سماهر سيف اليزل

  • تحدي النفس ووضعها بمناخ غير معتادة عليه يزيد الثقة ويحسن الصحة العقلية
  • تميزت مشاركتنا بمعسكر “مستعد” في عُمان بالانفصال التام عن العالم الرقمي

بعد أن حقق البحريني عبدالله المدفعي حلمه بصعوده قمة جبل كليمنجارو، التي ترتفع 5985 متراً، وبشعار «على ظهري حقيبة وفي قلبي رحلة لا تنتهي» انطلق المدفعي متحدياً نفسه إلى معسكر “مستعد” الذي نظمته مؤسسة «تحدي عُمان»، (Outward Bound Oman)، بدعم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عُمان، وشركة تنمية نفط عمان، مؤكداً أن تحدي النفس ووضعها في مناخ غير معتادة عليه يسهم في تحقيق أمور جديدة تزيد من رضا الفرد عن ذاته وتحسن الصحة العقلية والأهم من ذلك تزيد ثقته بنفسه.

وحول تجربته قال المدفعي لـ«الوطن»: «لطالما أحببتُ تحدي نفسي واختيار التجارب التي تدفعني للخروج من منطقة الراحة، ولهذا قررت الانضمام إلى معسكر (مستعد) الذي نظمته مؤسسة (تحدي عُمان) (Outward Bound Oman)، بدعم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب في السلطنة، وشركة تنمية نفط عمان».

ومعسكر «مستعد» هو برنامج تدريبي ميداني نظّمته مؤسسة «تحدي عمان» يهدف إلى تطوير مهارات الشباب الشخصية والمهنية والقيادية من خلال تجارب واقعية وتحديات في بيئة طبيعية، بعيداً عن التكنولوجيا والراحة اليومية.

وأضاف المدفعي: «قبل انطلاق المعسكر، كان شعوري مزيجاً من الحماس والتحدي والترقب، لأنني كنت أعلم أنني مقبل على تجربة فريدة ستساعدني على اكتشاف ذاتي من جديد».

وعن تفاصيل المخيم قال المدفعي: «أُقيم المعسكر في الجبل الأخضر، وتحديداً في ولاية نزوى بمحافظة الداخلية، وهي من أشهر الوجهات السياحية في سلطنة عمان لما تتميز به من مناخ بارد وطبيعة جبلية خلابة، وتشتهر المنطقة بزراعة الورود وإنتاج ماء الورد العُماني المعروف».

وأضاف: «ما ميّز مشاركتنا في هذا المعسكر هو الانفصال التام عن العالم الرقمي؛ حيث قمنا بتسليم هواتفنا للمدربين منذ اليوم الأول، لنعيش التجربة بكامل تفاصيلها وننقطع عن التشتت الذي تفرضه علينا الأجهزة الذكية، كانت تجربة فريدة في هذا الزمن الذي أصبحت فيه أذهاننا مدمنة على الشاشات، مما أثّر على قدرتنا على الإبداع والهدوء الذهني»، مؤكداً أن «الابتعاد عن الهاتف شكّل فرصة حقيقية لمواجهة الذات، والتحاور مع أنفسنا، والتأمل في أعماقنا بعيداً عن الضوضاء الرقمية».

وعن أبرز التجارب خلال رحلته قال المدفعي: «في أحد الأيام توليت قيادة الفريق، وتعلمت كيف أضمن مشاركة الجميع بفعالية، بينما كنت في يوم آخر طبيب الفريق، أحرص على سلامة زملائي من خلال التأكد من استخدام واقي الشمس ولبس القبعات للوقاية من حرارة الشمس». وفيما يخص أبرز ما تعلمه خلال تجربته قال المدفعي: «من أبرز ما تعلمته في المعسكر هو أهمية تنظيم الوقت؛ أدركت أن «ما عندي وقت» مجرد عذر، فكل شيء في حياتنا يعتمد على ترتيب الأولويات والانضباط. أيامنا كانت محسوبة بالدقيقة: وقت للراحة، ووقت للنوم، ووقت للطعام. هذا الانضباط جعلني أراجع طريقة تعاملي مع الوقت وأؤمن أن تحقيق الأهداف ممكن إذا حافظنا على هذا النمط من الالتزام، كما تعلمت نصب الخيام وإغلاقها، وكنت طباخ الفريق في أحد الأيام، مما منحني تجربة في تنظيم الجوانب اللوجستية وتوزيع الموارد بشكل فعّال لضمان استدامتها طوال المعسكر، تجربة ثرية في كل تفصيلة».

