- منع العلاج الإشعاعي والهرموني تماماً أثناء الحمل بسبب خطر الإجهاض والتشوهات
- خطر التشوهات الرئيسية للجنين قد يرتفع لسبعة أضعاف إذا أُعطي الكيماوي في الثلث الأول
- الانتظار عامان بعد العلاج.. والتوقف شهران قبل الحمل لمن خضعن للعلاج الهرموني
قالت استشاري أول أمراض النساء والتوليد، والمتخصصة في الأجنة والحمل عالي الخطورة، وعضو جمعية أصدقاء الصحة د. نعيمة عبدالكريم إن نسب الشفاء من سرطان الثدي أصبحت مرتفعة خصوصاً لدى من هنّ دون الأربعين عاماً حيث تتجاوز 80%، موضحة أن نحو 10% من المتعافيات يصبحن حوامل بعد العلاج، إلا أن هذا الرقم في تزايد بفضل التطور الطبي.
وفي حوار مع «الوطن» تؤكد د. نعيمة عبدالكريم أن الحمل ممنوع أثناء العلاج الإشعاعي أو الهرموني لما قد يسببه من مخاطر خطيرة على الجنين، فيما يزيد العلاج الكيماوي خلال الثلث الأول من الحمل احتمالية التشوهات الرئيسية بما يصل إلى سبعة أضعاف. وشددت على ضرورة التخطيط المسبق والانتظار عامين بعد العلاج قبل التفكير في الحمل، مع التوقف عن العلاج الهرموني قبل الحمل بشهرين على الأقل لضمان سلامة الأم والجنين. وتؤكد د. نعيمة أن الطب الحديث فتح أمام الناجيات من سرطان الثدي آفاقاً جديدة لتحقيق حلم الأمومة بأمان، لكنه يضع لذلك شروطًا دقيقة أهمها: التخطيط المسبق، والمتابعة الحثيثة، والتنسيق بين الأطباء المختصين لضمان سلامة الأم والجنين. وتشير إلى أنه مع ازدياد الوعي الصحي بين النساء وارتفاع نسب الفحص المبكر، أصبحت رحلة التعافي من سرطان الثدي أكثر نجاحاً وأملاً من أي وقت مضى، ومع هذا التقدم الطبي تتجدد الأسئلة الإنسانية الحساسة التي تتردد على ألسنة كثير من الناجيات: هل يمكنني الحمل بعد الشفاء؟ وهل يشكّل الحمل خطراً على صحتي أو على احتمالية عودة المرض؟
أسئلة تتجاوز الجانب الطبي لتلامس الجانب الإنساني والنفسي العميق، فالأمومة بالنسبة للمرأة ليست قراراً جسدياً فحسب، بل شعور يلامس جوهر أنوثتها وكيانها، وحلم لا يطفئه الخوف بل يؤجله الأمل إلى لحظة ممكنة. وتضيف أن التطور الكبير في التقنيات الطبية لحفظ الخصوبة، إلى جانب ارتفاع نسب الشفاء عالمياً، قد فتح الباب أمام النساء لتحقيق حلم الأمومة دون تعريض حياتهن أو صحة الجنين للخطر، شريطة الالتزام بالإرشادات الطبية الدقيقة والمتابعة المستمرة قبل وأثناء وبعد الحمل. وفي هذا الحوار، تضع د. نعيمة أمام القارئات دليلاً شاملاً يوضح المحاذير والنصائح الة بالحمل بعد التعافي من سرطان الثدي، وأحدث الوسائل الطبية المتاحة لتحقيقه بأمان، إلى جانب تسليط الضوء على البعد النفسي والعاطفي الذي يشكل ركيزة أساسية في رحلة الشفاء.
وإلى نص الحوار:
ما مدى شيوع الحمل بعد التعافي من السرطان؟
إن سرطان الثدي يُعد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء، إذ يتم تشخيص ما يقارب 2.3 مليون حالة سنوياً حول العالم، ومع التحسن الملحوظ في وسائل التشخيص والعلاج خلال السنوات الأخيرة، ارتفعت نسب الشفاء والبقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات، خاصة لدى الفئة العمرية دون سن الأربعين، حيث تجاوزت 80%.
والإحصاءات العالمية الحديثة تشير إلى أن أقل من 10% من النساء المتعافيات من سرطان الثدي يصبحن حوامل، إلا أن هذا الرقم في ارتفاع مستمر مع تطور التقنيات الحديثة لحفظ الخصوبة، وتزايد الوعي لدى النساء بإمكانية الحمل الآمن بعد الشفاء.
