سارة البريكية

[email protected]

 

تعيش أغلب دول الخليج في مرحلة النضج الاقتصادي وتطور الاقتصاد العالمي والعربي بشكل ملحوظ؛ حيث تزدهر العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول العربية بشكل كبير، وتنمو المجتمعات، وتزيد الفرص الاستثمارية والتجارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنمو العلاقات، ويحدث التكامل الاقتصادي أولًا بين الدول المتقدمة، فتكثر الوظائف وتتاح الفرص للشباب.

غير أننا في سلطنة عُمان، ونحن الدولة العصرية التي تحظى بالكثير من المواسم التي تخلق فرصًا عظيمة للاستثمار، يكاد البعض لا يجد ما ينفقه مع اقتراب نهاية الشهر، وليست المشكلة في الراتب الحكومي، وإنما المشكلة في متطلبات الحياة الاجتماعية والاقتصادية؛ فالحياة ليست على وتيرة واحدة، والأسر تكبر. وفي ظل شُحّ الوظائف أصبح المعيل الوحيد للعائلة يواجه ضغطًا كبيرًا، فبعد أن كبر وتقاعد وأصبح ينتظر من أولاده أن يُعيلوه، بات الأمر مختلفًا؛ حيث لا يزال هو المعيل الوحيد. لذا لا بُد من وقفة صادقة وصريحة، ولا بُد من المسؤولين النظر بعين الاعتبار إلى أن هناك من لا يستطيع أن يتحدث أو تأخذه العِفّة، بينما وجعه يكبر ويكبر.

نحن بحاجةٍ ماسّةٍ إلى الاهتمام، وبحاجةٍ ماسّةٍ للعمل على تحقيق الأهداف المرجوة من مستوى الجودة الشاملة في الحياة اليومية، من خلال توفير بيئة مناسبة للجميع، وتوفير أفضل السبل لتحقيق التنمية المُستدامة وخلق مجتمعٍ حيويٍّ ومُستدامٍ قادرٍ على مواجهة التحديات المستقبلية، وألّا يشعر أحد بأنه أقل من الآخرين أو أنه لا يستطيع الحصول على أبسط الحقوق.

لو تأملنا في فئة الباحثين عن عمل وتفكرنا، لوجدنا أنها الفئة المظلومة في الحياة؛ فأقل الحقوق من حقوق الفرد هو العيش الكريم وعدم سؤال الناس: أعطوه أو منعوه، بينما هذه الفئة مظلومة كثيرًا؛ فهي لا تجد أبسط حقٍّ من حقوقها، ولا يمكنها العيش بهذا المستوى؛ حيث لا دخل، ولا مال، ولا فرص عمل. هذا الوضع يشكل خطرًا كبيرًا وفرصةً كبيرةً لزعزعة استقرار المجتمعات، ووجب علينا التصدي له بكل الطرق، ولا بأس، لكن مَن أكمل 30 عامًا في الخدمة لن يتقاعد ليتم حل ملف الباحثين عن عمل وتوظيف أكبر قدر من الشباب والطاقات الشبابية في مختلف المجالات، ولا بُد من المساواة والعدالة لكي نخرج بمستقبلٍ مشرقٍ وببشرٍ يحبون الحياة والعطاء والعمل.

إن الاستثمار في أبناء الشعب هو أفضل استثمارٍ ممكنٍ لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهم منظومة العطاء والعمل، وهو مشروع ناجح؛ فكل ما تقدمه يعود إليك، وكل ما تنفقه في سبيل العيش الكريم لأبناء هذا الوطن هو أمرٌ عائدٌ للوطن نفسه، فكم من عراقيل ستنتهي إلى الأبد، وكم من حالاتٍ تستحق أن تعيش بكرامة، وكم وكم وكم؟!!

دعوتنا اليوم موجّهة لأصحاب القرار في توفير فرص عملٍ للشباب، فمن هو منتجٌ اليوم سيكون أقل إنتاجًا غدًا، ومن له القدرة على تحمّل المسؤولية اليوم سيكون غدًا أقل قدرةً على ذلك؛ فالعمر له دور، والطموح له دور، وقتل الطموح له دور أيضًا، وسنوات الانتظار لها دورٌ أيضًا، وتوفير فرصٍ للحياة الكريمة لنا جميعًا له دورٌ كبير في خلق مجتمعٍ قادرٍ على رسم مستقبلٍ واعدٍ، وبناء مجتمعٍ متكاملٍ قادرٍ على مواجهة كل الظروف المحيطة به، ومن شأن ذلك هو الأمر الذي جعل الكثير منا يشعر بأنه بلا فائدة أو شخص غير مرغوبٍ فيه في كثيرٍ من الأحيان.

إن الحل ليس بيد وزارة العمل فقط، وإنما هو منظومةٌ متكاملةٌ شاملةٌ، على رأسها رئيسٌ قادرٌ على بناء مجتمعٍ متكاملٍ قادرٍ على مواجهة التحديات التي تواجه القطاع العام والخاص والقطاع التشغيلي والاقتصادي والمالي بشكلٍ أفضل.

شاركها.