أحيت البحرين اليوم الدولي لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانغروف من خلال العديد من المبادرات، ومنها زيارة ميدانية إلى محمية دوحة عراد، والتي تعد إحدى أبرز المحميات الطبيعية في البلاد، بمشاركة عدد من المسؤولين بوزارة شؤون البلديات والزراعة، والمجلس الأعلى للبيئة، ومركز الاتصال الوطني، وممثلي من وسائل الإعلام الوطنية.
وتم خلال الزيارة، تسليط الضوء على جهود البحرين في استزراع أشجار القرم، والتقدم المحرز في تحقيق الأهداف الاستراتيجية ضمن مبادرة «قرم البحرين»، والكفيلة بحماية البيئة الساحلية، وتعزيز التنوع الحيوي، إلى جانب رفع الوعي المجتمعي، وزيادة المساحات المزروعة بأشجار القرم في مختلف المحافظات.
وخلال الزيارة، أكد نائب الرئيس التنفيذي لعمليات الاتصال بمركز الاتصال الوطني د. محمد الشعبان، أن الزيارة تأتي تزامناً مع اليوم الدولي لصون النظام الإيكولوجي لغابات المانغروف، بهدف تسليط الضوء على إنجازات المملكة في مجال الاستدامة البيئية، وخصوصاً ضمن إطار مبادرة «قرم البحرين».
ولفت إلى أن هذه المبادرة، التي دشّنها سمو الشيخ محمد بن سلمان بن حمد آل خليفة، تأتي في سياق دعم جهود المملكة في مواجهة التغير المناخي، وتحقيق أهدافها البيئية، وعلى رأسها مضاعفة أشجار المانغروف بمعدل أربعة أضعاف في البحرين بحلول عام 2035، تحقيقاً لالتزامات المملكة بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060. وأكد على أهمية إشراك وسائل الإعلام الوطنية في مثل هذه المبادرات الرائدة، لما لها من دور محوري في رفع الوعي المجتمعي وتسليط الضوء على قصص النجاح البيئي، موضحاً أن وجود ممثلي الصحافة على أرض المحمية خير دليل على أن الإعلام شريك أساسي في جهود التنمية البيئية.
ونوّه الشعبان إلى أن الإعلاميين المشاركين اطّلعوا خلال الزيارة على الخصائص البيئية الاستثنائية لأشجار المانغروف، التي تساهم في امتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، ما يحد من آثار الاحتباس الحراري، كما تشكّل هذه الأشجار حاجزاً طبيعياً ضد تآكل السواحل، وتوفر بيئة غنية بالكائنات البحرية والطيور.
من جانبه، أفاد مدير إدارة الإنتاج الزراعي المحلي بوزارة شؤون البلديات والزراعة جعفر التاجر، بأن دوحة عراد تُعد من المواقع المميزة في استزراع أشجار القرم، مشيراً إلى أنه في عام 2023 تم استزراع أكثر من 460 ألف شتلة قرم في الموقع بفضل خصائصه المائية المثالية لنمو هذه الأشجار. وأكد التاجر أن أشجار المانجروف تقوم بدور محوري في امتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكاربون، ما يدعم بشكل مباشر خطط مملكة البحرين لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، مشدداً على أهمية هذه الأشجار كمأوى طبيعي يعزز الحياة البحرية، ويزيد من وفرة الأسماك.
وأوضح أن عملية الاستزراع تمر بمراحل متكاملة تبدأ من جمع البذور سنوياً بالتنسيق مع المجلس الأعلى للبيئة، ثم زراعتها في مشاتل الوزارة، التي تنتج أكثر من مليونَي شتلة سنوياً، وصولاً إلى نقلها للمواقع المستهدفة بعد الاعتناء بها. وأضاف أن البحرين كانت تعتمد في السابق على استيراد البذور إلا أن جزءاً كبيراً من الاحتياجات يتم الآن تأمينه محلياً عبر جمع البذور من مواقع مختلفة داخل المملكة، مما يعكس تطور المشروع وتحقيق الاكتفاء الذاتي. فيما أشارت مدير إدارة المحميات بالمجلس الأعلى للبيئة نوف الوسمي، إلى أن محمية دوحة عراد تتميز بتمركزها في قلب مدينة المحرق، الأمر الذي ساهم في تعزيز الوعي البيئي لدى المواطنين والمقيمين في المدينة بأهمية التنوع الحيوي والمحميات الطبيعية، موضحة أن المحمية تمتد على مساحة 0.49 كيلومتر مربع وتضم بيئة مدٍّ وجزر، تُعد حاضنة مثالية لصغار الأسماك واليرقات والقشريات. وأوضحت الوسمي أن الموقع يشكل موئلاً طبيعياً للطيور المائية المقيمة والمهاجرة، مثل النوارس، والهيرون، والفلامينجو، مما يعزز مكانة المحمية كأحد أبرز النظم البيئية الداعمة للتنوع الحيوي.
مناطق جديدة للاستزراعوبيّنت الوسمي أن مبادرة «قرم البحرين» اختارت محمية دوحة عراد كنقطة انطلاق لأعمال الاستزراع بهدف تعزيز الوعي البيئي المجتمعي بأهمية المانغروف، خاصة فيما يتعلق بالتغير المناخي وتكيف النظم البيئية معه. وذكرت أنه منذ التسعينيات بدأت عمليات الاستزراع في المحمية، فيما تم خلال عام 2024 استزراع نحو 246 ألف شتلة للقرم بنسبة نجاح قاربت 93%، وهو ما أسهم في ترسيخ أهمية هذه الأشجار لدى المجتمع المحلي.
تعزيز الشراكة المجتمعيةونوّهت إلى أن من أبرز أهداف المبادرة تعزيز الشراكة المجتمعية مع مختلف الجهات، من مؤسسات تعليمية وشركات خاصة وأفراد، حيث يتم تنظيم حملات توعوية وزيارات ميدانية بالتنسيق مع المدارس والجامعات لتعريف المشاركين بأهمية أشجار القرم وإشراكهم في عمليات الاستزراع.