هل يمكن أن يحدث الحمل أثناء العلاج؟
من الناحية الطبية، لا يُنصح مطلقاً بالحمل أثناء تلقي العلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو الهرموني، لما له من تأثيرات خطيرة على الجنين، كزيادة احتمالات التشوهات الخلقية أو الإجهاض أو ضعف النمو. لكن في حال حدث الحمل عرضاً وبدون تخطيط مسبق أثناء العلاج، يتم تقييم الحالة بشكل فردي ودقيق، ويُتخذ القرار بعد مناقشة شاملة في فريق طبي متعدد التخصصات. وخلال العلاج الإشعاعي يُمنع تماماً أثناء الحمل إلا في الحالات الحرجة التي تهدد حياة الأم أو تؤثر في وظائف الأعضاء الحيوية، مثل ضغط الورم على الحبل الشوكي.
أما خلال العلاج الكيماوي، فيمكن النظر في استخدامه بعد الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ويعتمد ذلك على نوع الورم ومرحلته ونوع الدواء المستخدم.
ما هي المخاطر المحتملة على الأم والجنين؟
إن المخاطر تختلف باختلاف نوع العلاج ومرحلة الحمل، فالعلاج الإشعاعي أو الهرموني ممنوع تماماً أثناء الحمل، إذ قد يؤدي إلى الإجهاض أو موت الجنين أو تشوهات خلقية أو اضطرابات في نمو الجهاز العصبي. أما العلاج الكيماوي، فيُمنع خلال الثلث الأول من الحمل أي حتى الأسبوع الثاني عشر لأنها مرحلة تكوين الأعضاء ونمو الأنسجة، وهي الفترة الأكثر حساسية واحتمالاً لحدوث التشوهات الخلقية. وتشير الأبحاث إلى أن استخدام العلاج الكيماوي في هذه المرحلة قد يزيد خطر التشوهات الرئيسية بنسبة تصل إلى سبعة أضعاف. في الثلث الثاني من الحمل، يمكن استخدام بعض الأدوية الكيماوية بجرعات محددة وتحت إشراف دقيق من أطباء الأورام والتوليد، مع متابعة دقيقة لنمو الجنين ووظائفه الحيوية. أما بالنسبة للأم، فقد تعاني من الأعراض الجانبية للعلاج مثل تثبيط الجهاز المناعي وزيادة خطر العدوى، لذا يُنصح بإيقاف العلاج الكيماوي قبل الولادة بأسبوعين على الأقل لمنح الجسم فرصة للتعافي وتفادي مضاعفات ما بعد الولادة مثل النزيف أو الالتهابات.
كيف يتم التنسيق بين أطباء الأورام وأطباء النساء؟
من المهم العمل ضمن فريق طبي متعدد التخصصات يشمل أطباء الأورام، والجراحة، والنساء والولادة، والأطفال والخدج، إضافة إلى القابلة القانونية. ويُعد هذا التعاون الوثيق من أهم عوامل النجاح في علاج السرطان أثناء الحمل. كل حالة تُدرس على حدة في مجلس الأورام، حيث يتم وضع خطة علاجية وزمنية تتناسب مع نوع الورم ومرحلة المرض ونمط العلاج السابق، بما يضمن سلامة الأم واستمرارية الحمل دون تضارب بين العلاجات.
متى يُنصح للمتعافية بالتفكير في الحمل؟
إن التوقيت الأمثل للحمل بعد التعافي غير محدد بدقة، لكن القاعدة العامة هي الانتظار لمدة عامين على الأقل بعد انتهاء العلاج، لتقليل احتمالية تكرار الإصابة التي تكون أعلى في السنوات الأولى بعد التشخيص.
بعد العلاج الكيماوي: يُفضل الانتظار من 6 إلى 12 شهراً على الأقل حتى تتجدد خلايا البويضات السليمة.بعد العلاج الإشعاعي: يُنصح بالانتظار ستة أشهر على الأقل لتتعافى الأنسجة المتأثرة.بعد العلاج الهرموني (مثل تاموكسيفين): يجب التوقف عن الدواء قبل الحمل بشهرين على الأقل.
ما احتمالية عودة المرض وتأثير الحمل على ذلك؟
إن الاعتقاد السائد بأن الحمل يزيد خطر عودة سرطان الثدي لم يعد صحيحاً، فالدراسات الحديثة أثبتت أن الحمل لا يزيد من خطر الانتكاس أو الوفاة، بل أظهرت بعض الأبحاث أن النساء اللواتي حملن بعد العلاج حققن نتائج أفضل من غيرهن، ربما لأن اللواتي حملن كنّ في الأصل يتمتعن بصحة أفضل بعد العلاج.
كيف يؤثر العلاج على خصوبة المرأة؟
العلاج الكيماوي قد يؤدي إلى تضرر المبايض أو فشلها المبكر نتيجة تدمير البويضات المخزونة. ويختلف هذا التأثير حسب نوع العلاج ومدته وعمر المريضة. أما العلاجات الهرمونية مثل تاموكسيفين فلا تؤثر عادة على مخزون المبيض، لكنها تُستخدم لفترات طويلة (من 5 إلى 10 سنوات)، وهي مدة قد تقل خلالها الخصوبة الطبيعية للمرأة.
