د. جمالات عبد الرحيم

لماذا كلما انتقلت كلمة الدبلوماسية إلى اللغة العربية تم إسقاطها على يد النظام الأمريكي الإسرائيلي والشرق الأوروبي؟ 

حيث إن اللغة العربية معناها اللغوي الأصلي على ما يماثله في اللغة العربية، لأنه هو الكتاب الذي يتضمن لغة الخطاب الديني الإسلامي، الذي أنزله الله عز وجل على النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، لأن اللغة العربية هي لغة الحوار للتعبير عن الوثيقة التي يتبادلها أصحاب السلطة بينهما وتمنح حاملها مزايا من الحماية والأمان. وأن الله قد حثنا على العمل والعلم، وقد حدثنا عما يحدث للأمة العربية من اعتداءات يتعرضون لها من اليهود الذين ينتمون إلى اسم إسرائيل.

وحينما تطور متناول كلمة الدبلوماسية عبر الأزمنة والحضارات المختلفة، أصبحت تعني العلاقات الخارجية للدول، كما يدخل في مدلولها الأشخاص الذين توكل إليهم مهمة تمثيل دولهم، كالسفراء والأجهزة المشرفة عليهم، سليمًا وصولًا إلى الدولة، وقد استقر هذا المفهوم مع إنشاء أول بعثة دبلوماسية دائمة. 

وتطور الأمر مع تطور الدولة القومية، إذ أصبح يُستخدم مصطلح الدبلوماسية وصفًا إلى الدبلوماسي بمعناه الحديث في نهاية القرن الثامن عشر، وبالتحديد أثناء مؤتمر فيينا سنة 1815، الذي وسّع هذا المفهوم ليشمل تسيير العلاقات السياسية بين الدول، لتحديد وظائف الدبلوماسيين ونُظم ترتيب أسبقية رؤساء البعثات وخصائصها.

وإن أصل كلمة “قنصلية” لها الأصل اللاتيني، ويُقصد بها أصحاب الرأي والمشورة. 

أما ظهور القنصل فيرجع إلى القرون الوسطى، حيث جرت العادة في الدول الواقعة على غرب البحر الأبيض المتوسط على أن يجتمع التجار الذين ينتمون لدولة واحدة لكي يتشاوروا فيما بينهم، وينتخبوا شخصًا واحدًا منهم لكي يتولى شؤون مهمة الفصل فيما ينشب بينهم من منازعات، وكان يُطلق على ذلك الشخص “القنصل التاجر”. وقد ظهر النظام القنصلي في أول الأمر نتيجة احتياجات تتعلق بمصالح التجار البحارة الذين كانوا يتجهون إلى بلدان أخرى للقيام بالأعمال التجارية، حيث توجد علاقات وتقاليد وأعراف وقوانين تختلف عما هو معمول به في بلادهم. وكان بواعث قلق التجار: هل بإمكانهم حل خلافاتهم من قبل قضاة من اختيارهم يطبقون عليهم قوانينهم الوطنية؟

وهكذا عرفت الحضارات القديمة النظام القنصلي، حيث منحت الدولة المصرية القديمة التجار اليونانيين الموجودين فوق أراضيها الحق في تعيين قنصل تاجر من بينهم، يطبق عليهم قوانين اليونان فوق الأراضي المصرية القديمة. وفي تلك الحقبة ظهر هذا النظام أيضًا في الهند، حيث وُجد قضاة مكلفون بالسهر على حماية الأجانب. 

أما في عهد الإغريق القدماء، فلم يتمتع الأجانب بالحماية من قبل هيئات السلطة العامة، ولكن قد سُمح لهم باختيار أحد مواطنيهم لرعاية مصالحهم، وقد عُرف هؤلاء الحماة باسم (Prostates)، وكانوا مكلفين بمهمة الوسطاء عن مواطنيهم في إطار الشؤون القضائية والعامة.

وفي عهد التنظيم الدولي بتأسيس عصبة الأمم سنة 1919، والتي خلفتها منظمة الأمم المتحدة سنة 1945، تبادلت البعثات الدبلوماسية مع بعضها البعض بشكل رسمي، وتطورت مهامها، وأصبحت هذه القنصليات مسؤولة عن تنفيذ العلاقات القنصلية، وتقوم بوظائف هامة متنوعة لرعاية الدولة الموفودة إليها، ثم تسجيل المواليد والوفيات، وإبرام عقود الزواج وشهادات الطلاق، وإصدار وثائق للسفر والهجرة والتأشيرات، وغيرها من المهام الإدارية.

ولكن لماذا الأمم المتحدة سمحت بتهجير يهود الشرق الغربي إلى أرض فلسطين العربية، وإقامة وطن قومي لهم في أرض عربية تمثل الشرق الأوسط والخليج العربي وإيران والعراق ومصر والأردن والسعودية، ودول كثيرة تعرضت للتهديد والإهانات والتهجير والإبادات على يد الاحتلال الصهيوني؟ وإن أمريكا قد هيمنت على العالم كله، وقد أثبت العصر الحالي أن العرب لا زعيم عربي قوي لهم، حتى لو كانت مهنته تاجرًا أو بحارًا، بصرف النظر عن عمل التاجر في مجال حربي. وللأسف، أصبحت الشرعية في يد الاحتلال رغم أنف العرب، في تلك الحقبة التي أباحت فيها أمريكا وحلف الناتو بأن يكون للإسرائيليين الحقوق في الحروب والقتال والتوسع في الاستيلاء على أرض غزة، وتهجير أهل فلسطين بالقوة، واستخدام أسلوب التجويع والتعذيب وقتل المناضلين، وتهديد مصر التي لها حضارة قديمة.

وقد يستفز ترامب حكام العرب، ويدفعون له مليارات الدولارات لكي يُثبت للأنظمة العسكرية في دول آسيا وروسيا وإيران والهند وباكستان وغيرهم بأن العرب يتفقون مع أمريكا والاحتلال، حتى يستسلم الدبلوماسيون من الدول التي تنفذ أمر الأمم المتحدة بزعامة ترامب وإسرائيل وحلف الناتو. ولا يوجد مشروع تجارة مع دول استعمارية. 

وإذا تغير قائد أمريكي غير ديمقراطي، قد يأتي مثله تمامًا، لكي يضمن الحماية لإسرائيل، ولا يخاف على حماية العرب، لأن لا يوجد أي رقابة على هؤلاء من قبل حكام العرب.

وكلما تطورت اللغة العربية وانتشر الإسلام، اشتدت قوة العرب الفكرية والحربية، لكن للأسف تتوسع إسرائيل بقيادة نتنياهو وأمريكا والناتو. ومن الفساد أن حاكمًا أمريكيًا مثل ترامب يهدد مصر، ويريد أن يعبر من قناة السويس دون أن يدفع رسومًا جمركية، ويهدد أمن مصر واليمن وإيران، ومما أدى إلى نظام إرهاب وتهديد إلى التجار والبحارة والصيادين والأنظمة العسكرية المصرية التي تؤمن القناة والممرات البحرية.

قد تدّعي إسرائيل أن لها الحق في الاستيلاء على الشرق الأوسط، ويعلنون أن توراتهم تطلق على اسم مصر “بيت العبودية”، وأن حكاية أن الترسانة النووية لحماية العرب من إيران هي نكتة وأكذوبة قد كشفها الله في عهد ترامب ونتنياهو، في نفس الوقت الذي يسقطون فيه قضية فلسطين، ويسقطون الهوية العربية، وينقضون السلام مع مصر حينما تنتهي الحرب بين أمريكا وروسيا.. إنه نظام خداع ومافيا عالمية.

شاركها.