د. سعيد الكثيري

لم يسبق للكيان الصهيوني أن وصل إلى مرحلة مفصلية يشعر فيها بخطورة زواله كما هي المرحلة التي يعيشها منذ الطوفان العظيم وما بعده، فعودة قضية الأمة إلى الواجهة وتأثيرها عالميًا على مختلف مستويات الفكر والسياسة والجامعات والتضامن العالمي المناصر للحق الفلسطيني وازدياد العزلة الدولية للكيان العنصري وفضح جرائمه الوحشية في غزة وشرعيته الزائفة، وصمود الشعب الفلسطيني المكلوم الجائع ومقاومته الباسلة التي فاقت بشجاعتها الخيال وضرباته القاسية المؤلمة للاحتلال واقتحام دباباته وفتح خزاناتها وتفجيرها في شجاعة منقطعة النظير معززة بالإيمان بعدالة القضية والاستعداد للتضحية من أجلها.

كل ذلك أفشل المنظومة السياسية والعسكرية والأمنية للاحتلال وأصابها بالهستيريا والارتباك، وجعلها تتخبط يمينًا وشمالًا وتفتح معارك خارجية للهروب إلى الفشل الماحق.

هذا التخبط وغطرسة الكيان الصهيوني سببه الدعم الأمريكي اللامحدود والغربي، بل هو في الأساس انعكاس لهذا الدعم والحماية؛ سياسيًا من خلال عرقلة مشاريع قرارات مجلس الأمن المنددة بجرائم الاحتلال واستخدام النقض (الفيتو) لإفشالها ويعطي غطاءً سياسيًا عمليًا يحميه من مساءلات ملزمة على مستوى مجلس الأمن الدولي، وعسكريًا بالدعم المستمر بأحدث الأسلحة المتطورة والذخائر والتقنيات، وفي الجانب الاقتصادي بالمليارات بالإضافة إلى الدعم الإعلامي لتبرير والتغطية على بشاعة تصرفاته.

لكن هذا التواطؤ والانحياز الأمريكي المطلق والغربي قد يمد عمر الاحتلال زمنًا، ويغطي جرائمه، ولكنه لن يمنع نهايته، ولن يستطيع حجب شمس الحرية أن تشرق على فلسطين والأمة.

وتبقى غزة شموخًا وعزة.

 

شاركها.