وزير الخارجية: زيارة الملك لروسيا تأتي بعد نجاح «قمة البحرين» والقرارات الواجب تفعيلها
موسكو عبدالله إلهامي
وزير الخارجية: ضرورة إنهاء الصراعات في غزّة
«قمة البحرين» حملت رسالة للشعب الفلسطيني بالوقوف لجانبه
نطمح لعقد مؤتمر السلام العالمي بأسرع وقت ممكن
«إعلان البحرين» حوى سلسلة مبادئ تعكس الفكر العربي المعتدل
أكّد وزير الخارجية د.عبداللطيف الزياني، أهمية الزيارة الرسمية التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم إلى دولة روسيا الاتحادية يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث مستجدات الأوضاع الراهنة في المنطقة والعالم ككل.
وأوضح الزيّاني أن هذه الزيارة تأتي بعد نجاح ترؤس البحرين لأعمال القمة العربية بدورتها العادية الـ33 والتي احتضنها قصر الصخير، وما تمخّض عنها من قرارات من الواجب تفعيلها وتنفيذها بالشراكة مع الدول الشقيقة والصديقة، تتعلّق بمجملها بإنهاء الصراعات الدامية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً القضية الأبرز، ما يحدث في غزّة والأراضي الفلسطينية قاطبة، والدعوة إلى سلام يعم العالم بأكمله.
وأشاد بالدور الملكي السامي لجلالة الملك في أن تكون هذه القمة استثنائية وتاريخية، حيث شهدت تحضيرات متتالية على مدار عام كامل، انعكست نتائجها في أن يكون «إعلان البحرين» بإجماع عربي تام تجاه جميع ما ورد فيه، والمتضمنة للدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، ليكون ذلك بمثابة مرحلة جديدة من وحدة الصف العربي وتعزيز آفاق العمل العربي المشترك.
وحول المؤتمر الدولي للسلام، والموعد الزمني المتوقّع لعقده؟ قال الزياني: نطمح أن يتم عقد المؤتمر بأسرع وقت ممكن، ولكن نريد عندما ينطلق أن نكون على أتم الجاهزية والاستعداد لتقريب وجهات النظر بين الأقطاب الإقليمية والدولية، وضمان حضور الدول المؤثّرة في العالم لإعطاء المؤتمر قوة سياسية قادرة على الخروج بقرارات نافذة تأتي بحلول حقيقية لعديد الملفات المعقّدة، إلى جانب ما يحدث في فلسطين، أيضاً الأوضاع الراهنة في اليمن وليبيا والسودان ولبنان وسوريا والصومال وغيرها من الدول.
وزير الخارجية، أوضح عمق رسالة التضامن التي حملتها «قمة البحرين» للشعب الفلسطيني الشقيق، بالوقوف إلى جانبه ضد الممارسات الإسرائيلية التي مازالت تضرب بآلتها العسكرية جميع المناطق الفلسطينية، وبالأخص ما يجري في قطاع غزّة من أحداث دموية اُستشهد وأُصيب على إثرها الآلاف، وتهجير ما يزيد على 1.9 مليون فلسطيني من شمال القطاع إلى جنوبه، وخصوصاً ما آلت إليه المعطيات باستهداف إسرائيل لمدينة رفح كآخر ملاذ آمن في القطاع كان قد نزح إليها الملايين من الغزّيين منذ بدء الحرب في الـ7 من أكتوبر الماضي.
ولفت أيضاً، إلى أن القمة العربية بدورتها العادية الـ33، أدانت وبأشد العبارات الحرب التي تقوم بها إسرائيل على غزة، داعيةً وعلى لسان قادة الأمة العربية بحتمية اتخاذ إجراءات سريعة تؤدي بطبيعة الحال إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في القطاع، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وحماية المدنيين، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إليهم ورفع المعاناة عنهم، وصولاً إلى رفض أي تهجير قسري بأي سبب من الأسباب.
وأضاف، أن القمّة العربية ومع عديد المواضيع التي طُرحت على طاولتها، زاد من قوتها تصميم أصحاب الجلالة والسمو القادة، وحرصهم على تعزيز التضامن العربي، وتوحيد الجهود كافّة لمواجهة جميع التحديات التي تعصف بالأمة العربية، وتهدد أمنها واستقرارها وتعيق نماءها وازدهارها، مؤكداً على أهمية توحيد الصف والكلمة في سبيل حلّ عادل وشامل لمتنوع القضايا الراهنة، بالشكل الذي يكفل تحقيق الاستقرار والسلام لمنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص وعدم التدخل في شؤون دولها الداخلية.
