أيمن شكل

سيد جعفر العبار عام 2008، راشد أبو زهيرة 2013، حسن المحاري 2025، أطفال فقدهم المجتمع البحريني بسبب نسيانهم في حافلات الروضات والمدارس ليواجهوا الاختناق والموت بسبب انخفاض الأوكسجين وحرارة الشمس الحارقة.

وقد سجلت الصحافة الحوادث الثلاثة، التي كان المتهم الرئيسي فيها هو النسيان والإهمال ممن تركوهم في المركبات ليواجهوا عذاباً لساعات انتهت بالوفاة، وكان آخرهم الطفل حسن المحاري الذي أورث الحزن عليه لكل أهل البحرين ومنطقة جنوسان خاصة، بعدما أعلنت وزارة الداخلية أن مديرية شرطة المحافظة الشمالية باشرت إجراءاتها فور تلقيها بلاغاً من إحدى العاملات في روضة أطفال بمدينة حمد، يفيد بوجود طفل داخل مركبة فاقداً للوعي، وبانتقال رجال الشرطة والإسعاف الوطني إلى الموقع، تبيّن أن الطفل قد فارق الحياة، وكشفت التحقيقات عن إهمال قائدة المركبة «40 عاماً»، حيث نسيت الطفل داخل السيارة غير المخصصة لنقل الطلبة، ما أدى إلى وفاته.

وتولت النيابة التحقيق في الواقعة حيث انتقلت إلى مكان الحادث، وأجرت المعاينة اللازمة، وأمرت بالتحفظ على السيارة وفحصها، كما ندبت الطبيب الشرعي بإدارة الأدلة المادية، فيما استجوبت المتهمة التي أقرت بما نسب إليها من اتهام، وقررت بأنها تمتهن توصيل الأطفال والطلاب إلى الروضات والمدارس، وذلك دون حصولها على ترخيص من الجهات المختصة، وبأنها تُباشر ذلك من خلال مركبتها الخاصة غير المرخصة للنقل، كما أقرت بنسيانها الطفل المجني عليه بداخل مركبتها لعدة ساعات مما تسبب بوفاته، وأمرت النيابة العامة بحبسها احتياطياً على ذمة التحقيق، وأمرت بتسليم جثة الطفل لذويه، حيث تم دفنه أمس الأول.

وقبل 12 عاماً شهدت البحرين واقعة مماثلة حين توفي الطفل راشد أبو زهيرة البالغ من العمر خمس سنوات في حافلة الروضة بعد نسيانه بداخلها من ساعات الصباح الأولى حتى الظهر وإصابته بإنهاك حراري شديد، وقد تفاجأ السائق بوجود الطفل ممداً على أحد الكراسي في حالة يرثى لها، فتم نقله إلى مستشفى البحرين الدولي القريب من المدرسة حيث أجريت له الإسعافات الأولية، إلا أن قلبه لم يستجب لمحاولات الإنعاش التي قام بها الأطباء لإنقاذ حياته، ليلفظ أنفاسه الأخيرة نتيجة الإنهاك الحراري الشديد.

وفي عام 2008 ترك الطفل سيد جعفر العبار «4 سنوات» لمدة 4 ساعات في حافلة الروضة، لتصهر حرارة الشمس جسده الصغير، ويرحل مسجلاً محاولاته فتح باب الحافلة وسقوطه خلفها بعد أن خارت قواه، وهزمه الإجهاد الحراري.

ولا يتوقف الأمر المؤسف على الشأن المحلي حيث استبقت الطفلة شمة بنت ياسر الجهوري، الطفل ياسر المحاري بأسبوع واحد فقط، حين تركت داخل حافلة مدرسية بولاية السويق في سلطنة عمان حتى فارقت الحياة، يوم 7 أكتوبر الجاري، وفي مايو الماضي توفي طفل مغربي يبلغ من العمر ست سنوات في حافلة نقل تلاميذ ما أثار حزناً كبيراً في المملكة المغربية.

انخفاض في رخص نقل الطلبة

شهدت رخصة مزاولة نشاط نقل الطلبة انخفاضاً بنسبة 1.6% حيث سجلت وزارة المواصلات والاتصالات المعنية بإصدار التراخيص في العام 2023، إصدار 498 رخصة لمزاولة نشاط نقل الطلبة، منها 423 رخصة للأفراد السائقين المستقلين، و 75 للشركات العاملة في مجال المواصلات، لينخفض إلى 428 ترخيصاً للعام 2024، منها 365 لرخص الأفراد و 63 للشركات.

