وحيد الخان لـ”الوطن”: أحلم بإنشاء أكاديمية للفنون والتراث الشعبي في البحرين
زهراء حبيب تصوير: حذيفة الجابر
نقص المسارح الكبيرة مشكلة عالمية
«ألبوم العودة للحياة».. فن يحمل رسالة الأمل في عصر اليأس
شريحة ضخمة من البحرينيين تعشق فن الأوركسترا
نعمل على إعادة بناء معهد الموسيقى في مبنى متخصص
أكد المايسترو البحريني المعروف وحيد الخان أن شريحة ضخمة من البحرينيين يملكون ذائقة عالية لفن «الأوركسترا»، والدليل الحضور الملحوظ للجالية البحرينية في مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة، مشيراً إلى أن نقص المسارح الكبيرة مشكلة عالمية.
وأضاف في لقاء مع «الوطن»، أنه على الرغم من أن البعض قد يرى أن الموسيقى مجرد ترفيه، فإنها في الواقع تمتلك قدرة كبيرة على التأثير على العواطف والمشاعر، لافتاً إلى أن التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي لا يغني عن لمسة الإبداع والحنين التي يضيفها فنان بشري بريشته، حيث يبقى استبدال الآلات بالبشر في مجال الفن أمراً مستحيلاً. وأوضح الخان أن إظهار البحرين للعالم بموسيقاها يبقى هدفاً أساساً عند البدء في التأليف من خلال استخدام مسارات الألحان العربية في أعماله، مبيناً أنه يستخدم أنماطاً مختلفة من المقامات الشرقية التي يمكن أن تلقى قبولاً أوسع، متحدثاً عن حلمه بتأسيس أكاديمة للفنون والتراث الشعبي في البحرين.. وفي ما يلي نص الحوار:
العودة للحياة».. ما قصتها؟
ألبوم «العودة للحياة» يأتي بفكرة جديدة وملهمة، وخاصة بعد الظروف الصعبة التي مر بها العالم، سواء بسبب جائحة كورونا أو الصراعات والحروب، وتم تقديم الألبوم لأول مرة في مهرجان الموسيقى العربية في مصر، ولكن تم إلغاء المهرجان بسبب الأحداث الجارية، ليتم عرضه لاحقاً في روسيا.
ويتميز الألبوم بجو من الفرح والسعادة، وهو محاولة لإعادة البهجة والإيجابية للإنسان في زمن يسود فيه اليأس والانكسار.
أسعى من خلال هذا العمل لتقديم العلاج للمجتمعات التي تأثرت بالحروب والصراعات والأوبئة، فالموسيقى والفن قادران على تحفيز المشاعر وتعزيز الأمل والتفاؤل، ويعتبر الألبوم خطوة نحو تحقيق هذا الهدف الإنساني.
وبالرغم من أن البعض قد يرى الموسيقى مجرد ترفيه، فإنها في الواقع تمتلك قدرة كبيرة على التأثير على العواطف والمشاعر، فالمقطوعات الموسيقية تعبر عن عوالم خيالية وإبداعية تتفاعل معها الأذهان بطريقة فريدة، وهو ما يميز الفن الموسيقي عن الرقص، فالموسيقى تعمل على تحفيز الخيال وتشعر بالجمال بطرق مختلفة عما يفعله الرقص.
هل يتمتع المجتمع البحريني بالذائقة الموسيقية لهذا النوع من الفن؟
شريحة ضخمة من البحرينيين يملكون ذائقة عالية لهذا النوع من الفن الراقي، والدليل الحضور الملحوظ للجالية البحرينية في مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة، والتي تعد أكبر جالية تحضر هذا النوع من الفعاليات الثقافية وتكون من شخصيات معروفة في البحرين.
هل من الممكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المايسترو؟
رغم تطور التكنولوجيا وظهور الذكاء الاصطناعي، فإن الفن لا يمكن أن يخلو من العنصر البشري، فالفن ينبع من الأحاسيس والمشاعر التي يعبر عنها البشر، ورغم إمكانية إنتاج لوحة فنية بواسطة الذكاء الاصطناعي، فإنه من غير الممكن أن تحمل هذه اللوحة لمسة الإبداع والحنين التي يضيفها فنان بشري بريشته، ولذلك يبقى العنصر البشري أساسياً في التعبير الفني والموسيقى والثقافة، ويبقى استبدال البشر بالآلات في مجال الفن أمراً مستحيلاً».
هل عملك يحتكر على فرقة محددة؟
عملي يتعاون مع مختلف فرق الأوركسترا على مستوى العالم، دون أن يحتكر على فرقة محددة. يتطلب عملي تعاوناً مع أوركسترا محترفة قادرة على قراءة النوتات الموسيقية بدقة، وأنا أحرص على كتابة كل التفاصيل في النوتة، بما في ذلك الأحاسيس، حيث يقوم العازفون المحترفون بتقديم الأداء بمشاعر عميقة، ما يجعل النغمات تتلألأ كالألماس.
يختلف تشكيل الأوركسترا في كل حفلة، باستثناء عازفي الإيقاع البحرينيين الذين يشاركونني في كل الحفلات التي أقيمها، نظراً إلى ندرة تواجدهم في دول أوروبا.
هل نجحت موسيقى المايسترو وحيد الخان في إيصال البحرين إلى لعالمية؟
عندما أبدأ في التأليف، أضع هدفاً أساسياً أمامي هو إظهار البحرين للعالم بموسيقاها. أسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال استخدام مسارات الألحان العربية في أعمالي، ولكن بدون الاقتصار على استخدام ثلاثة أرباع النوتات الشرقية التقليدية.
