اخبار مصر

”حكايات الجدة” .. رحلة أدبية بين الآسامية الهندية والعربية | ثقافة وفن | بوابة الكلمة

صدرت عن الدار المصرية المغربية للنشر والتوزيع بالقاهرة ، المجموعة القصصية “حكايات الجدة” للأديب الآسامي الهندي البارز لاكشمينات بيزبارووا، بترجمة الباحث والمترجم الهندي أبو سعيد أنصاري. هذا العمل الأدبي يُعدّ إنجازاً ثقافياً مهماً يربط بين الأدب الآسامي والقارئ العربي، حيث ينقل تراثاً غنياً من القصص الشعبية التي تعكس روح الثقافة الآسامية الهندية وتقاليدها العريقة، ويبرز في الوقت ذاته دور الترجمة في تعزيز التواصل بين الشعوب.

المجموعة من تأليف لاكشمينات بيزبارووا: وترجمة الباحث ابو السعيد انصاري
يُعتبر لاكشمينات بيزبارووا أحد أبرز أعلام الأدب الآسامي في الهند، وقد وُلد في عام 1864 في منطقة آسام، وهي ولاية تقع في شمال شرق الهند، تتميز بتنوعها الثقافي والطبيعي الفريد. توفي بيزباروا في عام 1938، تاركاً إرثاً أدبياً عظيماً جعل منه رمزاً ثقافياً في بلاده. نشأ بيزبارووا في بيئة غنية بالتراث الشعبي والحكايات التقليدية، وهو ما أثر بشكل عميق في أعماله الأدبية.
كان بيزباروا رائداً في الحركة الأدبية الحديثة في آسام، حيث ساهم في تطوير أشكال أدبية جديدة مثل القصة القصيرة والرواية.كما لعب دوراً مهماً في تعزيز الهوية الثقافية الآسامية من خلال جمع الحكايات الشعبية وإعادة صياغتها بأسلوب أدبي يجمع بين البساطة والعمق. تتميز أعماله بالقدرة على مخاطبة مختلف الفئات العمرية، حيث تجمع بين الطابع الترفيهي والقيم التربوية والأخلاقية.

مجموعة “حكايات الجدة”، التي كتبها بيزبارووا باللغة الآسامية، تُعدّ واحدة من أشهر أعماله، وهي موجهة في الأصل للأطفال، لكنها تحمل في طياتها دروساً إنسانية عميقة تجذب الكبار أيضاً. تتناول المجموعة حكايات تقليدية ترويها جدة لأحفادها، وهي مستوحاة من الفلكلور الآسامي الغني. تتمحور القصص حول موضوعات مثل الأخلاق، الحكمة، العدالة، والعلاقات الإنسانية، وتتضمن شخصيات رمزية مثل الحيوانات المتكلمة والأبطال الشعبيين الذين يجسدون قيم الخير والشجاعة.
على سبيل المثال، تتضمن المجموعة قصصاً عن حيوانات تتعلم دروساً من تجاربها، مثل الثعلب الماكر الذي يحاول خداع الآخرين لكنه يقع في شر أفعاله. هذه القصص ليست مجرد حكايات ترفيهية، بل تحمل رسائل تربوية تهدف إلى غرس القيم الإيجابية في نفوس الأطفال، مثل الصدق، التعاون، واحترام الكبير. كما تعكس القصص البيئة الطبيعية والاجتماعية لمنطقة آسام، حيث تظهر الغابات الكثيفة، الأنهار، والقرى الصغيرة كخلفية للأحداث، مما يضفي على النصوص طابعاً واقعياً وشاعرياً في الوقت ذاته.
لم يقتصر دور بيزباروا على كتابة القصص فحسب، بل كان له دور كبير في تعزيز اللغة الآسامية وجعلها أداة تعبير أدبي قوية. في زمن كانت فيه اللغات المحلية في الهند تواجه تحديات بسبب هيمنة اللغات الاستعمارية مثل الإنجليزية، عمل بيزباروا على إحياء الأدب الآسامي وجعله وسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية لشعبه.
إن إرث لاكشمينات بيزبارووا لا يقتصر على آسام فحسب، بل يمتد ليشمل الأدب الهندي بشكل عام. فقد ألهم أجيالاً من الكتاب والقراء، وساهم في تعزيز مكانة الأدب الإقليمي في الهند. ومن خلال ترجمة أعماله إلى لغات أخرى، مثل الانجليزية والإسبانية و العربية في هذه الحالة، يستمر إرثه في التأثير على القراء في مختلف أنحاء العالم.

من خلال ترجمة أبو سعيد أنصاري باحث في جامعة جواهر لآل نهرو بنيودلهي، أصبح هذا العمل متاحاً للقارئ العربي، مما يفتح نافذة جديدة على الثقافة الآسامية. فالقارئ العربي، الذي قد لا يكون على دراية بالتراث الآسامي، يجد في هذه القصص تشابهات مع الحكايات الشعبية الأخري، مثل حكايات “كليلة ودمنة” أو “ألف ليلة وليلة”. هذا التشابه يعزز من فكرة أن الأدب، بغض النظر عن مصدره الجغرافي، يحمل في جوهره قيماً إنسانية مشتركة.
كما أن هذا العمل يُعدّ مثالاً رائعاً على دور الترجمة في تعزيز الحوار الثقافي. ففي عالم يزداد انقساماً بسبب الاختلافات السياسية والدينية، يأتي الأدب ليذكرنا بأن هناك دائماً أرضية مشتركة يمكن أن نلتقي عليها. “حكايات الجدة”، بفضل جهود بيزباروا وبترجمة أبو سعيد أنصاري، تُظهر كيف يمكن للأدب أن يكون جسراً يربط بين الشعوب، وكيف يمكن للقصص البسيطة أن تحمل في طياتها معاني عميقة تتجاوز الحدود الجغرافية.

إن هذا العمل يذكرنا بأهمية الترجمة كأداة للتواصل الثقافي، وبقدرة الأدب على تعزيز التفاهم بين الشعوب. “حكايات الجدة” هو كتاب يستحق القراءة والتقدير، لما يحمله من قيم إنسانية وجماليات أدبية تجمع بين الأصالة والحداثة.
من جانب اخر أعرب الكاتب الصحفى سيد يونس مدير الدار المصرية المغربية انه سعيد للنشر لادباء من الهند فقد سبق اصدار مجموعة قصصية للدكتور محمد معراج عالم تحت عنوان “قوارير مكسورة” وديوان شعر “سكرات الحب”
وياتى مجموعة “حكايات الجدة” قصص أطفال للباحث والمترجم الهندي ابو سعيد انصاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *