اخبار عمان غرفة الأخبار
وصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الكيان الإسرائيلي بـ”العدو”، قائلًا: “يجب أن تُغيِّر مواقفنا من نظرة العدو نحونا؛ ليري أن أي دولة عربية، مساحتها ممتدة من المحيط إلي الخليج، ومظلتها متسعة لكل الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام”.
جاء ذلك في كلمة الرئيس المصري خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة، للرد علي العدوان الإسرائيلي علي قطر الأسبوع الماضي، في محاولة لاستهداف قادة حركة المقاومة الإسلامية “حماس”. وأوضح السيسي أن “هذه النظرة كي تتغير، فهي تتطلب قرارات وتوصيات قوية، والعمل على تنفيذها بإخلاص ونية صادقة، حتى يرتدع كل باغٍ، ويتحسب أي مُغامِر”.
وفي كلمته قال السيسي إن القمة “تنعقد في توقيت بالغ الدقة، وفي ظل تحديات جسام تواجهها المنطقة، التي تسعى إسرائيل لتحويلها إلى ساحة مستباحة للاعتداءات؛ بما يُهدد الاستقرار في المنطقة بأسرها، ويشكل إخلالا خطيرا بالسلم والأمن الدوليين، وبالقواعد المستقرة للنظام الدولي”. وأضاف: “أود أن أنقل إلى قيادة قطر وشعبها الشقيق؛ تضامن مصر الكامل، وتضافرها مع أشقائها، في مواجهة العدوان الإسرائيلي الآثم، الذي شهدته الأجواء والأراضي القطرية، والذي يمثل انتهاكًا جسيمًا، لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويعد سابقة خطيرة، وتهديدا للأمن القومي العربي والإسلامي”.
وأكد السيسي أن “هذا العدوان إنما يعكس بجلاء، أن الممارسات الإسرائيلية تجاوزت أي منطق سياسي أو عسكري، وتخطت كافة الخطوط الحمراء، وأن أعرب عن الإدانة، بأشد وأقسى العبارات لهذا العدوان الإسرائيلي، على سيادة وأمن دولة عربية، تضطلع بدور محوري في جهود الوساطة مع مصر والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الحرب والمعاناة غير المسبوقة، التي يمر بها الشعب الفلسطيني الشقيق”.
وحذر الرئيس المصري من أن “ما نشهده من سلوك إسرائيلي مُنفلت، ومزعزع للاستقرار الإقليمي، من شأنه توسيع رقعة الصراع، ودفع المنطقة نحو دوامة خطيرة من التصعيد، وهو ما لا يمكن القبول به.. أو السكوت عنه”.
وقال السيسي: “بينما تدعو مصر المجتمع الدولي، إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، لضمان عدم تكرار هذه الاعتداءات، وإنهاء الحرب الإسرائيلية الغاشمة، بما يقتضيه ذلك؛ من محاسبة ضرورية للمسئولين، عن الانتهاكات الصارخة، ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب، التي باتت سائدة أمام الممارسات الإسرائيلية، فإنه بات واضحًا أن النهج العدواني الذى يتبناه الجانب الإسرائيلي، إنما يحمل في طياته نية مُبيَّتة، لإفشال كافة فرص تحقيق التهدئة، والتوصل إلي اتفاق يضمن الوقف الدائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والأسري، كما أن هذا التوجه يشي بغياب أي إرادة سياسية لدى إسرائيل، للتحرك الجدى في اتجاه إحلال السلام في المنطقة”.
وشدد السيسي على أن “الانفلات الإسرائيلي، والغطرسة الآخذة في التضخم، تتطلب منا كقادة للعالمين العربي والإسلامي، العمل معًا نحو إرساء أُسس ومبادئ، تُعبِّر عن رؤيتنا ومصالحنا المشتركة، ولعل اعتماد مجلس الجامعة العربية، في دورته الوزارية الأخيرة، القرار المعنون: “اخبار عمان المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة”، يُمثِّل نواة يمكن البناء عليها، وصولًا إلى توافق عربي وإسلامي، علي إطار حاكم للأمن والتعاون الإقليميين، ووضع الآليات التنفيذية اللازمة، للتعامل مع الظرف الدقيق الذى نعيشه، علي نحو يحول دون الهيمنة الإقليمية لأى طرف، أو فرض ترتيبات أمنية أحادية، تنتقص من أمن الدول العربية والإسلامية واستقرارها”.
وأضاف الرئيس المصري أن على إسرائيل أن تستوعب، أن أمنها وسلامتها، لن يتحققا بسياسات القوة والاعتداء؛ بل بالالتزام بالقانون الدولي، واحترام سيادة الدول العربية والإسلامية، وأن سيادة تلك الدول “لا يمكن أن تمس تحت أي ذريعة، وهذه مبادئ غير قابلة للمساومة”.