أدرك أن الأذن الغربية والعالمية قد لا تستقبل هذا النوع من الموسيقى بسهولة، لذا أستخدم أنماطاً مختلفة من المقامات الشرقية التي يمكن أن تلقى قبولاً أوسع.
قررت بدء مشواري الفني في الخارج، حيث نظمت حفلتين فقط في البحرين، وهو ما يعكس هدفي العالمي. ورغم توجيهات اللجنة الاستشارية بالبدء على المستوى المحلي والإقليمي أولاً، فإن رؤيتي كانت مختلفة، فقررت الانطلاق عالمياً.
فعلى عكس المغنيات، الموسيقيون لا يحتاجون بالضرورة إلى الشهرة، بل يتميز عملهم بالجودة والتميز، ويجد الجمهور العالمي فرصتهم بمعرفة موسيقاهم بغض النظر عن مدة تجربتهم في المجال.
تجربتي في المجر كانت مثيرة للإعجاب، حيث استقطبت موسيقاي اهتماماً كبيراً من شعب لا يعرف حتى مكان البحرين على الخريطة، فهذه التجربة تكررت في باريس وروسيا، حيث أظهرت روح التجديد والتنوع في الموسيقى تفاعلاً إيجابياً من الجمهور. أنا متمرس في هذا الفن، ولست هاوياً، حيث أدرك كيفية خلق موسيقى تلهم الآخرين.
ما سبب حرصك على قيادة الأوركسترا؟
لم أقد الأوركسترا في أولى الحفلات التي أقمتها فأنا مؤلف ولست بقائد، لكن الجمهور العربي رغب في التعرف على صاحب هذه المقطوعات ومشاهدته وهو «المايسترو» واليوم أنا أقود أعمالي لأن جمهوري يرغب في مشاهدتي، وفي الحفل القادم الذي سيقام الخميس المقبل ستكون مايسترو الأوركسترا فتاة روسية لبعض المقطوعات، وبعد ذلك سأستلم القيادة لإكمال الحفل.
هل العنصر النسائي حاضر في هذا النوع من الفن؟
نعم، الأوركسترا الروسية تشكل نسبة الفتيات فيها 80% أربعة منهم رجال والباقي نساء في مقتبل العمر.
هل لك مشاركات على مستوى الخليج؟
للأسف، تعاني الدول الخليجية من نقص في المسارح الكبيرة، وهذه المشكلة ليست محصورة في منطقة الخليج فحسب، بل انعكست في جميع أنحاء العالم.
أصبحت الفعاليات الثقافية والفنية تركز بشكل رئيسي على تحقيق الأرباح المادية وبيع التذاكر، ما أدى إلى تراجع الاهتمام بالثقافة والفن.
المملكة العربية السعودية تبنت إستراتيجية الترفيه، حيث تسعى لاستقطاب المشاهير في مختلف المجالات، بما في ذلك لاعبو كرة القدم، وتركز الفترة القادمة على تحسين جودة الفعاليات.
ومع الأسف، لم أتلقَ دعوة من دول الخليج حتى الآن.
هل مازال حلم كلية للموسيقى قائماً؟
في عام 1986، افتتحت معهداً خاصاً للموسيقى، ونجحت في تخريج عدد من الفنانين المحترفين. ومنذ ذلك الحين، كان حلمي تأسيس أكاديمية للفنون. قدمت طلباً رسمياً إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، لإنشاء أكاديمية تضم الموسيقى والتراث الشعبي والسينما وفنون المسرح. قمت بالتواصل مع هيئات كبيرة في باريس للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال، حيث يمتلكون أساليب جديدة مبتكرة.
وفي الوقت الحالي نعمل على إعادة بناء المعهد في مبنى متخصص بعد أن منحتنا الدولة قطعة الأرض لهذا الغرض.
هل الفن وراثة في حياة وحيد الخان؟
أنا من أسرة فنية متجذرة، حيث كان جدي وجدتي وأخوالي مشاهير في الفنون التشكيلية، وقد كان جدي فاقد البصر وكان يعمل كشيخ يجلب المرضى ليقرأ عليهم القرآن ويغني ويسرد الشعر، وقد عرف عن جدتي موهبتها بالعزف.
نشأت في هذا الجو الفني وبدأت الموسيقى كهواية، ولكن درست هندسة الكمبيوتر تلبيةً لرغبة والدي، الذي لم يذكر دراستي للفن أمام الناس.
ولدت ونشأت في محافظة المحرق في البحرين، وعلى الرغم من أنني قضيت فترات في دبي، فإن خيالي ومخيلتي كانا دائماً في المحرق، حيث تجسدت لي كل رموز الثقافة والفن والرياضة.
متى كانت المرة الأولى بقيادة الأوركسترا؟
المرة الأولى التي قمت فيها بقيادة الأوركسترا رسمياً كانت أثناء زيارة السلطان قابوس رحمه الله لمملكة البحرين في الثمانينات، بتكليف من وزارة الإعلام.
ما هو القادم بعد العودة للحياة؟
القادم يتمثل في العودة إلى ممارسة الفن والموسيقى بجدية، بعد انقطاع دام مدة تقارب 15 سنة بسبب التفرغ للأعمال التجارية.
حلمي هو تحقيق مسرح غنائي يعرض على مدار 50 سنة، يستند إلى حياة أم كلثوم ويترجم إلى عدة لغات، ما يشكل مصدراً ضخماً للاقتصاد، وخاصة في بريطانيا، لكن هذه المشاريع تحتاج إلى تمويل ضخم ومسارح خاصة، ولكن لها تأثير هائل على عجلة السياحة.