نظّمت هيئة البحرين للثقافة والآثار ملتقى الشباب للتراث الثقافي غير المادي تحت عنوان “رحلة اللؤلؤ: البحر والإنسان والذاكرة”، يوم الخميس الماضي الموافق 16 أكتوبر 2025 في الصالة الثقافية، وذلك بحضور السيدة دانة يوسف عبد الغني، مدير إدارة التراث الوطني، وعددٍ من مسؤولي الهيئة، وجمعٍ من طلاب المدارس الحكومية والخاصة في مملكة البحرين.

وشارك في جلسات الملتقى كلٌّ من الأستاذ محمد جمال، باحث في مجال التراث، والدكتورة ضِياء الكعبي، عميدة كلية الآداب بجامعة البحرين، والأستاذة فاتن إبراهيم مطر، مدير العلامة التجارية والتواصل في مجوهرات مطر، والأستاذ محمد السليس، باحث ميداني في معهد البحرين للؤلؤ والأحجار الكريمة (دانات).

وفي مستهلّ الملتقى، أكدت السيدة دانة يوسف عبد الغني مدير إدارة التراث الوطني أن الملتقى يأتي احتفاءً باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي الذي أطلقته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، مضيفة أن تمكين الشباب في مجال صون التراث الثقافي غير المادي، يعد عنصرًا أساسيًا لتعزيز استمرارية نقل المعارف، والتقاليد، والتعبيرات الثقافية، بين الأجيال.

كما روى الأستاذ محمد جمال تجربته في توثيق الفنون الشعبية كذاكرةٍ صوتية، متحدثًا عن نشأته ودوافعه لتوثيق هذا الإرث، ودور الغناء في تنظيم عمل السفينة، وأهمية فن الفجري، إلى جانب استعراض ملامح الفنون الشعبية الة بالبحر، ودور التعبيرات الفنية المختلفة في تشكيل الهوية الثقافية للمجتمع.

من جانبه، تحدّث الأستاذ محمد السليس عن ماهية الغوص وتجربة البحر التي شكّلت جزءًا من حياته على مدى تسعة عشر عامًا، وأبرز التحديات التي واجهها في مهنته، مستعرضًا طقوس السفر للغواصين، وأشكال وأحجام اللؤلؤ البحريني.

أما الأستاذة فاتن مطر، فتناولت العلاقة الوطيدة التي جمعت عائلتها باللؤلؤ منذ أكثر من 180 عامًا، وكيف تحوّل اللؤلؤ من مجرد تجارة إلى رمزٍ للهوية البحرينية وذاكرةٍ جماعيةٍ متوارثة، مشيرةً إلى ارتباط اللؤلؤ بالهوية البحرينية وتمثيله لها على مستوى العالم، واصفةً إياه بالثروة التي يجب الحفاظ عليها وإبرازها ونقلها إلى الأجيال القادمة.

وفي سياق ذلك، قالت الدكتورة ضياء الكعبي إن المرأة هي التي تمسك بجميع تفاصيل الحياة، مستفيضةً في حديثها عن علاقة المرأة بالتراث الثقافي غير المادي ودورها بوصفها صانعةً للحكايات الشعبية وحارسةً للتقاليد والتراث، وأثرها في نقل اللغة وتأسيس الأجيال، مشيرةً إلى أن المرأة حافظةٌ للذاكرة الشعبية على مرّ العصور، كما كان للرجل دورٌ فيها أيضًا، وأضافت أن الحكايات الشعبية لها دورٌ فاعلٌ ومؤثر في المجتمع البحريني، وتُروى في مختلف الأماكن.

كما وجّهت الدكتورة الكعبي رسالةً إلى الشباب، بصفتهم عماد الوطن، مؤكدةً أن مسؤوليتهم اليوم تتمثل في تأريخ التراث المادي وغير المادي وتحقيق الاستدامة الثقافية بين الأجيال، متمنيةً أن تتبنى المدارس والجهات المعنية مبادراتٍ لتوثيق التراث غير المادي، من خلال الانخراط في مثل هذه الملتقيات والمنتديات، والمشاركة في مشروع جمع الحكايات الشعبية والحزاوي بما فيها الأمثال والأغاني، لأرشفة هذه الذاكرة باستخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، وإتاحتها باللغات الأجنبية.

من ثم تم عرض فيلم قصير تناول التراث الثقافي غير المادي في مملكة البحرين وفن الفجِري، كما سلط الفيلم الضوء على فوز مملكة البحرين مؤخرًا بالجائزة الذهبية عن فئة العمارة والمناظر الطبيعية في إكسبو 2025 أوساكا عن جناحها “تلاقي البحار”، الذي يجسّد عمق التراث البحريني والعمارة المستدامة، ويؤصّل مكانة صناعة السفن في التراث غير المادي.

واختُتم الملتقى بجلسةٍ تفاعليةٍ شارك فيها عددٌ من طلاب المدارس الحكومية والخاصة، طرحوا خلالها تساؤلاتٍ حول تجارب المشاركين، معبّرين عن رغبتهم في فهم جذورهم الثقافية وشغفهم بالتعرّف على تراث وتاريخ مملكة البحرين.

هذا وقد تضمن الملتقى معرضًا مصغرًا في أروقة الصالة الثقافية يضم مقتنياتٍ تُبرز تاريخ الغوص واللؤلؤ في مملكة البحرين.

شاركها.