ما الحلول المتاحة لحفظ الخصوبة قبل بدء العلاج؟
هناك عدة خيارات متقدمة، منها تجميد البويضات أو الأجنة قبل بدء العلاج، أو تجميد أنسجة المبيض في المراكز المتخصصة (وهو خيار غير متاح حاليًا في البحرين).كما يمكن استخدام حقن واقيات المبيض (GnRH agonists) أثناء العلاج لتقليل الضرر.وتشير إلى أن هذه الإجراءات أصبحت من الحقوق الأساسية للمريضة الشابة، ويجب مناقشتها قبل البدء بأي علاج.
ما دور التقنيات الحديثة مثل أطفال الأنابيب والحقن المجهري؟
بفضل التقنيات الحديثة، أصبح الحمل ممكنًا حتى بعد سنوات من العلاج، فالنساء اللواتي جمدن بويضاتهن، أو أجنتهن قبل العلاج استطعن الحمل بأمان بعد التعافي.وأظهرت الدراسات أن هذه التقنيات لا تزيد من خطر عودة المرض، حتى مع الاستثارة الهرمونية للمبايض، ما يمنح الناجيات فرصة حقيقية لتحقيق حلم الأمومة بأمان.
ما الفحوصات المطلوبة للحوامل المتعافيات؟
إن الحمل بعد سرطان الثدي يُصنف ضمن الحمل عالي الخطورة، ويتطلب متابعة دقيقة من قبل أطباء الأورام والحمل المعقد. وتشمل المتابعة الفحوصات الروتينية للحمل، إضافة إلى مراقبة نمو الجنين بالسونار، ومتابعة كمية السائل الأمنيوسي، وحالة الأم العامة لضمان سلامتهما.هل يختلف قرار الولادة الطبيعية أو القيصرية حسب الحالة؟ إن سرطان الثدي لا يُعد مانعاً من الولادة الطبيعية، إلا في حال وجود أسباب توليدية خاصة أو طبية تستدعي القيصرية.
هل يمكن للمتعافية أن تُرضع طفلها طبيعيًا؟
يمكن للأم المتعافية أن تُرضع طفلها من الثدي الآخر السليم إذا لم يتعرض للإشعاع، أما الثدي الذي خضع للجراحة أو الإشعاع فقد يتأثر إنتاج الحليب بسبب التغيرات في الأنسجة والغدد اللبنية، ويُمنع الإرضاع تماماً أثناء تناول العلاجات الكيماوية أو الهرمونية، لأنها تنتقل إلى الحليب وتشكل خطراً على الطفل.
كيف يؤثر القلق من عودة المرض على قرار الحمل؟
القلق والخوف من عودة المرض شعور طبيعي، لكنه لا يجب أن يسيطر على القرار.
فالكثير من النساء يؤجلن الحمل بسبب الخوف أو المعلومات المغلوطة، لذا من الضروري مناقشة القرار مع الطبيب المعالج للوصول إلى قرار مستنير ومتوازن بين الرغبة في الأمومة والاعتبارات الطبية.
وماذا عن الدعم النفسي؟
الدعم النفسي ضرورة لا تقل أهمية عن العلاج، حيث إن الجانب النفسي لا يقل أهمية عن الجانب العلاجي، فالمريضة تمر بمشاعر متناقضة من الخوف والقلق، وتحتاج إلى دعم من الزوج والعائلة والمحيط القريب، إلى جانب متابعة نفسية متخصصة. وتُسهم مجموعات الدعم والتثقيف الصحي في تعزيز الثقة والمساعدة في تجاوز التوتر واتخاذ القرارات بهدوء.
رسالة ختامية للنساء المصابات أو المتعافيات؟
«حلم الأمومة يمكن تحقيقه بتخطيط آمن ورعاية طبية دقيقة قبل الحمل، استشيري طبيبك المعالج، وتناقشي معه في الوقت الأنسب، تابعي فحوصاتك بانتظام، واهتمي بتغذيتك ونمط حياتك الصحي، فذلك يعزز المناعة ويقلل من احتمالية عودة المرض»، «التغيرات في الثدي أثناء الحمل والرضاعة طبيعية، لكن من المهم الانتباه لأي علامة غير معتادة وإبلاغ الطبيب فوراً».
هل من نصائح عامة للوقاية والفحص المبكر أثناء الحمل وبعده؟
الفحص الذاتي للثدي بانتظام. والفحص الإكلينيكي كل 6 أشهر أو وفق إرشادات الطبيب. والانتباه لأي تغيرات في الثدي حتى أثناء الحمل أو الرضاعة. واتباع نمط حياة صحي يشمل تغذية متوازنة وممارسة الرياضة بانتظام.
