عباس المسكري

 

في زمن تتكاثر فيه الأقنعة، وتُشوَّه فيه المفاهيم، بات الوقوف مع المظلوم تهمة، ومناصرة الحق موضع ريبة، وغابت البوصلة الأخلاقية، وتبدّلت المواقف بتبدّل المصالح، حتى أصبح الصمت عن الجريمة فضيلة، والكلام عنها جريمة.

حين دُفن الأبرياء أحياء تحت أنقاض منازلهم، وهُدمت المدارس على رؤوس طلابها، والمستشفيات على أجساد المرضى الجرحى، صمت البعض وتواطأ، أغمضوا أعينهم، وأغلقوا آذانهم، كأن شيئًا لم يكن،

وحين ارتفع صوتٌ يدين المجازر، ويناصر المقاومة، سارعوا إلى وصمه، إخواني متعصّب دمّر البلدان، أو ذنب من أذناب الفرس الساعين للتمدد بأجنداتهم.

فبأي ميزان تُقاس المبادئ؟ وعلى أي منطق يُختزل الحق؟ فإن كان من ينصر المظلوم يوصف بأنه ذَنَب، أفلا يحق له، على نفس القاعدة، أن يصف من يبرّر للقاتل أو يصمت عنه بأنه حذاء في قدم الصهاينة؟

ليس الدفاع عن الحق امتدادًا لحزب، ولا مقاومة الظلم خضوعًا لأجندة، إنما هو موقف، لا يعرفه المتلونون، ولا يفهمه من استبدلوا المبادئ بالحسابات، فالصوت الذي يعلو مع الحق، سيبقى شاهداً على إنسانية لا تموت، ولو اجتمع العالم على تخوينه.

شاركها.