اخبار عمان

بسبب شرط التطبيع مع إسرائيل.. السعودية لن تُبرم “معاهدة دفاع مشترك” مع أمريكا

 

◄  معاهدة الدفاع المقترحة بين أمريكا والسعودية تتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي

◄  الموافقة مشروطة باعتراف السعودية بإسرائيل

◄  الرياض تريد أن تلتزم إسرائيل أولًا بإقامة دولة فلسطينية

◄  السعودية تختار في المقابل اتفاقية عسكرية محدودة مع أمريكا

◄  الاتفاقية من شأنها توسيع التدريبات العسكرية المشتركة

◄  الاتفاقية ستؤدي إلى تعزيز الشراكات بين شركات الدفاع الأمريكية والسعودية

الرياض رويترز

قال مسؤولان سعوديان وأربعة مسؤولين غربيين لوكالة رويترز إن السعودية تخلت عن مساعيها لإبرام معاهدة دفاعية طموحة مع الولايات المتحدة مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتريد الآن اتفاقا محدودًا للتعاون العسكري.

وخففت السعودية من موقفها بشأن إقامة دولة فلسطينية في مسعى لإبرام معاهدة أمنية ثنائية واسعة النطاق في وقت سابق من العام، وأبلغت الولايات المتحدة إنها قد تكتفي بالتزام إسرائيل علنًا بحل الدولتين من أجل تطبيع العلاقات.

لكنَّ مصدرين سعوديين وثلاثة مصادر غربية قالت إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جعل الاعتراف بإسرائيل مشروطًا باتخاذها خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية مع تصاعد الغضب الشعبي في المملكة والشرق الأوسط بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

وقال دبلوماسيون غربيون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال حريصا على التطبيع مع السعودية باعتباره إنجازًا تاريخيًا وعلامة على زيادة القبول في العالم العربي. وأضافوا أن نتنياهو يواجه معارضة ساحقة في الداخل لأي تنازلات للفلسطينيين بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر 2023، ويعلم أن أي بادرة في اتجاه إقامة دولة من شأنها أن تؤدي إلى تفتيت ائتلافه الحاكم.

وقالت المصادر إن الرياض وواشنطن تأملان في إبرام اتفاقية دفاعية أكثر تواضعًا قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض في يناير.

وقالت المصادر الستة إن المعاهدة الأمريكية السعودية الكاملة ستحتاج إلى تصديق مجلس الشيوخ الأمريكي عليها بأغلبية الثلثين، وهو ما لن يكون ممكنًا ما لم تعترف الرياض بإسرائيل.

وتتضمن الاتفاقية، التي يجري مناقشتها حاليًا، توسيع التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة لمواجهة التهديدات الإقليمية، وخاصة من إيران. وقالت المصادر إن الاتفاقية ستعزز الشراكات بين شركات الدفاع الأمريكية والسعودية مع ضمانات لمنع التعاون مع الصين.

وستعزز الاتفاقية الاستثمارات السعودية في التقنيات المتقدمة، وخاصة أنظمة التصدي للطائرات المسيرة. وستزيد الولايات المتحدة من وجودها في الرياض من خلال التدريبات والدعم اللوجستي والأمن السيبراني، وقد تنشر كتيبة صواريخ باتريوت لتعزيز الدفاع الصاروخي والردع المتكامل.

لكنها لن ترقى إلى معاهدة ملزمة للدفاع المشترك تلزم القوات الأمريكية بحماية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في حال تعرضها لهجوم أجنبي.

وقال عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض “ستحصل السعودية على اتفاق أمني يسمح بمزيد من التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأمريكية، ولكن ليس معاهدة دفاعية مماثلة للمعاهدة مع اليابان أو كوريا الجنوبية كما كان المسعى في البداية”.

* معضلة ترامب

لكن الصورة تتزايد تعقيدًا بسبب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وتستبعد خطة ترامب لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أي بنود عن دولة أو سيادة فلسطينية لكن الرئيس المنتخب حليف وثيق لولي العهد السعودي.

ويخشى مسؤولون فلسطينيون وبعض المسؤولين العرب من احتمال أن يتمكن ترامب وصهره جاريد كوشنر، مهندس “صفقة القرن” وهو حليف وثيق أيضا لولي العهد، من إقناعه في نهاية المطاف بدعم الخطة.

وقال دبلوماسيون إن الطريقة التي يوفق بها ولي العهد بين أولويات السعودية وبين المشهد الدبلوماسي المتغير ستكون محورية وستحدد ملامح زعامته ومستقبل عملية السلام.

ولم يفارق الأمل الإدارة الأمريكية الحالية في التوصل إلى اتفاق بشأن الضمانات الأمنية قبل مغادرة بايدن منصبه في يناير، لكن لا تزال هناك عقبات كثيرة. وقال مصدر مطلع في واشنطن إن هناك ما يدعو للتشكك في أن هناك وقتا كافيا للتوصل إلى اتفاق.

وقال المصدر إن المسؤولين الأمريكيين يدركون أن المملكة لا تزال مهتمة بالتأكد رسميا من الضمانات التي تسعى إليها وخاصة الحصول على أسلحة أكثر تقدما، لكنهم غير متأكدين ما إذا كانت تفضل تنفيذ ذلك في ظل قيادة بايدن أو انتظار ترامب.

