذب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية ودعم بيئة الأعمال المحلية، ما انعكس في الأداء القوي لقطاعات الخدمات والتقنية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

الأرقام المعلنة تكشف أن مسار الإصلاح الاقتصادي يسير بشكل إيجابي، وأن البحرين ماضية في تحقيق رؤيتها الطموحة لبناء اقتصاد متنوع ومستدام. هذا المسار يتطلب الاستمرار في تشجيع الابتكار والاستثمار في التعليم والتقنية، وتوسيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان تحقيق نمو شامل يعود بالنفع على المواطن البحريني.

شاركها.