يشهد الميدان التعليمي اهتماماً متزايداً بنماذج تساعد على فهم الفروق الفردية بين الطلاب وتعزز أساليب التدريس الحديثة. ومن بين هذه النماذج يبرز نموذج VARK، الذي يقدّم رؤية مبسطة وواضحة لأنماط التعلّم، ويُعد من أكثر الأدوات استخداماً في تحديد الطريقة التي يتفاعل بها الأفراد مع المعلومات. يعتمد النموذج على أربعة أنماط أساسية هي: البصري، السمعي، القرائي/الكتابي، والحركي، ويُعد فهم كل نمط خطوة مهمة لتحسين الأداء التعليمي داخل الصف وخارجه.
يُظهر النمط البصري أن بعض المتعلمين يفضلون تحويل المعلومات إلى صور ورسومات ومخططات، حيث تساعدهم الوسائل المرئية على تنظيم الأفكار وربط المفاهيم بسهولة أكبر. أما النمط السمعي فيضم الطلاب الذين يعتمدون على الاستماع لتلقي المعرفة، ويستوعبون الشرح من خلال الحوار والمناقشة والنبرة الصوتية. ويعتمد النمط القرائي/الكتابي على تحويل المعلومة إلى نصوص مكتوبة، إذ يجد أصحاب هذا النمط أن القراءة وتدوين الملاحظات هما الطريق الأفضل للفهم العميق. في المقابل، يُظهر النمط الحركي أن بعض المتعلمين يحتاجون إلى التجربة المباشرة، والتفاعل العملي، والأنشطة التي تتطلب حركة وممارسة.
تنبع أهمية نموذج VARK من قدرته على توجيه المعلّم نحو استخدام استراتيجيات تعليمية أكثر توازناً، تراعي جميع الأنماط داخل الصف. فتنويع طرق الشرح بين العروض المرئية، والمناقشات، والقراءة، والتجارب العملية، يضمن وصول المعلومة بأفضل صورة إلى مختلف الطلاب. كما يساعد النموذج الطلاب أنفسهم على اكتشاف نمط تعلمهم المفضل، مما يمكّنهم من تطوير أساليب مذاكرة فعّالة تعزز قدراتهم الأكاديمية.
ورغم أن نموذج VARK لا يُعد قاعدة مطلقة، فإنه يمثل أداة عملية تسهم في بناء بيئة تعليمية متفهمة وداعمة للاختلافات الفردية، وتعكس فهماً أعمق لطبيعة التعلم في عالم يتجه نحو المرونة وتنوع الأساليب.