وذكر المسؤول الأمريكي “نواصل المناقشات ونبذل جهودا على أصعدة مختلفة” مع السعوديين.

ورفض مجلس الأمن القومي الأمريكي التعليق حين سُئل عن الجهود التي تستهدف التوصل إلى اتفاق يقوم علي توفير ضمانات أمنية للسعودية.

ورفض مكتب نتنياهو التعليق حين سُئل عن الموقف السعودي من إقامة دولة فلسطينية.

وقد تعيد معاهدة دفاع تمنح السعودية حماية عسكرية أمريكية مقابل الاعتراف بإسرائيل تشكيل الشرق الأوسط بالتقريب بين عدوين لدودين وربط الرياض بواشنطن في وقت تعزز فيه الصين علاقاتها بالمنطقة.

ويسمح ذلك للمملكة بتعزيز أمنها ودرء تهديدات إيران وحلفائها الحوثيين في اليمن لتجنب تكرار ضربات 2019 على منشآت النفط السعودية التي ألقت الرياض وواشنطن مسؤوليتها على طهران. ونفت إيران ضلوعها بأي دور.

وقال مسؤول سعودي بارز إن المعاهدة اكتملت بنسبة 95 بالمئة، لكن الرياض اختارت مناقشة اتفاق بديل لأنه لا يمكن تنفيذها بغير تطبيع مع إسرائيل.

وقال اثنان من المصادر إنه اعتمادا على الصيغة، يمكن الموافقة على اتفاقية تعاون مصغرة دون عرضها على الكونجرس قبل مغادرة بايدن منصبه.

وهناك عقبات أخرى في المفاوضات الرامية للتوصل إلى معاهدة دفاع مشترك.

وقالت المصادر الستة إنه، على سبيل المثال، لم يتحقق تقدم في محادثات التعاون النووي المدني لأن السعودية رفضت التوقيع على ما يسمى باتفاقية 123 مع الولايات المتحدة لأنها تحرم الرياض من حق التخصيب النووي.

وقال مصدر سعودي قريب من المحادثات لرويترز إن الاعتراضات السعودية على المواد المتعلقة بحقوق الإنسان اتضح أنها ساحة أخرى للخلاف.

“الجائزة الكبرى”

وفي حين تؤيد القيادة السعودية بقوة إقامة دولة فلسطينية، يقول دبلوماسيون إنه لا يزال من غير المؤكد كيف سيستجيب ولي العهد إذا أعاد ترامب إحياء الصفقة التي طرحها في عام 2020 لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتمثل الخطة تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية والاتفاقيات الدولية من خلال الانحياز الواضح لإسرائيل والابتعاد تمامًا عن مبدأ “الأرض مقابل السلام” القائم منذ أمد طويل والذي كانت المفاوضات تسترشد به تاريخيًا.

وستسمح الخطة لإسرائيل بضم مساحات كبيرة من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن. كما تعترف بالقدس “عاصمة موحدة لإسرائيل”، وهو ما ينهي فعليًا مطالب الفلسطينيين بالقدس الشرقية عاصمة لهم، وهي مطالب جوهرية للفلسطينيين ضمن مساعيهم لإقامة دولة، كما تتفق مع قرارات الأمم المتحدة.

ومن خلال إضفاء الشرعية على عمليات الضم الإسرائيلية، ينظر كثيرون إلى خطة ترامب على أنها ضربة قاسية لحل الدولتين والآمال الفلسطينية في إقامة دولة.

ويؤكد المسؤولون السعوديون أن إقامة دولة فلسطينية وفقًا للاتفاقيات الدولية السابقة، تكون عاصمتها القدس الشرقية، يظل شرطًا أساسيًا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة في الأمد الطويل.

وبدون ذلك، يقولون إن دائرة العنف ستستمر في تهديد أي علاقات طبيعية.

وقال مسؤول سعودي كبير “كيف يمكننا أن نتخيل منطقة متكاملة إذا تجاهلنا القضية الفلسطينية؟ لا يمكن حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير”.

وفي بعض من أشد الانتقادات لإسرائيل منذ اندلاع حرب غزة، وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها “إبادة جماعية” في خطابه أمام القمة العربية الإسلامية في الرياض هذا الشهر.

ومع ذلك، يرى دبلوماسيون أنه قد تتم إعادة النظر في إمكانية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل في المستقبل، ربما بعد أن تستقر الأوضاع عقب حرب غزة وربما مع حكومة إسرائيلية مختلفة.

وقال فواز جرجس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إن ترامب سيستغل كل السبل الممكنة لتحقيق التطبيع التاريخي بين المملكة وإسرائيل. وأضاف “بالنسبة لترامب فإن السعودية هي الجائزة الكبرى”.

وتابع “فيما يتعلق بكيفية حدوث التطبيع على الرغم من إصرار القادة السعوديين الدائم على أنهم لن يعترفوا بإسرائيل حتى يتم تحديد مسار حقيقي لدولة فلسطينية، يمكن لترامب أن يعد بوقف إطلاق النار في غزة مقابل التطبيع وأن يقدم وعدًا مبدئيًا بدعم إقامة دولة فلسطينية، دون إلزام إسرائيل بتقديم أي تنازلات حقيقية للفلسطينيين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *