أمل محمد أمين

تُعدّ فترة الخطوبة مرحلة تمهيدية مهمة قبل الزواج، تهدف إلى تعارف الطرفين والتأكد من مدى التوافق بينهما في الفكر والدين والأخلاق، دون أن تكون عقد زواج شرعي. وهي خطوة شرعها الإسلام لتحقيق الاستقرار الأسري وبناء بيت يقوم على المودة والرحمة.وفي الإسلام الخطوبة هي وعد بالزواج وليست عقداً، فلا يترتب عليها أحكام الزواج من خلوة أو لمس أو غير ذلك.

قال تعالى:«وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ»، «البقرة: 235». فالخطوبة مجرد تعبير عن الرغبة في الزواج، ولا تمنح الخاطب أي حقوق شرعية على المخطوبة إلا بعد عقد النكاح.

حيث يتيح التعارف الشرعي بين الطرفين فرصة للتأكد من التوافق الفكري والاجتماعي والنفسي بين الخاطب والمخطوبة.

قال النبي ﷺ: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما»، رواه الترمذي.

كما تتيح الخطوبة فرصة ليتعرف الأهل على الخطيب وتسمح لهم المشاركة في اختيار الزوج أو الزوجة المناسبة، مما يقلل من احتمالات الخلاف في المستقبل. وأهم ما تقدمه الخطوبة تهيئة الطرفين للزواج فهي فترة استعداد نفسي ومادي ومعنوي لتحمل مسؤولية الحياة الزوجية.

وتتمثل أهم ضوابط التعامل أن يعرف الخطيبان أن الخطوبة مرحلة للتعارف، إلا أن الإسلام وضع ضوابط تحفظ العفة وتصون العلاقة من الانحراف ولهذا لابد من عدم الخلوة، فلا يجوز أن يخلو الخاطب بمخطوبته دون وجود محرم، لقول النبي ﷺ: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» أيضاً الحديث في حدود الأدب والاحترام.. حيث يجوز الحديث بين الخاطبين بما يحتاجانه للتفاهم في أمور الزواج بشرط أن يكون بقدر الحاجة، ومنضبطاً بالآداب الشرعية. وكذلك عدم التزين أو التبرج وأن تبقى المخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يعقد قرانه عليها، فلا يجوز له رؤيتها إلا في حدود الوجه والكفين عند الخطبة الشرعية.

ومن الخطورة تبادل الهدايا الكثيرة أو الأموال لأن الخطوبة قابلة للفسخ، وقد يؤدي ذلك إلى مشكلات مادية ونزاعات بعد الانفصال.

وهذا يقود إلى سؤال مهم كيف يتعامل الخطيبان خلال الخطوبة؟

لابد من تحري الصدق والوضوح وأن تكون العلاقة قائمة على الصراحة في النية والأهداف؛ وعلى الاحترام المتبادل: الامتناع عن الألفاظ أو الأفعال التي تخدش الحياء. ومراعاة حدود الله: لأن رضا الله هو الأساس الذي تُبنى عليه بركة الزواج. وعلى الخطيبين الاستشارة والاستخارة.. ويستحب أن يستخير كل منهما الله في أمر الزواج. قال النبي ﷺ: «ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار»، رواه الطبراني. أما إذا حدث الانفصال بين الخطيبين إذا لم يقدّر الله إتمام الزواج، فإن الانفصال يجب أن يتم بأدب وخلق حسن دون تجريح أو إساءة. ولابد من ردّ المهر والهدايا:

إذا كان قد دُفع مهر فيُردّ للخاطب ما لم يتم العقد، أما الهدايا فالأفضل ردّها إذا كان الفسخ من طرف المخطوبة، أو التغاضي عنها إن كان من الخاطب، حفاظاً على الود.

وعدم التشهير أو الغيبة: حيث يجب أن يصان كل طرف من الكلام السيئ أو نشر الأسرار، امتثالاً لقول الله تعالى: «وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ»، «البقرة: 237».

ونستفيد من هذا أن فترة الخطوبة في الإسلام فرصة نبيلة للتعارف المشروع وبناء قرار الزواج على أسس صحيحة، ولكنها ليست مبرراً لتجاوز الحدود أو الانجراف في علاقة لا تحكمها الضوابط الشرعية.

ومن التزم بتعاليم الإسلام في هذه المرحلة نال بركة الله وتوفيقه في زواجه، كما قال تعالى:«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً»، «الروم: 21».

شاركها.