إسماعيل بن شهاب البلوشي
عندما يكتب القلم عن القادة، فإنه لا يكتب بالحبر فقط؛ بل بروح التاريخ، وبنَبض الوفاء، وبوعيٍ يستحضر ما للقائد من حضورٍ في وجدان الوطن وفي مسيرة أبنائه، وحين يحل الحادي عشر من أكتوبر، تتجدد في قلوبنا مشاعر الفخر والاعتزاز، لأنه اليوم الذي أكرم الله فيه عُمان بميلاد قائدها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه الذي حمل الأمانة بكل صدقٍ واقتدار، فمضت عُمان على نهجها بثقةٍ نحو المستقبل، متزنةً في فكرها، راسخةً في مبادئها، مزهرةً في عطائها.
لقد شاءت الأقدار أن يتولى جلالته مقاليد الحكم في لحظةٍ فاصلةٍ من تاريخ الوطن، والعالم يمرّ بتحولاتٍ اقتصاديةٍ وجيوسياسيةٍ غير مسبوقة، إلّا أن رؤية جلالته الثاقبة، وحكمته التي امتزجت بالتجربة والحنكة، استطاعت أن تقود سفينة الوطن نحو شاطئ الأمان، بتوازنٍ فريدٍ بين الأصالة والمعاصرة. وفي ظل قيادة جلالته، أصبحت رؤية “عُمان 2040” ليست مجرد شعارٍ وطني؛ بل مشروع حياةٍ شاملٍ يمسّ كل مواطن، ويؤسس لنهضةٍ متجددةٍ تستند إلى المعرفة، والتقنية، والاستدامة، والمواطنة المسؤولة.
لقد أكد جلالته منذ اليوم الأول أن الإنسان هو محور التنمية وغايتها؛ فكانت توجيهاته السامية تؤكد دائمًا على تحسين معيشة المواطن، وتطوير التعليم والصحة، ودعم الشباب وتمكينهم، وتوسيع آفاق العمل والإنتاج والإبداع.
وفي خطبه ومواقفه السامية، يتجلى بوضوح القائد الإنسان الذي يضع مصلحة المواطن في قلب قراراته، ويستمع إلى هموم الناس، ويُشعرهم بأنهم شركاء في صناعة الغد.
إن هذا التلاحم بين القائد وشعبه هو ما يمنح عُمان خصوصيتها بين الأمم، وما يجعلنا نقول بثقة إن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم لم يأتِ ليواصل المسيرة فحسب؛ بل ليُجدّدها، ويُعمّق معانيها، ويمنحها بعدًا إنسانيًا أكثر إشراقًا وعمقًا.
والمتتبع لسياسة السلطنة في الداخل والخارج يدرك أن النهج العُماني المتزن لم يتغيّر، بل تعزز بثباتٍ أكبر تحت قيادة جلالته؛ فعُمان اليوم، كما كانت بالأمس، صوت العقل في زمن الاضطراب، ورسالة السلام في عالمٍ مضطربٍ بالتجاذبات.
وفي الوقت ذاته، تمضي بخطى ثابتة في التنمية، من خلال المشاريع الاقتصادية الكبرى، والمناطق الحرة، وتطوير البنية الأساسية، وتشجيع الاستثمار، وإتاحة الفرص للقطاع الخاص والشباب ليكونوا شركاء في التنمية.
هذه هي عُمان الحديثة التي أرادها جلالته: دولة قوية بمؤسساتها، راسخة بثوابتها، متجددة في فكرها، معتزة بتاريخها، منفتحة على المستقبل بثقةٍ وإيمان.
نحن في سلطنة عُمان نفتخر أن نمجّد هذا القائد، وأن يكون حضوره من حضورنا، وعزته من عزتنا؛ فجلالته هو الامتداد الطبيعي لتاريخٍ مجيدٍ من القيادة الراشدة التي أرست أركان الدولة العصرية، وهو في الوقت ذاته القائد الذي ينظر إلى المستقبل بعينٍ حازمةٍ وبصيرةٍ نافذة.
إن وجود القائد في ذاكرة الأمة، وفي وجدانها، ليس تكريمًا لشخصه فقط؛ بل تكريمٌ لقيمٍ عظيمةٍ يمثلها، ومنها: الإخلاص، والعزيمة، واخبار عمان، والعمل من أجل الوطن دون كللٍ أو تردد.
وحين نرفع من شأن قادتنا، فإننا لا نمارس مجاملةً أو طقوسًا رمزية؛ بل نُعبّر عن قناعةٍ راسخةٍ بأن القائد العظيم هو الذي يصنع شعبًا عظيمًا، وأن عُمان العظيمة تستمد قوتها من قيادتها الحكيمة، ومن حب أبنائها لوطنهم وولائهم لعرشهم.
في هذا اليوم المبارك، نُجدِّد العهد والولاء، ونرفع الأكف بالدعاء إلى الله أن يحفظ جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وأن يمدّه بالعون والتوفيق، ويبارك في عمره وعمله، وأن يديم على عُمان الأمن والعز والازدهار تحت ظل قيادته الرشيدة.
إن القائد الذي يولد في ذاكرة الوطن، لا يُقاس عمره بالسنوات؛ بل بما زرعه من أثر، وبما صنعه من نهضة، وبما تركه من بصماتٍ في مسيرة أمّته.. وعُمان، منذ ميلاد قائدها، تمضي بثقةٍ على طريق المجد، تعانق الشمس كل صباح، وتكتب فخرها في التاريخ بحروفٍ من ذهب.