جهود «المواصلات» و«الداخلية»

تبذل وزارة المواصلات جهوداً لضمان تنظيم قطاع نقل الطلبة، وتوفير خدمات آمنة وموثوقة تلبي احتياجات المدارس وأولياء الأمور على حد سواء، حيث دعت أولياء الأمور إلى الحرص على اختيار مركبات نقل طلاب مرخصة؛ لضمان سلامة أبنائهم وحماية حقوقهم، مؤكدة أن اختيار مركبة نقل مرخصة يسهم في تعزيز الثقة بين أولياء الأمور ومقدمي الخدمات، ويضمن التزامهم بالمعايير والمتطلبات التي تضعها الوزارة لضمان سلامة الطلاب.

ولم يتوقف الأمر عند وزارة المواصلات، حيث قامت وزارة الداخلية من خلال الإدارة العامة للمرور بتنظيم عدد من المحاضرات التثقيفية والتوعوية لسائقي نقل طلبة المدارس في القطاعين الحكومي والخاص، أكدت خلالها على أهمية النقل السليم والآمن للطلبة من خلال الالتزام بالأنظمة والقواعد المرورية، كما دعت أولياء الأمور إلى التأكد من سلامة تراخيص السائقين الصادرة من وزارة المواصلات والاتصالات التي

تخولهم لمزاولة نشاط نقل الطلبة، وذلك حفاظاً على سلامتهم، إذ ستتخذ الإدارة العامة للمرور الإجراءات القانونية ضد السائقين المخالفين في هذا الشأن.

حلول إقليمية ودولية

ولتكرار المشكلة في كافة دول العالم، فقد وضعت بعض الدول معايير متنوعة لحماية الأطفال، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا بتزويد معظم الحافلات بآلات تصوير فيديو ومسجّلات صوتية تراقب سلوك الركاب والسائق وتسجّله، ويتوقع إدماج الذكاء الاصطناعي في كاميرات الحافلات لرصد أية تحركات غير طبيعية وإنذار المسؤولين بسرعة.

وفي ألمانيا يقوم نادي السيارات الألماني، الذي يضم في عضويته أكثر من 13 مليون شخص، بالتفتيش على الباصات المدرسية، ليكشف ما فيها من عيوب، ويبلغ بها الشرطة والصحافة وإدارات المدارس، بحيث لا تملك شركات النقل إلا تدارك القصور فوراً.

وفي الإمارات تمكن الشاب فاهم الماس، من ابتكار حل لمشكلة نسيان طلبة المدارس في الحافلات المدرسية، وصنع جهازاً يقوم بتعداد الداخلين والخارجين من الباص، وإصدار إنذار صوتي وإرسال رسالة نصية إلى المشرفين على الحافلات وسائق الباص في حال وجود خلل في تعداد ركاب الحافلة، وفي حالات النسيان داخل الحافلات المدرسية، حيث يقوم الجهاز من خلال 3 أجهزة استشعار بتعداد الداخلين إلى الحافلة والخارجين منها من الطلبة.

ويقوم الجهاز عند إطفاء محرك الحافلة، بعملية حسابية ذكية أخيرة لتعداد الطلبة داخل الحافلة، وفي حال كان العدد صفراً، فإن الجهاز يغلق اوتوماتيكياً، أما إذا كان العدد أي رقم آخر غير صفر، فإن ذلك يعني وجود خلل في عدد الداخلين والمغادرين الحافلة، فيقوم عندها الجهاز بإصدار تنبيه صوتي وإرسال رسائل نصية عبر شريحة هاتف مركبة بداخله ومبرمجة إلى أرقام محددة منها أرقام هواتف المشرفين على الحافلات المدرسية ورقم سائق الحافلة.

توصيات الخبراء

أوصى خبراء دوليون باتخاذ مجموعة من الإجراءات لتفادي حدوث تلك الحوادث وكانت تتلخص في التالي:

ضرورة أن يكون السائق قادراً على مراقبة الوضع داخل الباص بالكامل، إما عن طريق مرآة، أو كاميرات موزعة في جميع أركانه، ومرايا أو كاميرات أخرى تبين له أبواب الصعود والنزول خارج الباص.

التأكد من صلاحية أجهزة التكييف والتهوية، وتشغيلها في أثناء الرحلة.

ضرورة تأكد السائق من عدد الطلبة في الحافلة ونزولهم جميعاً ومراجعة العدد قبل المغادرة من الموقع، والتفتيش داخل الحافلة عن أي تواجد لأطفال نائمين أو أدوات تم نسيانها من قبلهم.

شاركها.