وشدّد الزياني، على أن القمة نادت بضرورة التوصل إلى تسوية سلمية، عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وإقامة دولتها المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1976، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاّ لحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، ودعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، بعد التأييد الأممي الكبير لأحقية فلسطين بالحصول على عضوية كاملة في مجلس الأمن، إلا أن استخدام حق النقض «الفيتو» حال دون اكتمال الفرحة العربية.
وزير الخارجية أشار كذلك، إلى ما تمّ الاتفاق عليه في «قمّة البحرين» على نشر قيم التسامح والتعايش والتفاهم بين الأديان والثقافات من أجل تحقيق السلام والوئام في العالم أجمع، ومكافحة الإرهاب والتطرّف، ونبذ خطاب الكراهية والتخريب، والحفاظ على حرية الملاحة البحرية، والعمل على تعزيز الشراكات مع الكتل الدولية، والدول الصديقة لتعزيز الاحترام المتبادل، والتعاون والالتزام، بالتفاهم مع الأمم المتحدة لمواجهة التحديات العالمية والحفاظ على السلم والأمن الدوليين بدون استخدام القوّة، ويما يكفل الحفاظ على الأمن الاقتصادي والغذائي معاً.
وعلى ذات الصعيد، أوضح وزير الخارجية أنه تم توجيه وزراء خارجية الدول العربية من قبل قاداتهم إلى ضرورة رفع سقف الجهود الدبلوماسية لإحداث زيادة في عدد الدول المؤيدة لعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، والتواصل الفوري والمباشر مع وزراء خارجية الدول الغربية، ودول العالم لحثهم على الاعتراف بدولة فلسطين، بعدما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يدعم طلب فلسطين للحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، وتوصية مجلس الأمن بإعادة النظر فيه.
وتطرّق الزياني، إلى الإشادة التي حظيت بها المملكة بعدما أعلن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظّم عن رغبة البحرين بتبنّي مبادرة عقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة ويُقام على أرضها، لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، بما ينهي الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة كافّة، ويجسّد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة، للعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، كسبيل لتحقيق السلام العادل والشامل، وهذا ما نال الجزء الوافي من «إعلان البحرين» الذي حوى على سلسلة من المبادئ تعكس الفكر العربي المعتدل، ويضع يده على مختلف قضايا الأمة التي تنتظر الحل الجذري وبالطرق السلمية، موضّحاً أن المملكة ستبادر باعتبارها مقدّمة المبادرات الخمس للعمل على تنفيذها بالتعاون والتنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والهيئات والمؤسسات العربية والدولية ذات العلاقة.
وأضاف وزير الخارجية، أن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للمشاركة في القمّة، إلى جانب ممثلين عن الخمس دول دائمي العضوية في مجلس الأمن، هي رسالة نقلها القادة العرب للعالم أجمع بأن الحل الأممي الدولي هو سبيل النجاة، وأن لكل إنسان الحق بالحياة كحق أساسي ضمنته القوانين الدولية، وحقوق الإنسان الدولية، مشيراً إلى أننا عدما ندعو للسلام فإننا ندعو إلى الحق في الحياة.
في الوقت ذاته، ولتبيان تبعات الحروب التي تعصف بالمنطقة طيلة ما يزيد على 80 عاماً، أوضح الزياني، أنه وبالرجوع إلى إحصائية كانت اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» عام 2018، أظهرت أن الصراعات والنزاعات التي حدثت في المنطقة على مدى 15 عاماً أوجدت أكثر من 10 ملايين طفل عربي أعمارهم بين الـ5 و15 سنة حُرِموا من حق التعليم، ومن الواجب على جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية التكاتف معاً لزرع الأمل في نفوسهم وإعادة منحهم الحق بالحصول على المعرفة والنهوض بطاقاتهم، بالشكل الذي يكفل الخروج بجيل متسلّح بكلّ الخبرات العلمية والعملية.
وأوضح وزير الخارجية، أن العمل جارٍ وبالتنسيق مع اليونسكو لإطلاق مبادرات تعليمية نوعية تستهدف الناشئة والشباب العربي الذي يتواجد في مناطق النزاع ضمن سياسة إنسانية عالمية، تسعى جاهدة إلى توفير الخدمات التعليمية للمتأثرين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، إلى جانب توفير الخدمات الصحية، وتحسين الرعاية الصحية، وتوفير الأدوية واللقاحات لهم، وهذا ما عَنَتْهُ مبادرةُ جلالة الملك عاهل البلاد المعظّم التي تتمحور حول توفير التعليم لمن تضرروا من الصراعات، وكذلك حقهم في الصحة.