منيرة فرحان

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لذلك بات من الضروري فهم الخط الفاصل بين حرية التعبير والوقوع في فخ الجرائم الإلكترونية، فقد وفرت هذه المنصات بيئة خصبة للتعبير والتواصل وتبادل المعلومات إلا إنها في ذات الوقت فتحت المجال لظهور أنماط جديدة من الجرائم القانونية التي ترتكب خلف شاشات الأجهزة الذكية مستفيدة من سرعة الانتشار في العالم الرقمي ومن أبرز هذه الجرائم: الاحتيال والنصب الإلكتروني، والسب والقذف الإلكتروني، والابتزاز والاستغلال الإلكتروني، وانتهاك الخصوصية، ونشر الشائعات، والتشهير والتحريض، والتهديد الإلكتروني.وفي هذا الصدد يعد مبدأ حرية التعبير من الحقوق الدستورية المكفولة في مملكة البحرين، إذ نص دستور مملكة البحرين في المادة 23 على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو بالكتابة أو غيرهما وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون دون المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية».وهذا يعني أن الدستور البحريني يكفل حرية التعبير لأنها حق أساسي للفرد، ولكنها ليست مطلقة بل مقيدة بقيود قانونية وأخلاقية منها؛ احترام النظام العام، وعدم المساس بكرامة الغير، وعدم التحريض على الكراهية أو الطائفية.حرية التعبير لها حدود وتقف عند حدود الآخرين، حيث إن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يفقد مستخدمها صفة الحرية عندما يمس حياة الآخرين سواء بالسب أو الشتم أو توجيه الاتهامات، إذ يعتبر ما ينشر عبر تويتر أو إنستغرام أو أي منصة إلكترونية «بياناً علنياً « ويعامل قانونياً كما لو نشر في صحيفة أو جريدة.فقد وضع المشرّع البحريني عقوبات صارمة لمواجهة الجرائم التي ترتكب عبر مواقع التواصل الاجتماعي تصل إلى الحبس والغرامة، وذلك في قانون العقوبات البحريني وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 60 لسنة 2014.لاشك أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت ضرورة من ضرورات الحياة اليومية، ومنحت الأفراد مساحة غير مسبوقة للتعبير، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن هشاشة الوعي القانوني لدى بعض مستخدمين مواقع التواصل الاجتماعي.كثير من الجرائم الإلكترونية التي تحدث على هذه المنصات لا يعكس فقط فجوة قانونية، بل أيضاً فجوة في الثقافة القانونية والمسؤولية الفردية، أو بسبب الاندفاع والانفعال لحظياً دون إدراك أن النشر الإلكتروني أو التعليق الجارح أو الإشاعة العابرة يوثق ويستخدم كدليل جنائي، كما أن الخلط بين حرية التعبير والحق في الإهانة أو القذف هو ما يوقع العديد من الأشخاص في المساءلة الجنائية، خصوصاً أن البعض يتعامل مع الفضاء الإلكتروني وكأنه فضاء خاص.فنحن بحاجة إلى تحويل القانون من نصوص تقرأ في المحاكم إلى وعي يمارس في الحياة اليومية، وأن نعلم الأجيال الجديدة أن الحرية لا تعني الفوضى، وأن الكلمة على الإنترنت لها وزن وقيمة وأحياناً ثمن.

شاركها.