وعن علاقته بالمشاركين قال المدفعي: «الشعب العُماني العزيز على قلب كل بحريني، تَجلّى جماله في كل لحظة قضيناها في المعسكر. من خلال معاشرتي لهم، وجدتُ شعباً طموحاً، مثابراً، محباً للحياة، ومدفوعاً لتحقيق أحلامه بشتى السُبل، ومتشبثاً بالتطور والنمو في مختلف الجوانب».

وأضاف: «علاقتنا كمشاركين كانت أكثر من رائعة؛ جمعتنا الكاريزما المتنوعة والخلفيات المختلفة في مكان واحد، لنصبح إخوة قبل أن نكون زملاء. كل فرد فينا أضاف للتجربة، وشارك بخبراته ومواقفه الحياتية، ما جعل المعسكر بيئة ثرية بالتبادل الفكري والإنساني».

وتابع: «ومن أجمل ما تعلمناه من بعضنا البعض، هو فن إيصال الملاحظة والنقد البنّاء بطريقة راقية عبر (نظرية الهامبرجر)، حيث نبدأ بذكر نقطة إيجابية، ثم نعبّر عن ملاحظة تحتاج إلى تطوير، ونختم بكلمة طيبة، وهي طريقة فعالة تُشجّع على التطوير دون إحباط».

وقال: «شعرت بروح الأخوة والفريق الواحد في كل محطة من محطات المعسكر، خاصة خلال الهايكات الشاقة. في منتصف الطريق، ومع شعورنا بالتعب، كان كل فرد يشجّع الآخر. هذا المشهد أكّد لي أن وجود من يدعمنا في لحظات الضعف يصنع الفارق، وأن الوصول إلى حديقة النجاح لا يتم دون المرور بمحطات التحديات والصعوبات».

وفيما يخص دور المدربين قال المدفعي: «كان للمدربين دور كبير في إثراء تجربتنا من خلال خبراتهم العملية. المدرب مازن الرواحي، المغامر الجبلي ورجل العلاقات العامة، صاحب الحس القيادي العالي، ألهمنا بروحه المتجددة وقدّم لنا خبرات غنية بحب وتواضع. أما المدرب عبدالحكيم الحسني، فهو روح بحر ومغامر رياضي متمكن، محب للرياضات البحرية، وقد جسد شغفه بالرياضة في كل خطوة، ملهماً إياهم بأن التحدي جزء من الرحلة. استفدنا منهم كثيراً، حيث غرسوا فينا فكرة أن لا شيء مستحيل، وأننا قادرون على تحقيق أحلامنا إذا كنا منضبطين وطبقنا ما تعلمناه. علمونا أن الحياة لا تتحقق بالتمني، بل بالتطبيق والسعي المستمر».

وأكد أن الفوائد التي خرج بها من المعسكر كانت كبيرة وثرية، حيث اكتسب مهارات شخصية قيمة مثل كيفية تحديد الأهداف الشخصية بوضوح، وأهمية أن نكون عناصر فعالة ومؤثرة في بيئات العمل. كما تعلما أهمية روح الفريق الواحد والتواصل الفعال لتحقيق الأهداف المشتركة. وأضاف: «شاركنا في ورشة عمل حول كتابة الأهداف الشخصية مع تحديد فترات زمنية لها، مما ساعدنا على وضع خطة واضحة لمستقبلنا وتحقيق طموحاتنا بشكل منهجي».

شاركها.