وأكد السيسي أنه يتعين على العالم كله إدراك أن سياسات إسرائيل، تُقوِّض فرص السلام بالمنطقة، وتضرب عرض الحائط بالقوانين الدولية، والأعراف المستقرة والقيم الإنسانية، وأن استمرار هذا السلوك، لن يجلب سوى المزيد من التوتر، وعدم الاستقرار للمنطقة بأسرها، على نحو سيكون له تبعات خطيرة على الأمن الدولي.
ووجه السيسي رسالة إلى شعب إسرائيل، قائلًا: “إن ما يجري حاليًا يُقوِّض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم، وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أي فرص لأية اتفاقيات سلام جديدة؛ بل ويُجهض اتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة، وحينها ستكون العواقب وخيمة؛ وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام، ومكاسب تحققت من ورائه، وهو ثمن سندفعه جميعًا بلا استثناء، فلا تسمحوا بأن تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سُدى، ويكون الندم حينها بلا جدوى”.
وأكد السيسي رفض مصر الكامل، لاستهداف المدنيين، وسياسة العقاب الجماعي والتجويع، التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء، على مدار العامين الماضيين.
وشدد الرئيس المصري على “أن الحلول العسكرية، وإجهاض جهود الوساطة، والاستمرار عوضا عن ذلك، في محاولة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة، لن يحقق الأمن لأي طرف”.
وقال: “ستواصل مصر دعمها الثابت، لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وتمسكه بهويته وحقوقه المشروعة، طبقا للقانون الدولي، والتصدي لمحاولة المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف؛ سواء عبر الأنشطة الاستيطانية، أو ضم الأرض، أو عن طريق التهجير، أو غيرها من صور اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، عبر استخدام عناوين ومبررات، لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال”.
وجدد السيسي تأكيد مصر “رفضها الكامل، لأي مقترحات من شأنها تهجير الفلسطينيين من أرضهم؛ فمثل هذه الأطروحات، ليس لها أساس قانوني أو أخلاقي، ولن تؤدي سوى إلى توسيع رقعة الصراع، وهو أمر من شأنه زعزعة استقرار المنطقة بأكملها”.
وذكر الرئيس المصري أنه “آن الأوان، للتعامل بجدية وحسم مع القضية الفلسطينية، باعتبارها مفتاح الاستقرار في المنطقة”.
وأكد أن الحل العادل والشامل، للقضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي، يقوم على إنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأعرب السيسي عن تطلع مصر لأن يُمثِّل مؤتمر حل الدولتين، الذي سيُعقد يوم 22 سبتمبر الجاري، على هامش الشق رفيع المستوى، لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، محطة مفصلية، على طريق تحقيق حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية، خاصة من خلال الاعتراف بدولة فلسطين.
وجدد السيسي دعوته “للاعتراف الفوري بدولة فلسطين، من جانب جميع الدول التي لم تُقدِم على هذه الخطوة بعد، باعتبار ذلك السبيل الوحيد، من أجل الحفاظ على حل الدولتين”.
وشدد الرئيس المصري أن الدول العربية والإسلامية “أمام لحظة فارقة، تستلزم أن تكون وحدتنا نقطة ارتكاز أساسية، للتعامل مع التحديات التي تواجه منطقتنا، بما يضمن عدم الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والصراعات، والحيلولة دون فرض ترتيبات إقليمية، تتعارض مع مصالحنا ورؤيتنا المشتركة”.
وقال إن “رسالتنا اليوم واضحة؛ فلن نقبل بالاعتداء على سيادة دُوَلِنَا، ولن نسمح بإفشال جهود السلام، وسنقف جميعًا صفًا واحدًا، دفاعًا عن الحقوق العربية والإسلامية، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، والعيش بحرية وكرامة وأمن”.
وأضاف السيسي: “أصبح لِزامًا علينا في هذا الظرف التاريخي الدقيق، إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون، تمكننا جميعًا من مواجهة التحديات الكبري، الأمنية والسياسية والاقتصادية، التي تحيط بنا؛ حيث إن إقامة مثل هذه الآلية الآن، يمثل السبيل لتعزيز جبهتنا، وقدرتنا على التصدي للتحديات الراهنة، واتخاذ ما يلزم من خطوات، لحماية أمننا ورعاية مصالحنا المشتركة. ومصر كعهدها دائمًا، تمد يدها لكل جهد صادق، يحقق سلامًا عادلًا، ويدعم أمن واستقرار العالمين العربي والإسلامي”.