علي بن بدر البوسعيدي
لقد استبشرنا خيرًا بالتوجيهات السامية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة مولاي السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه بمضاعفة المبلغ الذي تم تخصيصه سابقًا لدعم برامج ومسارات تشغيل الباحثين عن عمل في القطاع الخاص، وخصوصًا مبادرة دعم الأجور ليكون 100 مليون ريال عُماني، وذلك نظرًا لإقبال القطاع الخاص والباحثين عن عمل على هذه المبادرات والبرامج.
هذه اللفتة الكريمة من لدن المقام السامي أعزه الله تؤكد أن جلالته يولي هذا الملف عناية كبيرة، وأنه في مقدمة سلم الأولويات، لا سيما وأن مجلس الوزراء الموقر لا يتوقف عن دراسة جميع أبعاد ملف التشغيل، خاصة في ضوء الموقف التنفيذي للمبادرات والبرنامج الوطني للتشغيل والتحديات التي تواجهه، وهو ما يعكس حرص المجلس الموقر على توفير فرص وظيفية أكبر للباحثين عن العمل.
ورغم الجهود الحكومية المتواصلة لمعالجة هذا الملف الحيوي، لكن الوضع يتطلب المزيد من الجهود، وخاصة المسؤولين في الجهات المعنية بالتوظيف والتشغيل، من أجل تفادي أي نتائج سلبية مجتمعية، ليس أقلها انتشار الإحباط بين هؤلاء الشباب والفتيات، ولا أشدها سقوط البعض في براثن إدمان الممنوعات. ولا شك أننا هنا في هذا السياق لا نطلق تعميمًا على أبناء الوطن، فالغالبية العظمى ولله الحمد مؤمنون بوطنهم وراضون عن الجهود المبذولة، لكنهم في الوقت نفسه يطمحون لأن يحصلوا على الوظيفة المناسبة التي تليق بهم، خاصة وأنهم في الوقت نفسه يشاهدون ويقرأون عن زيادة أعداد العمالة الوافدة في الكثير من المؤسسات. نعم نعلم أن كثير من هذه العمالة تتمركز في قطاعات مثل البناء والتشييد والخدمات، لكن لا نُنكر أن هناك وظائف يشغلها وافدون، المواطن العُماني قادر على شغلها وتقديم أداء وظيفي لا يقل أبدًا عن الوافد.
ومن وجهة نظري، فإنني أرى ضرورة توسيع عمل القطاع الخاص، ولا سيما في القطاعات الإنتاجية، التي تسهم في توفير الوظائف بأعداد كبيرة، وهذا الأمر يتطلب من البنوك وشركات التمويل أن تُبادر وتطرح حلولًا تمويلية تساعد شركات القطاع الخاص على التوسع في مشاريعها، بما يضمن خلق فرص عمل للشباب، وإنعاش الحركة التجارية والاقتصادية.
الجميع بات يُدرك تمامًا حجم التحديات التي نواجهها في مسارات التنمية الاقتصادية، وهي تحديات ناجمة عن عوامل خارجية في الأساس، لكن لها انعكاسات محلية تتسبب فيما نحن فيه من أوضاع وتحديات. والحل يكمن في إطلاق حزم من التسهيلات والحوافز للقطاع الخاص، وبصفة خاصة لروّاد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وفي النهاية.. نؤكد أن قضية الباحثين عن عمل والمُسرَّحين من أعمالهم، تأتي في صدارة أولويات الحكومة الرشيدة، لكن على القطاع الخاص أن يبذل الجهد اللازم من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من أبناء هذا الوطن، لكي يزدهر اقتصادنا ويعلو بين الأمم.