اخبار تركيا

في نسخته الرابعة.. منتدى أنطاليا يرسّخ مكانته كملتقى دبلوماسي عالمي

اخبار تركيا

تناول مقال تحليلي للكاتب والأكاديمي التركي أحمد أويصال، منتدى أنطاليا الدبلوماسي الذي عقدت نسخته الرابعة قبل أيام جنوبي تركيا، مسلطًا الضوء على دوره المتصاعد كمنصة دولية لتعزيز الحوار والدبلوماسية كبديل للصراعات والحروب.

يستعرض المقال الذي نشرته صحيفة الشرق القطرية أبرز القضايا التي نوقشت خلال المنتدى، مثل الأزمة في غزة، ومستقبل سوريا، وتغيّر المناخ، والتنمية المستدامة، وأزمة اللاجئين، بالإضافة إلى التحولات في النظام الدولي.

كما يبرز الكاتب دور تركيا المحوري في تنظيم المنتدى وسعيها لتعزيز موقعها كوسيط دولي، إلى جانب مشاركة شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا الحدث على الساحة السياسية العالمية.

وفيما يلي نص المقال:

أُقيم هذا الأسبوع في تركيا منتدى أنطاليا الدبلوماسي في نسخته الرابعة، وهو منتدى يهدف إلى تعزيز دور الدبلوماسية كبديل للحروب، على غرار منتدى الدوحة ومنتدى الجزيرة. المنتدى يسعى إلى ترسيخ ثقافة الحوار والسلام في مواجهة النزاعات والصراعات، وقد أصبح منصة دولية هامة بمشاركة ما يقرب من 5000 شخصية من مختلف أنحاء العالم، بينهم قادة دول، ودبلوماسيون وخبراء وصحفيون.

في دوراته السابقة، لعب منتدى أنطاليا دورًا محوريًا في جمع الأطراف الروسية والأوكرانية إلى طاولة الحوار، ما يعكس أهميته المتزايدة على الساحة الدولية. هذا العام، شهد المنتدى مشاركة رؤساء دول من تركيا، أذربيجان، بلغاريا، إندونيسيا، جورجيا، المجر، الصومال، سوريا وليبيا، إلى جانب عدد من الوزراء وممثلي المنظمات الدولية. المنتدى لم يكن مجرد منصة لطرح القضايا الدولية، بل كان ساحة فعالة للقاءات دبلوماسية متعددة الأطراف، مما جعله مركزًا مهمًا للحوار بين مختلف الأطراف.

في ظل التطورات السياسية والإنسانية في العالم والمنطقة، ركز المنتدى على القضايا العالمية في العلاقات الدولية والدبلوماسية، مع السعي إلى تقديم حلول عبر مسارات السلام. وشارك المشاركون من مختلف أنحاء العالم لتبادل وجهات النظر وتقديم مقترحات لمعالجة التحديات العالمية. كما تم التأكيد على أهمية التعاون بين الدول، خصوصًا في تعزيز الحوار الإقليمي. في عالم اليوم، الذي تتعدد فيه التحديات والتهديدات، أصبح التعاون والتواصل على المستويين الإقليمي والدولي أكثر ضرورة من السعي الفردي لدول لحل الأزمات.

منتدى أنطاليا في دورته الحالية بدأ بمناقشة الأوضاع الإنسانية والسياسية في غزة وفلسطين، حيث تم التأكيد على الحاجة الملحة لتدخل دولي عاجل لتقديم المساعدات الإنسانية. كما دعا المشاركون إلى زيادة الضغط الدولي على إسرائيل والدول الداعمة لها، مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني. وقد حظي الملف السوري باهتمام خاص في المنتدى، حيث تم التأكيد على ضرورة دعم عملية إعادة الإعمار وتعزيز التعاون الإقليمي لاستعادة سوريا دورها كركيزة للاستقرار في المنطقة. الحكومة السورية كانت حاضرة بقوة في المنتدى، حيث أجرى وفدها سلسلة من اللقاءات مع ممثلي الدول المختلفة، في خطوة اعتُبرت مؤشراً على انفتاح دبلوماسي يعكس تحوّلات في المشهد الإقليمي والدولي.

كما تم مناقشة قضايا تغيّر المناخ والتنمية المستدامة في المنتدى، حيث تم التأكيد على أهمية التعاون الدولي لمواجهة تأثيرات تغيّر المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. تناولت الجلسات ضرورة تعزيز استخدام الطاقة المتجددة والحد من انبعاثات الكربون. كما ناقش المشاركون سبل تعزيز التجارة العالمية والتنمية الاقتصادية الإقليمية في ظل تأثيرات الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

منتدى أنطاليا كان أيضًا فرصة لمناقشة دور الاقتصاد الرقمي والابتكار وتأثير الذكاء الاصطناعي، حيث تم التركيز على التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أتاحها العصر الرقمي، وما يطرحه من تحديات وفرص. وقد أثيرت قضايا مثل الأمن السيبراني وأدوات الدبلوماسية الرقمية وتأثير الرقمنة على التعاون الدولي.

من بين المواضيع المهمة التي تم مناقشتها أيضًا كانت ظاهرة الهجرة وأزمة اللاجئين الناجمة عن الأزمات السياسية والاقتصادية. تبادل المشاركون وجهات النظر حول أسباب وآثار أزمة اللاجئين وسبل معالجتها، مع التركيز على قضايا دمج اللاجئين وحماية حقوق الإنسان. وقد تم التأكيد على ضرورة التعاون الدولي لمواجهة هذه التحديات، بما في ذلك الاستعداد لمواجهة الأوبئة التي قد تنشأ نتيجة الانتشار السريع للحركة البشرية على مستوى العالم.

في كلمته الختامية، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن «العالم أكبر من 5»، في إشارة إلى ضرورة إصلاح النظام العالمي الذي يقتصر فيه النفوذ على خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وشدد على ضرورة إنهاء الهجمات الإسرائيلية على غزة وسوريا التي وصفها بـ»إرهاب الدولة». أردوغان أشار أيضًا إلى أهمية الموقع الجيوسياسي لتركيا الذي يفرض عليها إقامة علاقات متوازنة بين الشرق والغرب، مؤكدًا على دور تركيا المحوري في الدبلوماسية والوساطة لحل الأزمات الإقليمية. كما أشار إلى أهمية دور النساء والشباب في إضفاء طاقة إيجابية جديدة على الدبلوماسية والقضايا العالمية. وفي ختام كلمته، ذكر أن تركيا شهدت خلال فترة حكمه تعزيزًا ملحوظًا في تأثيرها الدبلوماسي على الساحة الدولية.

منتدى أنطاليا الدبلوماسي أثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد لقاء دبلوماسي، بل منصة مهمة لتعزيز السلام والحوار على المستوى الدولي، ومواصلة البحث عن حلول مبتكرة للتحديات العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *