مُزنة المسافر

 

 

وأنا أمضي وحيدة في شارع ضيق، وأردد أغنياتي، وأفكر في أغنية جديدة، أوقفني لص، زعق في وجهي: هيه يا امرأة!.

كان يحمل سكيناً يلمع، ويبدو حاداً، يبدو جاداً أنه يود أن يقتلني.

فسألته: هيه يا هذا هل تريد أن تقتلني؟

اللص: نعم، إن لم تعطيني كل النقود.

ماتيلدا: لدي فقط ساعة قديمة خذها قد تفيدك.

اللص: هل هذه هدية؟ أم سرقة؟

ماتيلدا: أنا نجمة يا هذا!، هل ستقتل إنساناً مشهوراً؟

 

تردد اللص، لم يعرف ما يفعل، يبدو أنَّه كان يلعب الخفة بدل السرقة، كان أضحوكة اليوم بطوله، وقد اقترب والليل لم يخيم جيداً على كل شيء، إنه لص فاشل، لص عالة على جميع اللصوص.

 

ماتيلدا: سأكلم أحد رجال الدرك، ليزّج بك في أقرب سجن.

تردد أكثر، وتوسل إلي وقال إنه آسف.

ماتيلدا: وكيف أعود أنا لبيتي بلا شيء أيها اللص.

اللص: أنا لست لص، أنا إنسان طيب أيتها النجمة!.

أخذت السكين ورفعته في وجهه، وزعقت أنا الأخرى بأعلى صوتي: أغرب عن وجهي، وأعد لي الساعة.

 

جوليتا: وهل أعادها إليكِ يا عمتي؟

ماتيلدا: كان جباناً يا ابنة أخي، أراد أن يزهق روحي، لكن روحي كانت ثمينة، وعليمة بما يحدث، في داخلي تمنيت أن يتغير السيناريو، وأكون أنا الأقوى، وهذا ما حدث بالفعل.

 

في اليوم التالي أخبرت خورخيه منتج الأسطوانات حين كنَّا نسجل في الأستوديو ما حدث، قال  لي خورخيه: اكتبي أغنيةً عن لصوص القلوب، هنالك من يأتون لحياتنا ويزهقون وقتنا، ويريدون بدل الساعة ساعات كثيرة من عمرنا، اكتبي يا ماتيلدا أغنية عن السارقين للهوى، والراغبين في أعظم جوى، لكن النَّوى والبُعد يرسمونه بأيديهم، ويطيرون بأرواحهم في أحلامنا، يريدون  اقتحام عوالمنا الليلية، ويريدون أن يكونوا معنا في نهار جلي، وفي مساء خفي وسط مشاعرنا وهواجسنا، وبوعي كبير ينسجون خيوطاً رفيعة يمكنها أن تُقطع في أي لحظة.

 

أجبت خورخيه أنها فكرة نجيبة، لكنني لم أُسرق في حياتي، من الذي سرق وقتي؟، ومن الذي عبث به، هل كان ألبيرتو؟، هل سرق قلبي حين كان يرقص معي؟، حين كانت خطواته أسرع مني، وحين حدث كرنفال البلدة، وخرج الناس بالريش والألوان، وكان وجهي ووجهه بأقنعة مبهرجة، ونظرت نحوه سعيدة بوجوده وسط وقتي وفي حياتي، بينما كان موكب الكرنفال يمضي نحو أضواء كثيرة، ونحو سماء مليئة بالألعاب النارية.

 

شعرت أنها فرصة للحب، وفرصة لكل محب، إنها فرصة فيها الكثير من الوقت، إنها أخيراً هنا، 

هل كان ألبيرتو لصاً محترفاً دخل إلى أحشائي ليخرب عروقي الموصولة بعقلي؟، ويتلف أعصابي وينسج نفسه في كل بقعة نابضة في جذعي، إنه يضع اسمه في كل مكان، ولا يدون أي عنوان غير عنوانه.

شاركها.