هالة الأنصاري: أحمل مسؤولية إحياء ذكر والدي إلى آخر يوم في عمري – الوطن
أيمن شكل
في حوار سابق مع “الوطن” عن مسيرة حياتها طغى عليها سيرة الراحل
أسهبت هالة الأنصاري، وريثة والدها في الفكر والأدب والثقافة والعلوم، بالحديث عن سيرة حياة أبيها المفكر محمد جابر الأنصاري، خلال لقاء أجرته معها “الوطن” لتتحدث عن مسيرة حياتها، إلا أن جل الحوار طغى عليه أثر الوالد الراحل، وقد أرجعت ذلك إلى ما قالت إنه: “أتتبع أثر والدي لأسير على خطاه، فأتمعن فيما قدم من إنتاج فكري وثقافي، وأحمل مسؤولية إحياء ذكره إلى آخر يوم في عمري”.
وأشارت هالة الأنصاري إلى أنها اكتسبت منه شغف الكتابة الصحفية ومعنى الإخلاص للوطن قولاً وفعلاً، بل كانت تهوى تقليده في كل ما حملته شخصيته من سمات وتفاصيل، حيث تعرفت من خلاله على أهمية التفكير الحر والفعل المسؤول، فكان ملهماً وقدوة ومثلاً أعلى.
وعلى الرغم من كونها تحمل جيناته إلا أنها وصفت نفسها بـ«مجرد هاوية» تنهلُ من بحر علومه، وتتحمّل مسؤولية إحياء ذكره حتى آخر نفس.
ولقد فتح المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري لابنته أفق التفكير الحر، وتقدير قيمة الأشياء، واعتناق خلق التواضع وسماحة النفس، والنقد المسؤول وأصول البحث عن الحقيقة، والتعامل بشجاعة مع عواقب القرارات، حيث استذكرت حضورها الكبير في العديد من محطات حياته، ومن بينها تأسيس معهد العالم العربي بالعاصمة الفرنسية، وقالت: “أبي هو نبع حياتي وأنهل من سيرته وأستمد من إرثه ما أحتاج للصمود في ميادين العمل والحياة”.
وعلى المستوى الإنساني، فإني أواظب على تقليده في كل ما حملته شخصيته من سمات أعتز بها على صعيد ما آمنَ به من قيم، وما اعتمدَ لنفسه من مبادئ وأخلاقيات، فكلانا يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ونعتبر أنفسنا جنوداً مجاهدين في خدمة الوطن، فهو من علمني المعنى الحقيقي للإخلاص للبحرين، التي لا مساومة على الولاء لها مهما اختلفنا في الرأي، ومهما كانت تصوراتنا للإصلاح والتجديد.
ووعدت هالة بأن تحمل على كتفها مسؤولية إحياء ذكره حتى آخر نفس من حيث الالتزام والعمل الجاد، مؤكدة أنه دَيْن تؤديه لأبيها بالحفاظ على إنتاجه المتمثل في مشروعه الفكري الشامل الذي اهتم بصلاح حال الأمة العربية، وتوجهه بفكره، مشخصاً ومحللاً، ليسهم، مع مفكري الأمة، في تقديم معالجات جادة وتفسيرات واقعية من أجل نهوض حضاري وثقافي ومعرفي عربي يزيح عن الذاكرة فترات التراجع والانهزام المحبطة للذات العربية.
تطرّقت أيضاً إلى دارة «الأنصاري» للفكر والثقافة التي تأسست في أغسطس 2019، وكانت رسالتها تخليد اسم الوالد والمحافظة على إرثه الفكري وإنتاجه الأدبي والثقافي وسيرته العلمية والتعريف به للأجيال المتعاقبة، وإبراز عطائه كعلم من أعلام البحرين ومن رواد الحركة الفكرية والثقافية التي سجلت لنفسها محطة مضيئة في تاريخ البحرين المعاصر.
وقالت: “منذ العام 2019، عندما احتفلت البحرين بثمانينية الأنصاري اعتبرنا الدارة تنظيماً مؤسسياً يعتني بإنتاجه وينشر أفكاره وكان توقيت هذا القرار صعباً جداً بالنسبة لنا كعائلة لتزامنه مع مرضه، وتعتبر الفكرة تحقيقاً لحلمه، بأن تكون أعماله متاحة، بدون قيد أو شرط، للباحثين والأكاديميين وجمهور الشباب الجامعي، وهم الجمهور الأقرب إلى قلبه طوال حياته، والمهنة التي لم يتخلَ عنها خلال فترة عطائه.
وأشارت إلى أنه تمّ تخصيص مقرٍّ لدارة الأنصاري في منطقة المنامة بأم الحصم، وفي ذات موقع سكن الدكتور الأنصاري منذ عودته من رحلته الفكرية بعيداً عن الوطن، وستشتمل على قسمين، الأول: سيكون بمثابة مكتبة لعرض حوالي 5 آلاف كتاب وهي مجموعة الدكتور الأنصاري على مر السنين، ومتحف صغير لعرض بعض مقتنياته وأهم محطاته وذكرياته، أما القسم الآخر سيكون لفعاليات ونشاطات الدارة.
ونوهت بدعم واهتمام جلالة الملك المعظّم لمشروع دارة الأنصاري نظراً لما تقدّمه للحركة الثقافية والأدبية في البحرين لتتحوّل إلى منصة ثقافية «افتراضية» في المستقبل القريب.