يُعد الابتكار الأخضر من الموضوعات الجوهرية التي تواكب التحولات الاقتصادية والمناخية العالمية، ويكتسب أهمية خاصة في منطقة الخليج العربي نظرًا لاعتمادها الكبير على النفط من جهة، وتعرضها لتحديات بيئية فريدة من جهة أخرى، مثل ندرة المياه، وارتفاع درجات الحرارة، وازدياد ملوحة البحر. لم يعد التحول إلى الابتكار الأخضر ترفاً، بل أصبح مساراً استراتيجياً للتنمية المستدامة يضمن التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. فمن خلال تطوير مشاريع تنموية خضراء وتطبيق تقنيات تقلل الانبعاثات الكربونية وتحافظ على الموارد الطبيعية، يمكن بناء اقتصاد خليجي متنوع وأكثر استدامة. تُعد الجامعات الخليجية حجر الأساس في تحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر، إذ يمكن تحويل مشاريع التخرج إلى منصات ابتكار وريادة أعمال في مجالات الطاقة النظيفة، وإعادة التدوير، والزراعة الذكية. هذه المشاريع يمكن أن تصبح نقطة انطلاق عملية لخريجين يساهمون في بناء اقتصاد أخضر حقيقي، بدلاً من أن تبقى الجهود محصورة داخل أسوار الجامعات..
شهدت مملكة البحرين مؤخراً حدثاً استثنائياً تمثل في إقامة حفل جائزة اليونسكو الملك حمد بن عيسى آل خليفة لاستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في التعليم 2025، حيث أناب حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله لحضور حفل تسليم الجائزة، الذي يقام لأول مرة خارج مقرّ المنظمة في باريس، وذلك بمناسبة مرور 20 عامًا على إطلاق الجائزة، حيث أقيم الاحتفال الذي نظمته وزارة التربية والتعليم ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” بمقر جامعة البحرين بالصخير وذلك بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة من كبار المسؤولين، لتؤكد مكانة المملكة كمركز إقليمي وعالمي في الابتكار والتعلم الرقمي المستدام.
جاءت الجائزة هذا العام تحت عنوان «إعداد المتعلمين والمعلمين للاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي»، وهو موضوع يلتقي مباشرة مع مفهوم الابتكار الأخضر، إذ يجمع بين التحول الرقمي والاستدامة البيئية. فالذكاء الاصطناعي الأخلاقي والتكنولوجيا النظيفة يمثلان وجهين لعملة واحدة في بناء مستقبل تعليمي واقتصادي أكثر استدامة. إن إقامة الجائزة في جامعة البحرين تفتح الباب أمام الجامعات الخليجية لتعزيز دورها البحثي والابتكاري، وتحويل المشاريع الأكاديمية إلى حلول رقمية خضراء تدعم الاقتصاد وتحدّ من الأثر البيئي، بما يتماشى مع رؤى التنمية الخليجية مثل رؤية السعودية 2030 ورؤية البحرين الاقتصادية 2030..
التوصيات:1 إطلاق منصات بحثية خليجية مشتركة تربط الابتكار الأخضر بالذكاء الاصطناعي والتعليم الرقمي.2 تحويل مشاريع التخرج الجامعية إلى شركات ناشئة خضراء بالتعاون مع حاضنات الأعمال.3 تعزيز الشراكة بين وزارات التعليم والبيئة والطاقة لدعم الاقتصاد الدائري.4 الاستفادة من جائزة اليونسكو الملك حمد كنموذج لتشجيع التعليم الأخضر.
إن الابتكار الأخضر في الخليج العربي ليس مجرد توجه بيئي، بل فرصة لإعادة صياغة الاقتصاد والتعليم معًا. وإقامة جائزة عالمية بهذا المستوى في مملكة البحرين يؤكد أن الطريق نحو الاقتصاد الأخضر يبدأ من التعليم الجامعي ومن الإيمان بأن الاستدامة لا تتحقق إلا عبر عقول مبتكرة ومسؤولة.
* أكاديمية