“3 رصاصات في الظهر مقابل فعل نبيل”.. جريمة مرعبة داخل سيارة أجرة تهز تركيا
لم يكن سائق سيارة الأجرة التركي، أوغوز إرجه (44 عاما) يدري أن المعروف وفعل الخير الذي قدمه للشاب المقنع، دليل أيصال، بعد منتصف الليل سيكون بمثابة طُعم غادر سيفقده حياته على الفور.
وبعدما توقف له في إحدى شوارع مدينة إزمير التركية وأقله بسيارته في المقعد الخلفي، شفقة عليه بسبب الجو البارد سرعان ما أشهر الشاب القاتل (19 عاما) مسدسه، مطلقا 3 رصاصات على جسد إرجه.
ووثقت تسجيلات الكاميرا الخاصة بسيارة الأجرة التي يقودها الضحية مشهدا صادما وشنيعا وأثارت حالة استياء كبيرة في الشارع التركي، وليس في إزمير فحسب.
التسجيلات أظهرت كيف أطلق القاتل الرصاصات من الخلف، قبل أن ينتقل إلى جانب الضحية، ليتأكد من مقتله، وليسرق هاتفه النقال وما وضعه في ملابسه وداخل جيوب السيارة من نقود.
وأظهرت أيضا إقدام الشاب على صفع وجه إرجه وهو أب لطفلين، وترديده عبارة : “لا يجب أن تثق ببعض الناس!”.
وذكرت وسائل إعلام تركية، بينها موقع “خبر تورك” أن السلطات في إزمير تمكنت من إلقاء القبض على الجاني في عملية استمرت 6 ساعات، وبعد فحص كاميرات المراقبة في الشوارع وتلك المثبتة داخل سيارة الأجرة.
ومع ذلك ورغم إلقاء القبض عليه لم تتبدد حتى الآن مشاعر الحزن والغضب داخل المواطنين الأتراك، وهو ما انعكس في حديثهم لوسائل الإعلام وتعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي إفادته للشرطة قال الجاني بحسب ما نقلت وكالة “DHA” يوم الجمعة: “أثناء تواجدي في السيارة خطرت في ذهني فجأة فكرة السرقة وقمت بتنفيذ الفعل”.
وعُلم أنه كرر نفس التصريح في المحكمة، قائلا من جانب آخر أيضا “إنه نادم”، وفق “خبر تورك”.
وتم إرسال جثة أوغوز إرجه الذي توفي في المستشفى حيث كان يعالج إلى مشرحة معهد الطب الشرعي بإزمير بعد فحص المدعي العام.
ونشرت وسائل إعلام تسجيلا مصورا أظهر 250 سائق سيارة وهم يرافقون السيارة التي تقل النعش، خلال طريقها إلى المشرحة.
السائقون أطلقوا أبواق سياراتهم، ونقلت وسائل إعلام أخرى عن البعض منهم استنكارهم لـ”الجريمة البشعة التي حصلت رغم المعروف وفعل الخير الذي أبداه السائق إرجه”.
وقال أصلان كوكالار، أحد جيران الضحية: “صديقي وجاري إرجه كان هادئا ولم يؤذِ أحدا بحياته”.
وأضاف أن القاتل وبعد تنفيذ جريمته اتصل بابنة السائق وقال لها: “والدك سيموت بسبب نزيف الدم. اتصلي بالإسعاف”.
وأوضح سائقون من رفاق السائق الضحية أن 3 سيارات أجرة لم تتوقف للقاتل لأنه كان يرتدي قناعا طبيا على وجهه، وأن إرجه أقدم على ذلك “خشية عليه من البرد”.
وأضاف أوكتار كاراكوج، أحد أصدقاء سائق سيارة الأجرة كما نقلت عنه وكالة “إخلاص”: “يجب إيجاد حل. كسائقي سيارات أجرة، لا يمكننا معرفة من لديه نوايا حسنة ومن لديه نوايا سيئة”.
وتابع: “يجب إيجاد حل لهذا الأمر. نريد أن نكون محميين”.
“مطالب بالإعدام”
وفي تصريح للصحفيين أمام معهد الطب الشرعي في إزمير، أعرب رئيس غرفة السائقين وتجار السيارات في إزمير، جليل أنيك، عن تعازيه لعائلة إرجه وأقاربه.
وقال أنيك بحسب موقع “خبر تورك”: “لقد أصبح من الواضح مرة أخرى مدى أهمية الكاميرا في هذا الحادث. أقدم تعازي لجميع أصدقائنا السائقين. هدفنا الوحيد وأمنيتنا الوحيدة هي أن ينال المشتبه به العقوبة اللازمة”.
وكتب نائب مدينة بورصة عن “حزب الحركة القومية”، مدحت وهاب أوغلو عبر”إكس”: “أنت أيها القاتل الدنيء لم تقتل أوغوز إرجه ولكنك قتلت الخير والإنسانية”.
وأضاف: “سائق التاكسي أوغوز إرجه، الذي قُتل على يد الوغد الذي استقل سيارة الأجرة حتى لا يصاب بالبرد في الشارع فقد حياته”.
وقال الصحفي التركي، إرسين تشيليك عبر”إكس”: “ينبغي للبرلمان الآن أن يضع على جدول أعماله التعديل الدستوري الذي من شأنه أن يفرض عقوبة الإعدام”.
وتابع: “ينبغي تحديد النطاق والإطار وإعادة عقوبة الإعدام عن طريق الاستفتاء. ينبغي أن يكون مقتل أوغوز إرجه على يد دليل أيصال نقطة تحول”.
وكانت الحكومة التركية قد طرحت في السنوات السابقة فكرة إعادة تطبيق عقوبة الإعدام ضد المتورطين في جرائم القتل، بما فيها تلك التي تذهب ضحيتها النساء، لكن هذا الطرح الحكومي في مواجهة الظاهرة لم يلق ترحيبا من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان.
وفي عام 2003 كانت تركيا قد ألغت رسميا تطبيق عقوبة الإعدام، بضغط من الاتحاد الأوروبي، الذي اشترط ذلك ضمن جملة من الشروط الأخرى، لقبول انضمام أنقرة إلى الأسرة الأوروبية.