اخبار عمان

“الكهف” | جريدة الرؤية العمانية

 

 

عيسى الغساني

قصة أو رمزية الكهف لأفلاطون ظهرت في القرن الرابع قبل الميلاد، تعد من أهم الأعمال التي لها دلالات رمزية، حيث تتعاطى مع واحد من أهم العناصر أو القضايا بشأن تعريف المعرفة وحقيقتها وهل المعرفة تأتي من الذات أم هي عنصر خارجي تشكله الحواس البشرية.

في الكهف، يحكي عدد من الأشخاص يعيشون بداخل الكهف ويرون العالم الخارجي من خلال الظلال التي تنعكس بداخل الكهف على الجدران نتيجة انعكاس أشعة الشمس، وبالتالي تصورهم وفهمهم للعالم الخارجي لا يتعدى الصور التي تنعكس من الخارج إلى داخل الكهف. وعلى هذه الصور تدور كل حياتهم ونقاشهم وتصورهم للواقع، وهكذا استمرت بهم الحياة لوهلة غير يسيرة من الزمن. لكن ذات صباح قرر فرد من المجموعة أن يخرج وبعد صراع مع أفكاره، اندفع خارج الكهف ليتفاجأ بأشعة الشمس التي تسقط على عينيه، ويعجز في البداية عن اخبار عمان. وبعد برهة يتكيف بصرة مع أشعة الشمس وينظر حوله، فيرى عالمًا مختلفًا. نعم كل شيء مختلف السماء، الأرض، الأشجار، الحيوانات، البشر، وهنا يدرك أن كل ما يشاهده في الكهف ليس سوى صور مُشوَّهة للواقع!

وبين الظلام والنور تتجلى الحقيقة، وهنا يشعر من خرج من الكهف بواجب أخلاقي لإخبار الآخرين عن العالم الحقيقي الذي ظهر له، ولكنه يُوَاجه بالسخرية والرفض؛ ذلك أن من بداخل الكهف لا يستطيع أن يتصور حقيقة تختلف عن الظل الذي تعودوا عليه، وبدافع الخوف والانكار يرفضون الخروج من الكهف، بحجة ما يعتقدون بأن المعروف خيرٌ من المجهول؛ فالإنسان عدو ما يجهل.

أسطورة الكهف تُمثِّل زوايا وأبعادا عميقة، إنها دعوة للتفكير النقدي في طبيعة المعرفة، وكيف للإنسان أن ينأى بنفسه ويتحرر من أغلال وقيود الجهل، الكهف يمثل تجليات العالم المادي مقابل عالم الأفكار والمُثُل، حسب ما يراه أفلاطون.

ويرى أفلاطون أن الأشياء تأتي وتذهب، تبرد وتسخن، لذلك هو عالم الأخطاء الكثيرة. لكنه يرى أيضًا أن هناك عالمًا حقيقيًا توجد فيه كل الأشياء الحقيقية التي تتصف بالكمال، ولها مثيلاتها المشابهة لها أو المُستنسَخة منها في عالمنا المحسوس. واعتبر أفلاطون هذا العالم عالم الحقيقية أو المثل. وهذا العالم مستقل عن كل شيء، وغير متأثر بالتغيُّرات التي تحصل للعالم الذي نختبره عن طريق الحواس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *