أيمن شكل

«محكم الطوارئ» نظام استجابة سريعة للتدابير العاجلة

انتشار شركات تمويل التقاضي المتخصّصة باتفاقية أتعاب

كشفت أستاذ القانون التجاري المساعد بكلية الحقوق بجامعة البحرين د. منال السيد أن تمويل الغير لدعوى التحكيم مقابل حصة من العوائد، قد شهد قبولاً تدريجياً في السنوات الأخيرة، خاصة في المنازعات عموماً والتحكيم خصوصاً، وظهرت شركات تمويل التقاضي المتخصصة مقابل الحصول على نسبة من المبلغ المحكوم به في حال كسب الدعوى، وأدى ذلك إلى تعديل القواعد وإدراج ضوابط لتمويل الغير في قواعد مؤسسات التحكيم الدولية والإقليمية وغرفة البحرين لتسوية المنازعات.

جاء ذلك في محاضرة قدمتها ضمن سلسلة محاضرات إضاءات قانونية التي تنظمها هيئة التشريع والرأي القانوني بعنوان «المبادئ المستحدثة في التحكيم الدولي»، سلطت فيها الضوء على تطورات محورية متعلقة بـتمويل الغير لدعاوى التحكيم (TPF) ونظام محكم الطوارئ، والجدل حول اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) بالنظر في دعاوى حملة السندات السيادية.

وعرّفت د. منال تمويل الغير لدعوى التحكيم بأنه تدخل شخص أجنبي عن النزاع لتقديم دعم مالي أو غير مالي لأحد الأطراف مقابل حصة من العوائد في حال كسب القضية، مشيرة إلى أنه تم حظره في القرن الثالث عشر، وكان يُصاحبه جزاءات جنائية، بهدف الحد من الدعاوى الكيدية والحفاظ على نزاهة العملية القضائية، فضلا عن المخاوف من تشويه الحقائق أو حجب الأدلة، والتلاعب بالشهود، وإطالة أمد التقاضي، والتحكم في عملية التسوية لتمويل تحقيق أقصى المكاسب، إلا أنه شهد قبولاً تدريجياً في السنوات الأخيرة.

شركات متخصصة في التمويل

وأرجعت الأسباب الرئيسية لهذا التحول إلى تراجع الاعتبارات التاريخية لحظر التمويل، وتطور الأنظمة القانونية والرقابية، وتعزيز الوصول للعدالة وتخفيف المخاطر المالية على المدعي، بالإضافة إلى تطور التمويل كعمل احترافي تقوم به شركات ضخمة ومتخصصة لانتقاء وتقييم القضايا.

وقالت إن جهات التمويل الرئيسية تشمل شركات تمويل التقاضي المتخصصة، مثل Burford وOmni Bridgeway، التي تقدم تقييماً لقوة الحجج وتقدم المشورة الاستراتيجية، والمستثمرين المؤسسيين، والأفراد ذوي الثروات العالية، والمحامين باتفاقية أتعاب على أساس نسبة النجاح.

وأوضحت أن هذا التوجه أدى إلى تعديل القواعد حيث تم إدراج ضوابط لتمويل الغير في قواعد تحكيم مؤسسات دولية وإقليمية مثل قواعد غرفة البحرين لتسوية المنازعات (2022)، والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID) (2022)، وغرفة التجارة الدولية (2021).

وقالت: «تعد مسألة الإفصاح الإلزامي عن وجود تمويل من طرف ثالث وعن هوية الممول من القضايا الأكثر جدلاً وأهمية التي نجمت عن انتشار التمويل، وهذا الإفصاح يعتبر حيوياً لتمكين المحكمين من تحديد تضارب المصالح المحتمل، فقد يكون الممول نفسه طرفاً في نزاعات سابقة أو قائمة، أو قد يكون له علاقة سابقة بأحد المحكمين أو المحامين، مما قد يؤثر على حياد واستقلال هيئة التحكيم».

محكم الطوارئ

وفي ذات السياق عرّفت نظام «محكم الطوارئ» والذي جاء استجابة سريعة للتدابير العاجلة، حيث يعتبر مَعلَماً بارزاً في قواعد التحكيم الحديثة بحيث يتم تعيينه مؤقتاً وبشكل عاجل من قبل مؤسسة التحكيم، بناءً على طلب أحد الأطراف، وقبل تشكيل هيئة التحكيم الرئيسية.

وقالت إن دوره يتلخص في النظر إلى الطلبات العاجلة وإصدار تدابير تحفظية أو وقتية للحفاظ على حقوق الأطراف ومنع الضرر الوشيك، وتقتصر صلاحياته على هذه التدابير، ولا يملك سلطة الفصل في موضوع النزاع أو سلطة تنفيذية مباشرة، كما أن القاعدة ألا يجوز أن يكون محكم الطوارئ ضمن أعضاء هيئة التحكيم الرئيسية لضمان حيادها وتفادي تكوين رأي أولي أو تضارب المصالح المحتمل.

وحول مميزات نظام «محكم الطوارئ»، أكدت د. منال أنه يوفر السرعة، ويضمن توفر الخبرة والاختصاص، ويحافظ على السرية، وقالت إن العديد من المؤسسات الإقليمية والدولية تبنته، ومنها: غرفة البحرين لتسوية المنازعات (BCDR)، ومركز دبي للتحكيم الدولي، والمركز السعودي للتحكيم التجاري، وغرفة التجارة الدولية، وغيرها.

وتطرقت د. منال السيد إلى دعاوى السندات السيادية وحق حملة تلك السندات في اللجوء إلى التحكيم الدولي، مشيرة إلى أن المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار قضى في سنة 2011 باختصاصه نظر الدعاوى الجماعية، واعتبر أن شراء الأفراد للسندات السيادية يكتسب صفة الاستثمار اللازم لاختصاص المركز، وأكد أن هذا القرار يهدف لتشجيع الاستثمار، ويتوافق مع أهداف اتفاقية المركز.

وحول أثر هذا القرار على السياسات الاقتصادية للدول في إعادة هيكلة ديونها، بينت د. منال إنه أثار تساؤلات حول مدى حماية المستثمر مقابل المصلحة العامة، وقد تضمنت تعديلات قواعد المركز لعام 2022 أحكاماً لدمج وتنسيق إجراءات التحكيم الناشئة عن وقائع أو أسس متشابهة أو أطراف مترابطة.

شاركها.