خلفان الطوقي

 

جهاز الاستثمار العُماني ليس جهاز استثمار عادي، وليس الهدف منه تحقيق عوائد مالية له لإعادة استثمارها وحسب، أو أن يذهب جزء من هذه العوائد لخزينة الدولة فقط، وليس جهازًا يضم صناديق منوعة للاستثمار داخل السلطنة وخارجها فقط، ولا ينحصر دوره على الإشراف على الشركات الحكومية أو شبه الحكومية، ثم يسعى إلى التخارج منها وفق جدول زمني مُمنهج؛ بل هو أكثر من ذلك كله، إنه أكاديمية عُمانية رصينة للعناصر البشرية المُميَّزة في سلطنة عُمان، ومرجع أصيل يُمكن لكل الجهات الحكومية أن تعود إليه وفي مجالات مختلفة.

وكلمة “أكاديمية” يمكن وصف الجهاز بها بكل جدارة واستحقاق، ويعود ذلك لعدة أسباب:

  1. الكفاءات الوطنية: لا ينحصر استثمارهم في الصناديق الاستثمارية المحلية والإقليمية والعالمية، والاستحواذ، والاندماج، والتخارج من جزء من حصصهم هنا وهناك، وغيرها من العمليات الاستثمارية؛ بل إن الاستثمار الأمثل في الموارد البشرية العُمانية لتكون مؤهلة، وذات كفاءة مهنية عالية، وتستطيع قيادة الموضوعات المعقدة في تفاصيل الاستثمار، والمحافظة على كيان الجهاز من جميع جوانبه ليكون صلبًا ورائدًا وسباقًا.
  2. التأهيل المستمر: من خلال معرفتي بهذا الجهاز، فإنَّ برامجه التدريبية مثل: “نمو” و”إعداد” و”مُعتمَد” وغيرها، يسعى الجهاز من خلالها لأن يكون نموذجًا للتميز (center of excellence) في كل ما يقوم به موظفوه من عمليات مباشرة أو غير مباشرة.
  3. الحوكمة: جهاز الاستثمار العُماني هو أكثر الجهات الحكومية حَوْكمةً، ولديه ميثاق حوكمة للشركات التابعة له وأكثر من 15 سياسةً ومبدأً توجيهيًا للحوكمة في عملياته كافةً، مثل الاستثمار والتخارج والتواصل والإعلام وغيرها، وذلك لحساسية العمل في المواقع المختلفة للجهاز. وبالرغم من أنَّ الجهاز معني بالاستثمار، إلّا أنه يمكن اعتباره “مرجعًا وطنيًا” لكافة الجهات الحكومية في مجال الحوكمة، ويمكن للجهات الحكومية الأخرى أن تستفيد مما وصل إليه، وعدم البدء من الصفر أو البدء من المربع الأول.
  4. الخبرة العالمية: يعمل الجهاز في أكثر من 50 دولة حول العالم، ولديه استثمارات في أكثر من 185 صندوقًا استثماريًا مُوزَّعًا على مختلف قارات العالم، لذا؛ فمن الطبيعي أن موظفيه لا يمكن اعتبارهم موظفين عاديين أو تقليدين، ومن المناسب الاستفادة منهم، والاستعانة بهم في تجديد وتحسين البيئة الاستثمارية في سلطنة عُمان، وتطوير منظومة القوانين والإجراءات واللوائح التنفيذية المعنية في ممارسة الأعمال التجارية. ويمكن للبرنامج الوطني “استدامة” التواصل مع هذه الكفاءات الوطنية والاستئناس بآرائهم القيمة، والاستفادة من خبراتهم العالمية ومزجها لتعظيم الفائدة لتعم على أكبر محيط في سلطنة عُمان، فمن خلال هذه الكفاءات يمكن اختصار الزمن، وقطع مراحل عديدة في وقت قياسي.

لا يُمكن إنكار أن للجهاز إمكانات مالية ربما تكون غير متوفرة نسبيًا لجهات عديدة، ومن خلال هذه الإمكانات المتاحة له استطاع أن يكون أكاديمية تضم أفضل العناصر البشرية في السلطنة على الإطلاق، ولأنه كذلك، فلا بُد من إيجاد آلية للتعاون والتكامل وتعميم هذا التميُّز ليشمل معظم جهاتنا الحكومية.. وأرى أنه من المناسب أن يقوم البرنامج الوطني “استدامة”، ووحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040 وبالتعاون مع جهاز الاستثمار العُماني، بإيجاد آليات نقل المعرفة العلمية والخبرات العملية، وأفضل النماذج الجاهزة وتعميمها لجميع الجهات الحكومية، وهذه الجهات الثلاثة خير من يقوم بذلك.

شاركها.